نهاري… “الكرونيكور”

قلب الطاولة على بنكيران ولا يفوت حدثا سياسيا ورياضيا واجتماعيا دون التعليق عليه يعد عبد الله نهاري، واحدا من الوعاظ الذين كانوا يحملون الشارة الرسمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لكنهم يسمحون لأنفسهم باللعب على خط التماس الذي يحظره القانون، ورغم أن بعض خرجاته، سيما التي قذف فيها أشخاصا بعينهم، حرمته من الاعتماد الرسمي بصدور قرار عزله عن الخطابة في مساجد بوجدة منذ 2012، إلا أنه لم يتراجع، وآخر خرجاته، تلك التي انتقد فيها التقرير المالي الأخير للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. وانتقد، بشدة، "الأرقام الفلكية" التي تضمنها التقرير المالي للجامعة، والتي تؤكد صرفها لما قيمته 85 مليار سنتيم، فاستغرب من "حجم الأموال الطائلة التي تم صرفها دون تحقيق نتيجة تذكر، أو على الأقل تبرر حجم المبلغ المرتفع"، مبرزا أن ما يقع "فضائح تزكم الأنوف في بلد يعيش فيه فقراء وعاطلون عن العمل ومتسولون (...) هذه أموال تنفق على اللعب دون أن نحقق نتيجة، لقد قال أحد الظرفاء بتونس إن المبلغ الذي أنفقته الجامعة في ظرف أشهر تنفقه تونس في 10 سنوات".وبسبب انتمائه إلى جماعة بنكيران، ممثلة في حركة التوحيد والإصلاح، وظل يمارس مهام الخطابة في وجدة، التي يترأس مجلسها العلمي مصطفى بنحمزة، قيادي في الحركة ذاتها ومرشح "بيجيدي" لمنصب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في 2012 قبل الإبقاء على أحمد التوفيق، كثيرا ما تكون مواقفه، بالنسبة إلى مراقبين، بمثابة موقف للجهة التي يتعاطف معها، لكنها تتفادى التصريح بها لاعتبارات سياسية.ومع ذلك، سجلت للشيخ، في الأسابيع الأخيرة، مواقف يعارض فيها عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، ومنها مساندته للأساتذة المتدربين، فدعا زعيم "بيجيدي" إلى الاستماع إلى نبض الشارع، الذي "أوصله إلى الحكومة"، قائلا: "يا بنكيران اسمع شوية للشعب، اصغ بأذنيك لهذا الشعب المقهور، ما تبقاش تسمع للآخرين، ألم يصلك ضجيج أنين الفقراء، لِم جعلت أذنيك في اتجاه واحد تسمع لأولئك الذين اشتبكت مصالحهم، وفوتوا على ظهرك كل القرارات اللاشعبية، فإن انتهت صلاحيتك قذفت كما قذف كل من انتهت صلاحيته، ويعودوا إلى ماكانوا عليه سابقا".وبدا نهاري، في ذلك الفيديو كأنه يقطع شعرة معاوية مع حزب العدالة والتنمية، أو أنه ينتقم من الحكومة الإسلامية التي لا تعترض على العقوبات الصادرة في حقه وزملائه من الخطباء المشاغبين، فقال: "لما توجهنا إلى صناديق الاقتراع كان دافعنا هو اختيار من عاين ونام معنا على (الدص)، لأننا كنا نعتقد أنهم هم سيشعرون بجوع الجوعى وظمأ الظمأى، واعتقدنا أنكم أنتم لسان الفقراء، خدمة وأمانة للناس، فلقينا أنكم كتجمعو وتزيدو لراسكم المانضات".ولا يتوقف عبد الله نهاري، المزداد في 23 يناير 1959 ببوعلاين في الجهة الشرقية، عند تلك المواقف التي تحوله إلى "كرونيكور" أو كاتب افتتاحيات أو عمود يعلق على السياسات العامة، بل له أيضا مساهمات مثيرة للجدل والإثارة، عندما يفتي في النوازل، على غرار ما كان يحدث مع الراحل عبد الباري الزمزمي، فتجده يجيب عبر أشرطة مصورة عن أسئلة وجهت إليه في رسائل خاصة، ومن بينها تلك التي يسأله فيها أحدهم، إن كان عليه مقاطعة والدته التي عاينها وهي "تزني".ويعجز المراقبون، عن تصنيف عبد الله نهاري، فتارة يظهر في مواقف، متزمتا، وفي أخرى منفتحا ومع تيسير الدين، ومنها تلك التي يشرح فيها طريقة الاغتسال وفق السنة، وختمها بالقول إن الغاية في نهاية المطاف هي النظافة، وبالتالي فحتى السباحة تكون اغتسالا جائزا، أو الموقف الذي يجيز فيه صلاة النساء وراء الرجال دون وجود فاصل أو عازل، معتبرا ذلك "الانفتاح الذي نريده، وليس الاختلاط في الحفلات والسهرات".ويبقى عبد الله نهاري، في نظر كثيرين مزعجا للمسؤولين، هو الذي امتهن مهنة التعليم في إقليم الحسيمة ثم وجدة، إلى حدود 1991 حيث ترك قطاع التربية الوطنية، ونجح في مباراة لولوج غرفة التجارة والصناعة، موظفا بدرجة متصرف ممتاز، وما زال يشتغل فيها حتى الآن، في حين استعاض عن منبر الخطابة بالمساجد، الذي منع منه، بتكثيف خرجاته على شبكة التواصل الاجتماعي "يوتوب" وموقعه الرسمي على الأنترنت، إلى درجة أن اكتسب شهرة دولية، صارت معها قنوات تلفزية للشعوذة تنصب على مشاهديها في الشرق الأوسط، بنشر صورته، وأرقام هاتفية، وتقدمه لهم على أنه ساحر مغربي يعالج كل شيء.امحمد خيي تشدد الأوقاف وتسامح الرميد مقابل التشدد الذي تتعامل به وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مع الخطباء الذين يتجاوزون المهام المرسومة لهم، فتسارع إلى تأديبهم عن طريق العزل، لا تبادر النيابة العامة، التي يعد وزير العدل رئيسها، إلى متابعتهم قضائيا، إلا نادرا، وبعد ضغط المجتمع المدني، كما كانت الأحكام القضائية التي صدرت في حق حالات، مفاجئة جدا، إذ تراوحت بين البراءة وعقوبات خفيفة، رغم الجدل وحجم الاستياء الذي أثارته فتاواهم في المجتمع.ومن بين تلك الحالات، قضية تعود فصولها إلى يونيو 2012، حينما رد الداعية عبد الله نهاري، في أحد مواقفه التي اتخذت شكل فتوى، على تصريحات للصحافي المختار الغزيوي، أدلى برأي في برنامج تلفزي حول الحريات الفردية لقناة مصرية، لكن لم يوافقه عليه الشيخ عبد الله نهاري، فنعته بـ"الديوث الذي يجب قتله"، ليلجأ الصحافي إلى القضاء، متهما الداعية بـ"التحريض على القتل"، لكن رأت المحكمة الابتدائية بوجدة بعد النظر في القضية، بتاريخ 30 أبريل 2013، أن الداعية بريء من تلك التهمة. ومقابل تبرئة الداعية نهاري، الملقب بـ"خطيب شرق المغرب"، والذي كان محاميه هو نور الدين بوبكر، من قادة حزب العدالة والتنمية، لم تتردد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في عزله عن الخطابة في المساجد الرسمية، تحصينا لها من أفكاره السياسية التي تقسم المجتمع.وعلى مستوى البيضاء، كان الداعية عبد الحميد أبو النعيم، كفر بالواضح، خلال الفترة ذاتها، عددا من الشخصيات السياسية والمؤسسات الرسمية، في مناسبات عدة، ورأت هي في ذلك تحريضا على الإرهاب ضدها، وطلبت حماية القضاء، غير أن المحكمتين الابتدائية والاستئنافية في العاصمة الاقتصادية، قالتا في النهاية إن أقصى عقوبة يستحقها هي شهر من الحبس الموقوف التنفيذ، وغرامة مالية لا يتعدى سقفها 500 درهم، من أجل تعرضه لشخصيات وهيآت سياسية وفكرية بنعوت الشتم والردة والتكفير، الحكم الذي لم يردعه واستمر في التكفير.ا. خ

نهاري… “الكرونيكور”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الشيخ زحل... نجم نكنافة الذي سطع في البيضاء

البارصا يصطدم بالأتلتيكو في أبطال أوربا

مقالات ذات صلة