ثلاثة أسئلة٬ لطفي: التكفل بالمعوزين مسؤولية الدولة

لماذا يسهل التلاعب في عمليات وأمراض القلب؟ هل لأن المرض أو العملية خطيرة، تنمي قابلية المريض وذويه للاستجابة إلى أي مساومة قد يتعرضون لها؟ بداية لابد من الإشارة إلى أن أمراض القلب والشرايين تعتبر السبب الرئيسي والأول للوفيات بالمغرب، بنسبة 54 في المائة، وتشكل ما بين 10 و12 في المائة من مجموع الوفيات المسجلة بالمغرب، أي أن أكثر من 60 ألف مغربي يموتون، سنويا بنوع من أمراض القلب والشرايين، أكثر من نسب الوفاة جراء أمراض السرطان أو حوادث السير. وتتوزع بين الأزمة والجلطة القلبية والذبحة الصدرية والجلطة الدماغية ومرض الشرايين المحيطية.ثانيا، كلفة العمليات الجراحية للقلب والشرايين تتراوح بين 80 ألف درهم و150 ألفا، و95 في المائة من المرضى يتجهون للقطاع الخاص بحكم أن نسبة المستفيدين من التغطية الصحية الإجبارية بالمغرب لا تتعدى 47 في المائة. وبالتالي يضطرون للتوجه الى القطاع الخاص. أما حاملوا بطاقة الراميد فيتوجهون الى المراكز الاستشفائية الجامعية التي تتوفر على مركب جراحي خاص بهذه العمليات، وهي معدودة على رؤوس الأصابع. ونظرا لطول مواعد الولوج للعلاج من جهة، وغياب أزيد من 80 في المائة من أدوات ومستلزمات العلاج بالمستشفيات العمومية المذكورة فإن المرضى المعوزين يتوجهون إلى المحسنين لتغطية تكاليف العلاج إن وجدوا. وهنا بالطبع لا ننسى الفضائح الخطيرة التي وقعت بمصلحة جراحة القلب والشرايين بالرباط سنة 2010 وما وقع في السنوات الأخيرة في مصحة لجراحة القلب والشرايين للأطفال بالبيضاء، وهي ليست فريدة بالطبع. والمريض بالقلب يكون بين الحياة والموت ويكون بالطبع سهل المنال في عملية المساومة والنصب. ألا توجد مراقبة من قبل وزارة الصحة، تمنع مثل هذه التلاعبات التي تستشري بعدد من المستشفيات الجامعية والمصالح العمومية؟ مع الأسف مازالت مستشفياتنا بعيدة كل البعد عن المراقبة والتقييم والمحاسبة لغياب الإدارة الحقيقية للقيام بهذه المهمة التي أضحت ضرورية أمام الفساد الإداري والمالي لبعض المؤسسات الاستشفائية، ذلك أن عددا من التجهيزات والأدوات الطبية يتم التبرع بها للمستشفيات العمومية من لدن مؤسسات دولية أو من طرف محسنين لا يتم تسجيلها ضمن ممتلكات المستشفى، بل إن بعضها يتحول فجأة للقطاع الخاص، كما أن بعض المصحات الخاصة تقوم بإعادة استعمال الأجهزة نفسها التي تم استعمالها لجراحة القلب والشرايين بعد تعقيمها، في الوقت الذي هي لاستعمالات واحدة وكان عليها تدميرها. كما تقوم بعض المصحات بشراء الأجهزة الطبية لجراحة القلب والشرايين بثمن معين من الشركة وتتم فوترتها بثمن أعلى للمريض وهذا بالطبع يخالف القانون. نلاحظ أيضا دخول بعض جمعيات المجتمع المدني في مسلسل التلاعب الذي يكون ضحيته المريض، ما السبيل لتقنين المجال أكثر؟ في السنوات الأخيرة انتشرت ظاهرة الجمعيات الخيرية بشكل رهيب تدعي دعم العائلات والمرضى والأطفال الفقراء والمعوزين وتبحث عن رعاة ومحسنين لجمع التبرعات من أجل أن تتكفل جزئيا، أو كليا بالتكاليف المتعلقة بالعمليات الجراحية أو لتغطية تكاليف العلاج في غياب أدنى مراقبة أو قوانين تنظم هدا المجال، حتى لا يصبح مرتعا للتلاعب بصحة المواطنين، لكن لا يمكن بتاتا أن ننكر أن لدينا فعلا محسنين من ذوي الأريحية، إلا أن هناك من جعلوا من العمل وهذه الرسالة السامية النبيلة وسيلة للحصول على منافع غير مشروعة على حساب صحة الفقراء والمرضى منتحلين صفة المؤسسات الإحسانية.ومن جانب آخر، لا يمكن القبول أو تجاهل ممارسات وزارة الصحة التي تتحرك أحيانا عندما يتم نشر حالة مرضية صعب عليها ولوج العلاج بالجرائد الوطنية ويتبعها مباشرة بلاغ من وزارة الصحة بتكفل وزيرها بهذه الحالة. هذا غير منطقي ويمكن اعتباره دعاية سياسية ليس إلا. فكم من حالة مرضية شبيهة لا أحد يتكفل بها؟ لذا على الوزارة التكفل بجميع المرضى المعوزين وذوي الاحتياجات حتى لا نصبح أمام ظاهرة التسول الصحي بالمغرب، وأن تعتني بجميع الحالات المرضية التي ليست لها إمكانيات ولوج العلاج وليس حالات التسويق الإعلامي، وهذا خطير جدا، ويتنافى مع مسؤولية الدولة دستوريا في تمكين جميع المواطنين من العدالة الصحية.أجرت الحوار: هجر المغلي (*) علي لطفي (رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة = الحق في الحياة)

ثلاثة أسئلة٬ لطفي: التكفل بالمعوزين مسؤولية الدولة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شهادات صادمة لنساء تعرضن للعنف

التسول عبر الجرائد... الحل الأخير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات