المغرب شوكة في حلق التنظيمات الإرهابية

الخيام كشف لـ»الصباح» حصيلة سنة من العمليات الأمنية لـ ״بسيج״ ودوره في مكافحة الظاهرة كشف عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الإنجازات التي حققها الذراع القضائي للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، خلال سنة. وقال مدير المكتب إن الجهاز نجح في تفكيك 29 خلية إرهابية كانت تستهدف أمن الوطن والمواطنين، ونجح في الحد من تهديدات الأنشطة الإرهابية داخل المغرب، من خلال اعتماده مقاربة أمنية استباقية جعلت المغرب عصيا على التنظيمات الإرهابية العالمية.وتحدث مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أنه جرى حجز أسلحة نارية لدى خلايا إرهابية تم تفكيكها، وتوصلت التحقيقات إلى أن الأسلحة وصلت إليهما عبر الجزائر أو عن طريق المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية ثم هناك أسلحة دخلت من ليبيا عبر تندوف. < بشأن الوضع الأمني في البلاد وعلى ضوء تفكيك الخلايا الإرهابية، ما هي درجة الخطر؟< الخطر سيظل قائما، لأن الموقع الجيوإستراتيجي للمغرب ووجوده في مناطق بها بؤر التوتر، جنوب الجزائر في تندوف وليبيا ومنطقة الساحل، وتحرك أفراد المنظمة الإرهابية "داعش"، وغياب التنسيق الأمني مع الجزائر والوضعية الهشة في مخيمات تندوف تجعل المغرب في حالة حذر.يقوم المغرب في إطار السياسة الاستباقية بتفكيك الخلايا الإرهابية، ورغم الخطر يمكن القول إن المصالح الأمنية متحكمة في الوضع، وفق مقاربة ثلاثية شاملة تأخذ بعين الاعتبار المجال الديني والاجتماعي والأمني. < يشتغل المكتب المركزي داخليا وخارجيا في مجال محاربة الإرهاب، هل يجري التنسيق مع باقي الأجهزة الاستخباراتية المغربية، وأقصد هنا جهاز المخابرات الخارجية (لادجيد)؟< قوة الدولة المغربية، أن هناك تنسيقا بين مختلف الأجهزة الأمنية، بمعنى أنه ليس هناك احتكار للمعلومة أو تنازع حولها بين الأجهزة، فعمل المؤسسة الأمنية بالمغرب يقوم على التنسيق والتعاون. لا نزاع بين المصالح الأمنية لأن ذلك يخدم الإرهاب والإرهابيين. يتم التنسيق بين جميع الأجهزة الأمنية على مستوى الإدارات الأمنية، وقد كان لتعيين السيد المدير العام لمراقبة التراب الوطني مديرا للأمن الوطني أثر على فعالية ونجاعة العمليات الأمنية الاستباقية ضد الإرهاب والجريمة عموما، وهو توجه يعكس الحكامة التي عبر عنها جلالة الملك من أجل المزيد من التنسيق، كما يشمل هذا التنسيق إدارة (لادجيد) والدرك الملكي ومصالح وزارة الداخلية في مجال الأمن والاستعلام. هذه حقيقة يعكسها تفكيك بعض المنظمات الإجرامية التي لها امتداد خارج التراب الوطني، ما يفيد أن هناك تنسيقا تاما بين مختلف مكونات المؤسسة الأمنية في بلادنا. < حجز أسلحة بات يتكرر، هل يتعلق الأمر بخلل أمني؟< فعلا اتخذت مجموعة إجراءات لعدم تكرار حوادث إدخال أسلحة إلى المغرب، أظن أن المصالح الأمنية فهمت ما وقع، خاصة أن الأسلحة دخلت إلى التراب الوطني، وبعضها حجز في الجديدة لدى خلية إرهابية، هناك إجراءات تروم تأهيل المصالح البشرية في الحدود ومدها بالإمكانيات واللوجيستيك في مجال المراقبة، وهناك دورات تحسيس بخطورة الأمر. < يعتبر البعض أن توالي الإعلان عن تفكيك خلايا إرهابية فيه تضخيم، كيف تردون؟< من يقول إن تفكيك الخلايا الإرهابية فيه تضخيم، فهذا لا يعلم جيدا خطورة التهديدات التي تحدق بالمغاربة. ويكفي من يشكك في هذه المخاطر أن يرى ما يجري في بلدان قريبة منا. في أوربا تابع الجميع كيف أن الإرهاب وصل إلى عمق عواصمها. ولن ننتظر أن ينفذ الإرهابيون مخططاتهم الإجرامية لأجل التحرك، إننا نشتغل وفق مقاربة استباقية تجنب الوطن والمواطنين هذه الأفعال الإجرامية، ونسعى بقدر الإمكان إلى الاستفادة من أخطاء الآخرين في التعاطي مع الظاهرة ببلادنا.المقاربة الأمنية التي نعتمدها اليوم نموذجية، وتعتبرها الكثير من البلدان ناجعة وتريد الاستفادة منها ومن الخبرات التي باتت تتوفر لدى المؤسسة الأمنية، في مجال مكافحة الإرهاب. أقول للمشككين، إنه لو كان القانون يسمح لهم بحضور جلسات التحقيقات مع المشتبه فيهم، لسمحنا لهم بالحضور والمتابعة حتى يتأكدوا من حقيقة المخاطر التي كان يعد لها الإرهابيون أعضاء الخلايا التي يتم تفكيكها، فالإرهاب حقيقة لا يمكن إنكارها أو التشكيك فيها. نحن نكتفي بإشعار الرأي العام بهذه التهديدات وجعله يحس بأن السلطات الأمنية تقوم بواجبها، لكن مع ذلك وجب على المواطنين الحيطة والحذر. < ألا يثير الإخبار الدوري عن الخلايا الإرهابية، إحساسا باللاأمن لدى المواطن؟< يكفي أن يرجع المرء إلى وضعه الاستراتيجي، ويتابع ما يقع في تونس وليبيا وجنوب الجزائر، التي تعالج قضايا الإرهاب بمقاربة عسكرية بينما نعتمد في المغرب مقاربة قانونية وقضائية. إن من يتتبع هذا المحيط المتوتر حولنا يعي خطورة الإرهاب الذي يهدد بلادنا. بالنسبة إلى مسألة الإحساس باللاأمن، أظن أن الهدف من الإخبار والإشعار بتفكيك خلايا إرهابية هو خلق حالة من اليقظة في صفوف المواطنين، وفي الوقت نفسه طمأنتهم بوجود جهاز أمني قادر على حمايتهم، وهذا من شأنه أن يخلق إحساسا بالأمن وليس العكس.نفضل عمليات التحسيس والإخبار لإشراك المواطن في أهمية العمل الذي نقوم به. في اعتقادي أن المغرب يشكل اليوم شوكة في حلق المنظمات الإرهابية بالنظر إلى العمليات الأمنية الاستباقية التي نقوم بها، والتي تفشل جميع المخططات الإرهابية لهذه المنظمات ولأفرادها. وبالتالي لا بد أنها ستبحث عن استهدافنا. لا يجب أن نقع في التهويل، رغم أن المخاطر قائمة فعلا. في المغرب هناك قوانين وتشريعات تمنع الانتقال إلى بؤر التوتر أو الإشادة بالهمجية الإرهابية. وهذا ما بدأت تنتبه إليه بلدان أوربية لاحظت أن شبابها يتطرفون تدريجيا ثم يسافرون إلى بؤر التوتر ويعودون لاستهداف أمن بلدان نشؤوا فيها. هذه الظاهرة بدأت تفرض عليها التفكير في مراجعة قوانينها واستراتيجياتهما في مجال التعاطي مع الظاهرة. < في إطار العلاقة بين الأمن والمواطن، هل هناك تعاون في مجال مكافحة الإرهاب؟< المواطن المغربي لديه إحساس بأن أمنه هو رأسماله، والمغاربة واعون بأهمية الأمن والأمان في بلادهم، وعلى العموم فإن أقلية فقط من يتم التغرير بها وتتبع الدعاية التي يروج لها الإرهابيون. وصفة النجاح المكتب المركزي للأبحاث القضائية، ذرع قضائي لجهاز استخباراتي. في التجربة المغربية الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الإرهاب مقاربة شاملة، تعتمد على سياسات اجتماعية ودينية وأمنية. أود التأكيد على الدور الذي تلعبه إمارة المؤمنين في صيانة دين المغاربة وعقيدتهم من كل تطرف. طبعا، تمت تقوية الجهاز الأمني للقيام بوظيفته وسنت تشريعات قانونية قادرة على مواكبة الجريمة وهي قوانين جاءت في وقتها، سواء قانون مكافحة الإرهاب أو التعديلات التي تلت إقراره.لا يجب أن نغفل أنه في الجانب الديني، هناك مؤسسة إمارة المؤمنين التي أشرفت على تنظيم الحقل الديني، وتكوين العلماء والمرشدين والمرشدات لمواجهة التطرف، بالإضافة إلى أن المذهب المالكي السني للمغرب يجعل المجتمع قادرا على لفظ كل الأمور التي تخرج عن عقيدته.إذن، إستراتيجية محاربة الظاهرة الإرهابية تتم وفق المقاربة الأمنية، لكن دون أن ننسى الدينامية الاقتصادية التي أطلقها المغرب من أجل محاربة الفوارق الاجتماعية، وتأهيل الحقل الديني ليلعب دوره في هذه الحرب على التطرف. نصيحتنا لباقي الدول < ما هي خصائص التعاون الأمني للمكتب المركزي مع باقي الدول؟< تعاون استخباراتي أمني وتعاون قضائي. جميع الدول أدركت أنها ليست في منأى عن الإرهاب، وقدمت عدة دول طلبات من أجل الاستفادة من التجربة المغربية في المملكة الشريفة. نصيحتنا لهم، أن يراجعوا قوانينهم لتكون قادرة على مواجهة المخاطر الأمنية الجديدة، وتتبع مسارات الإرهابيين أثناء انتقالهم إلى بؤر التوتر وأثناء عودتهم إلى بلدانهم الأصلية. يجب أيضا، مراقبة بعض دور العبادة التي يتم استغلالها في نشر أفكار متطرفة، لقطع الطريق على الفتاوى التي تخرج منها. وهذا جوهر العمل الاستباقي الذي يقي البلدان من التهديدات الإرهابية. بالمقابل، يجب على الدول أن تتفادى نهج سياسة الإقصاء والاهتمام بذوي الأوضاع الهشة وتسهيل اندماجهم في المجتمع بصفتهم أقلية مسلمة، يجب على بلدان أوربا أن تراجع سياسات الإدماج للجاليات المسلمة.هناك خطر آخر، يتمثل في السجون التي يجري بداخلها استقطاب بعض الفئات من طرف متطرفين. داخل هذه السجون يسهل استقطاب أشخاص يلجون السجن أحيانا بجرائم الحق العام، ثم يغادرونه وقد جرى استقطابهم بتفسيرات دينية مغالية ولا علاقة لها بقيم الدين الإسلامي السمح. لا يجب أن يتحول السجن إلى فضاء لتكوين المتطرفين. الخلايا الإرهابية بالمغرب نوعان هناك نوعان من الخلايا الإرهابية التي يتم تفكيكها من قبل المصالح الأمنية. خلايا تكون مهمتها تجنيد واستقطاب الشباب لفائدة التنظيمات الإرهابية في بؤر التوتر، هذه الفئة يكون فيها الاستقطاب والتجنيد والتهجير. وهناك نوع ثانيا من الخلايا كانت تعتزم القيام بعمليات إرهابية داخل الوطن، ولدى هذه المجموعات تم حجز الأسلحة والمواد المخصصة لصناعة المتفجرات، بتعليمات من قادة منظمات إرهابية دولية. خلال التحقيقات اتضح حيازة خلايا إرهابية لأسلحة نارية، كان مصدر دخولها الجزائر أو عبر المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية ثم هناك أسلحة دخلت من ليبيا عبر تندوف. إجراءات منع تسلل الأسلحة من الناحية القانونية يعاقب المشرع المغربي بشكل صارم تهريب الأسلحة أو حيازتها لأغراض إجرامية أو بدون ترخيص. لكن هنا أيضا، تسجل يقظة المصالح الأمنية في الحدود خاصة مع الجزائر. وبالنظر إلى وضعية النزاع مع الأشقاء في الجزائر فإن المغرب يتخذ جميع التدابير لمراقبة الحدود.نعم هناك خطورة كبيرة قائمة من الحدود مع الجزائر، بسبب انعدام التعاون الأمني من الطرف الآخر. تنشط الشبكات الإرهابية عادة في المناطق التي يكون فيها نزاع وغياب تنسيق. وهذا ما وقع في أفغانستان والعراق وفي مناطق الربيع العربي، خاصة سوريا وليبيا، وبالتالي يكون سهلا على المنظمات الإرهابية السيطرة عليها.الجزائر لا تريد أن تفهم أن وجود عصابة انفصاليين تحتجز عددا كبيرا من المغاربة في المخيمات، في أوضاع هشة ولا إنسانية تسهل على المنظمات الإرهابية تجنيد مقاتلين من داخل المخيمات، وهذا ما حدث فعلا وكشفت حقيقته تقارير أمنية دولية، تحدثت عن وجود أفراد من داخل مخيمات بوليساريو على رأس تنظيمات إرهابية كما هو الشأن بالنسبة إلى "حركة المرابطين" التي يقودها شخص يتحدر من المخيمات، وأيضا حركة المختار بلمختار (الموقعون بالدم)، وهي كلها تنظيمات إرهابية تتغذى من وضعية اليأس والاحتقان داخل مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر.بعض الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها كشفت أن متطرفين كونوا خلايا من انفصاليين داخل المغرب، بمعنى أن التنسيق جار بين تندوف وبعض الأفراد لأجل زعزعة استقرار البلاد، وجرى استقطابهم بسهولة. أعتقد أن تمادي الجزائر في اللامنطق سيكون خطرا عليها أولا قبلنا نحن. أجرى الحوار: الصديق بوكزول وإحسان الحافيظي - تصوير (أحمد جرفي)

المغرب شوكة في حلق التنظيمات الإرهابية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ساجد لبنكيران: "لي طلع دابا ينزل"

الجامعة تؤجل تسليم ملعبين بالهواة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات