الرئيس التركي يقود حربا ضروسا ضد معارضيه باسم تجفيف منابع الانقلابيين تتسارع التطورات بتركيا في اتجاه يهدد بحرب شاملة لدولة رجب طيب أردوغان، ضد معارضيه في ما اصطلح عليه بالكيان الموازي، والذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة. وإذا كان الجميع قد عبر عن مساندته للحكومة التركية في مواجهة الانقلاب الفاشل باعتباره يهدد الشرعية، فإن الحملة الواسعة من الاعتقالات والملاحقات وقرارات العزل التي شملت الآلاف من رجال التعليم والقضاء والعسكريين، بتهمة دعم الانقلابيين، وفرض حالة الطوارئ، والتهديد بعودة العمل بأحكام الإعدام، باتت تثير قلق المنتظم الدولي، وتضع أنقرة في مواجهة انتقادات الاتحاد الأوربي. أردوغان يقسم إخوان بنكيران: الذراع الدعوي يرفض إدانة الاعتقالات ويساوي بين الانقلاب وأحداث 16 ماي قسمت تداعيات الانقلاب العسكري في تركيا إخوان عبد الإله بنكيران، ففي الوقت الذي عبرت فيه الحكومة التي يتزعمها "بيجيدي" عن قلق متزايد حيال اتساع دائرة الاعتقالات في أنقرة، ذهب عبد الرحيم الشيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي للنسخة المغربية من العدالة والتنمية، في دفاعه عن أردوغان حد المقارنة بين ما تقوم به السلطات التركية والاعتقالات التي أعقبت أحداث 16 ماي الإرهابية بالبيضاء. وذكر الشيخي في كلمة تحت عنوان "الاختيار الديمقراطي " بالموقف من الأخطاء والتجاوزات التي تلت أحداث 16 ماي 2003 والتوسع في استغلالها لتصفية الحسابات مع من لم يكن لهم أي دور أو مسؤولية فيها، مسجلا أن "بعد كل حدث إجرامي هنا أو هناك ننتقد تجاوزات وتصريحات مسؤولين أو فاعلين في مختلف الدول من الذين يسعون لتحميل المسؤولية لجميع المسلمين ولدينهم عوض الاقتصار على المتورطين في الأحداث". وأوضح الشيخي، أول أمس (السبت)، على صفحته بـ"فيسبوك"، أن الاختيار الديمقراطي أصبح من الثوابت الجامعة الأربعة التي تستند إليها الأمة المغربية في حياتها العامة بعد اعتماد دستور 2011، مشددا على ضرورة السعي جميعا، دولة و أحزابا سياسية ومنظمات مدنية وفاعلين في مختلف المجالات، إلى تمثل مقتضيات هذا الاختيار والعمل على ترسيخه من أجل "دمقرطة الدولة والمجتمع". من جهته قال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، بعد مجلس للحكومة بحر الأسبوع الماضي، إن الحكومة "تعبر عن قلقها إزاء المسار الذي اتخذته الأحداث خصوصا حملة الاعتقالات في صفوف الأساتذة والقضاة”، داعية نظيرتها التركية إلى احترام الوحدة والتماسك في هذا البلد الإسلامي، وإنها" ترفض المس بوحدته وتتابع تطور الأحداث فيه". ولم تصمد وحدة إخوان بنكيران في دعم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خاصة بعد الإعلان عن توقيف 11 ألفا و160 شخصا، وحبس أربعة آلاف و704 آخرين، في تحقيقات تجريها النيابات العامة التركية في كافة الولايات، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد. وجاء ذلك في خطاب ألقاه الرئيس التركي، عبر الهاتف، لعدد من المتظاهرين الرافضين للمحاولة الانقلابية، تجمعوا في أحد الميادين بولاية سكاريا غرب تركيا، ذكر فيه، حسب ما أوردته وكالة الأناضول التركية، أن من بين الموقوفين والمحبوسين 167 شرطيا، وألفين و878 عسكريا، و1552 قاضيا ومدعيا عاما، و14 من أصحاب السلطات المدنية، و93 مدنيا. وأوضح أردوغان أن "إعلان حالة الطوارئ، مساء الأربعاء الماضي، في تركيا، لا يعني، عدم تجوال الشعب، بل على العكس، نحن نفتح المجال أمام المواطنين، للتجمع في الميادين"، مسجلا أنه "في ما مضى عندما تعلن حالة الطوارئ، كان الناس يهرعون إلى الأسواق من أجل شراء المؤن الغذائية وتخزينها، أما الآن فلا يوجد أي شيء من هذا القبيل، فالمواطنون يهرعون إلى الميادين من أجل التظاهر"، وأن "قانون الطوارئ في تركيا سيسرع من إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، وعودة القضاء إلى أداء وظيفته الطبيعية"، مجددا دعوته المواطنين، لعدم ترك الميادين، حتى إبلاغهم بذلك. ياسين قُطيب "تسونامي"الاعتقالات بلغت حصيلة "تسونامي" الاعتقالات والإقالات بتركيا 50 ألف شخص في مختلف الجهات والمؤسسات الرسمية في الدولة، عقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشل الجمعة قبل الماضيـــــــــــــــــة. واعتقلت قوات الأمن أكثر من 6038 عسكريا برتب مختلفة، و118 جنرالا وأدميرالا في الجيش التركي، إضافة إلى إدراج 2745 قاضيا ومدعيا عاما على قائمة المطلوبين للاعتقال. كما اعتقل 650 مدنيا، وعزل 8777 من المسؤولين في وزارة الداخلية التركية من مناصبهم بعد ثبوت تورطهم فى الانقلاب، بالإضافة إلى إقالة 30 حاكما إقليميا من مناصبهم، و52 مفتشا مدنيا. وألغت تركيا رخصة 21 ألف مدرس في مؤسسات تعليمية خاصة، بجانب توقيف 15 ألفا و200 من الموظفين فى وزارة التعليم عن العمل وإخضاعهم للتحقيق، وتوقيف 370 موظفا عن العمل فى هيأة للإذاعة والتلفزيون، ومطالبة 1577 عميدا بمؤسسات تعليمية عليا بالاستقالة. وتصف الحكومة التركية جماعة غولن، المقيم في الولايات المتحدة بـ"الكيان الموازي"، وتتهمه بالتغلغل في سلكي الشرطة والقضاء، والوقوف وراء حملة الاعتقالات التي شهدتها تركيا في 17 شتنبر 2013، بذريعة مكافحة الفساد، وطالت أربعة وزراء ورجال أعمال مقربين من الحكومة التركية، بما في ذلك ابن رئيس الحكومة حينها رئيس الجمهورية الحالي، رجب طيب أردوغان، وقد أخلي سبيلهم لاحقا بعد قرار المحكمة المعنية بإسقاط تهم الفساد عنهم. وأثار "تسونامي" الاعتقالات بتركيا موجة انتقادات في صفوف حقوقيين وإعلاميين وجهات رسمية في دول أوربا وآسيا وأمريكا، واعتبرتها حملة عشوائية للانتقام سيذكي مشاعر الحقد والكراهية في البلد. وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن حملة الاعتقالات التي يشنها نظام رجب طيب أردوغان ضد الصحافيين تلحق الضرر بحرية الإعلام وبحرية التعبير. وأوضحت ايما سنكلير ويب من كبار الباحثين بشأن تركيا في "هيومن رايتس ووتش" أن توقيت هذه الاعتقالات ومحدودية الأدلة التي تم كشفها للعامة يشيران إلى أن هذه الاعتقالات ذات دوافع سياسية ولا تستند إلى اشتباه منطقي بارتكاب جريمة جنائية، مشيرة إلى أن وسائل الإعلام التركية أضحت مرة أخرى هدفا في المعركة السياسية التي يشنها أردوغان ضد حلفائه السابقين الموالين لخصمه السياسي فتح الله غولن. ولفتت سنكلير ويب إلى أن اعتقال الصحافيين في ذكرى اكتشاف فضيحة الفساد التي تورط بها أردوغان ومقربون منه يدل على وجود محاولة لتشويه صورة وسائل الإعلام وترهيبها. وشددت سنكلير ويب على أن حملة الاعتقالات تهدف إلى إسكات وسائل الإعلام الناقدة لحكومة أردوغان موضحة أن "توقيت هذه العملية يأتي بعد ثلاث سنوات من تفجر فضيحة الفساد في 17 شتنبر 2013. يوسف الساكت