تسوية المنازعات الاستثمارية… الوسائل البديلة أولا

المتدخلون في ندوة ״حماية الاستثمارات العربية״شددوا على أهمية التحكيم وتحيين القوانين لتحسين بيئة الأعمال اجتمع محامون وقضاة وقانونيون مغاربة وعرب طيلة يومين بالبيضاء، من أجل مناقشة مشاكل حماية الاستثمارات العربية بالمغرب، في ندوة حملت عنوان «المنازعات الاستثمارية في البلدان العربية وآلية تسويتها»، نظمتها المحكمة التجارية ونقابة هيأة المحامين والمجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالبيضاء. وتركزت التدخلات خلال الندوة التي احتضنتها المحكمة المذكورة، على نقط ساخنة في الترسانة القانونية المغربية ذات الصلة بالاستثمار، تحديدا مدونة التجارة ومساطر التحكيم والوسائل البديلة لحل المنازعات. كما شكل اللقاء العلمي مناسبة للتطرق إلى أوجه الفراغ التشريعي والإجرائي، الذي يعيق عجلة الاستثمار، والمستجدات القانونية والمنجزات التي طبعت الفترة الماضية، في سياق معالجة مشاكل الاستثمار. فتحت ندوة «المنازعات الاستثمارية في البلدان العربية وآليات تسويتها» باب النقاش حول دور المنظومة القضائية في حماية الاستثمارات، في الوقت الذي يصارع المغرب لتحسين تصنيفه العالمي في مؤشر الأعمال الدولي «دوينغ بيزنس»، ولا يدخر جهدا في هذا الشأن، من أجل تحسين جاذبية المملكة، عبر ملاءمة ترسانته القانونية لمستجدات عالم المال والأعمال، خصوصا ما يتعلق بتعزيز دور التحكيم والوسائل البديلة لحل المنازعات، على غرار تجارب الدول المتقدمة بهذا الخصوص، علما أن مؤشر العدالة أصبح يكتسي أهمية بالغة ضمن التصنيف المذكور، وهو الأمر الذي لم يغفل المتدخلون الإشارة إليه خلال مجمل مساهماتهم، التي حظيت بمتابعة جادة من قبل القانونيين العرب الحاضرين، علما أن موضوع الندوة فرضته حسب القائمين عليها، معطيات تتسم بالجدة، وتتعلق بشكل أساسي بتنامي حجم الاستثمارات العربية بالمغرب، وتطور مستوى التبادل التجاري والمالي بين الفاعلين المغاربة ونظرائهم العرب، تحديدا دول مجلس التعاون الخليجي.وبهذا الخصوص، أكد عبد الواحد صفوري، رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء، أن محكمة الاستثمار العربية تضمنت في نصوصها ضمانات وحماية للمستثمرين، ذلك أنها ربطت حرية انتقال الرساميل العربية بين الدول، موضحا أنها تتكون من دوائر، وكل دائرة تضم ثلاثة قضاة ومفوض تسند له دراسة الملفات وتجهيزها، إلا أنه لا يشارك الهيأة في مداولة، مشيرا في سياق استعراضه اختصاصات هذه المحكمة في فض المنازعات الاستثمارية بالدول العربية، إلى انتقال رأس المال من بلد إلى آخر لا يخضع للضرائب أو الحجز أو التصفية، ما يتعارض مع القانون المغربي، تحديدا مدونة التجارة، «لأن إطارنا التشريعي يسمح لرئيس المقاولة بالتقدم بطلب فتح مسطرة التصفية، ويمكن لأي دائن حسب طبيعة دينه، أن يتقدم بالطلب ذاته، وبالتالي فهناك تعارض بين النص الداخلي والاتفاقية». وأضاف صفوري، أن الاتفاقية الدولية تسمو على القوانين الداخلية، وبالتالي لا يخضع المستثمر في البلد العربي، الموقع على اتفاقية عمان 1980، لصعوبة المقاولة والضرائب، ما عدا المصاريف التي تتطلبها البنوك، ولا يخضع أيضا، للنزع أو الحل أو التصفية، إلا أن ما يعاب على أحكام محكمة الاستثمار العربية، أنها نهائية وملزمة، ولا تتوفر على درجات تقاض أخرى (محكمة استئناف)، وإنما حكم نهائي ملزم، نفد في الدولة التي صدر ضدها، دون الحاجة إلى تذييله بالصيغة التنفيذية، لكن بالمقابل أعطت الاتفاقية المحدثة للمحكمة المذكورة، للشخص إمكانية التقدم بملتمس إعادة النظر، إذا كانت هناك اختلالات خطيرة، وفق الفصل 25 من الاتفاقية، وهو ما يعيب عليه الجانب المغربي، خصوصا ما يتعلق بآجال سنة من تاريخ اكتشافه وخمس سنوات لتقديم الملتمس، موضحا أنه تم التقدم بطلب تعديل في هذا الشأن، يهم تقليص هذه الآجال إلى ثلاثة أشهر وسنة، لغاية ضمان انسجام واستقرار المعاملات، و الأمر نفسه بالنسبة إلى درجات التقاضي، إذ تمت المطالبة أيضا بدرجتي تقاض، ابتدائية واستئنافية، حسب المعايير العالمية.ومن جهته، شدد حسن مطار، الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء، عند استعراضه لدور النيابة العامة في حماية الاستثمار، على أن هذا المكون القضائي منشغل بحماية المقاولة وضمان استمرارها، باعتبارها أداة للتنمية، إذ يتيح له القانون التقدم بطلبات ملتمسات للحكم بسقوط الأهلية التجارية عن التاجر أو رئيس المقاولة، إذا تبين أنهما ارتكبا أخطاء جسيمة أدت إلى التسوية أو التصفية القضائية، من قبيل استخدام أموال المقاولة بشكل يتنافى مع مصالحها، أو لخدمة أغراضهما الشخصية، حسب الفصل 706 من مدونة التجارة، والفصل 716 من القانون ذاته، والنصوص المحينة، من 712 إلى 715 من هذا الإطار التشريعي، موضحا أن النيابة العامة تمتلك أيضا، صلاحية تحريك المتابعة العمومية في قضايا التفالس وباقي الجرائم المنزلة في منزلتها، طبقا للفصل 721 من المدونة المشار إليها، والفصول من 724 إلى 726أيضا، إما تلقائيا أو بطلب من «السانديك» بصفته طرفا مدنيا، مؤكدا أن النيابة تساهم أيضا في حماية الاستثمار، من خلال توفير الحماية الجنائية لبورصة القيم، باعتبارها أحد أهم مقومات الاستثمار، بموجب الظهير الشريف المؤرخ في 21 شتنبر 1993، الخاص ببورصة القيم، والذي ينص في الفصول من 72 إلى 80 منه، على عقوبات حبسية تصل إلى ثلاث سنوات، إلى جانب غرامات مالية. تنقيح السجل التجاري تحدث عبد الرزاق العمراني، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء، عن جملة التغييرات التي يحملها مشروع تعديل قانون المحاكم التجارية والتنظيم القضائي، خصوصا ما يتعلق منها بحماية الاستثمار، مشيرا إلى أن النيابة العامة ستخرج عن تشكيلة المحكمة التجارية، وأن الدفع بعدم الاختصاص النوعي سوف يكون نهائيا، وملزما للجهة المحال عليها، مؤكدا أن سلطة واختصاص قاضي التنفيذ ستصبح أكثر توسعا وقوة، في إطار مشروع التعديل المرتقب، موضحا أن السنوات الماضية، شهدت مجموعة من المستجدات لفائدة تشجيع الاستثمارات، يتعلق الأمر بتنقيح السجل التجاري، وتمكين المستثمرين منه على الشبكة الإلكترونية، منبها إلى أن العقوبات الجنائية في مجال الأعمال لطالما أخافت المستثمرين، إلا أنها تظل ضرورية لحماية بيئة الأعمال، مستدلا على ذلك، بأهمية العقوبات المترتبة عن عدم إيداع المقاولات لقوائما التركيبية السنوية لدى المحكمة. بدر الدين عتيقي

تسوية المنازعات الاستثمارية… الوسائل البديلة أولا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تمديد شرط التحكيم دعامة للاستثمار

اعتقال معتديين على سائق طاكسي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات