“الاحتقار” أداة المركز لإخضاع الهامش

الحكرة" مصطلح جزائري نقله الأمازيغيون إلى المغرب وصار أداة تعبئة هل تمارس الدولة "الحكرة" على المجتمع؟ بالنسبة إلى عبد الله بوشطارت، باحث متخصص في التاريخ خريج جامعة محمد الخامس بالرباط وإعلامي أمازيغي، مازال المركز يحتقر الهامش، وطالما قام بذلك، على مر التاريخ بالمغرب، وتحديدا، انطلاقا من فترة بداية تشكل السلطة المركزية ومساعي إخضاع القبائل المتمردة، ليستمر الأمر، في إطار "صيرورة تاريخية"، حتى تشبع المجتمع نفسه بـ"الحكرة"، وصار ينافس السلطة في ممارستها على بعضه البعض.ولا تكفي الجهود الفعلية والخطابات حول التنمية والجهوية الموسعة، لإنهاء الأمر، لأن "الحكرة"، تحولت إلى ثقافة لدى المسؤولين، على غرار الفساد والريع في الإدارة اللذين تبين، بعد جهود لإنهائهما، تحولهما إلى ثقافة في الإدارة، وإلا بماذا يفسر، الاستمرار في اتخاذ الهامش، وأساسا الأقاليم الجنوبية ومناطق الجنوب الشرقي، فضاء لعقاب أطر الدولة في المركز، عندما ترتكب خطأ فادحا؟واللافت في اتخاذ "زاكورة" مثلا، وجهة التعيين الجديد لمسؤول أمني ارتكب خطأ وهو يمارس مهامه بالرباط أو البيضاء، ما جر عليه "احتقاره" من قبل الرؤساء الأعلى منه، أن "حكرة" المركز للهامش، وضعت لها السلطات معايير، فعندما تحتقر أحد أطرها، تلحقه بمجال محتقر، أي لا تتوفر فيه شروط العيش الكريم والتجهيزات الكافية من مستشفيات وفضاءات ترفيه ورغد العيش.و"الحكرة" بوصفها مصطلحا، ليس نحتا مغربيا، لكنه لما وظف بالمغرب أول مرة، كان ذلك على ارتباط بمفهومي "المغرب النافع" و"المغرب غير النافع"، المترسخين منذ زمن الاستعمار، فالمصطلح استعمل أول مرة وتسرب إلى اللافتات الاحتجاجية، حسب مقالة علمية للباحث المغربي سعيد بنيس، في 2001 وفي سياق الحراك المجتمعي للحركة الديمقراطية الجزائرية للدلالة على سلوك "الاستعلاء" الذي تنهجه السلطة الجزائرية تجاه الطبقات الشعبية.ولم ينتقل إلى المغرب، حسب الدراسة ذاتها، إلا في 2004 للتعبير عن حالة المنع التي تعرضت لها بعض الجرائد الجهوية المعبرة عن هموم الهامش والمناطق النائية، مثل "هنا والآن" الأمازيغية بورززات و"منبر بني ملال" بجهة تادلا أزيلال، ليبدأ استعماله يتكثف أكثر منذ 22 يناير 2007، عندما دعت الحركة الأمازيغية إلى وقفة احتجاجية ضد "الحكرة" أمام مبنى البرلمان بالرباط تضامنا مع الأطفال الضحايا الثلاثين للثلوج بأنفكو وأنمزي وتونفيت.ولعل ما يجعل "الحكرة" شعورا نفسيا سواء لدى المركز "الحكار" أو الهامش "المحكور"، وتحوله إلى منطق للسياسات، أن المركز ترسخت لديه قناعة بأنه لإخضاع الهامش، لا بد من "تحقيره" و"تركيعه" وإلا سيتمرد، حسب عبد الله بوشطارت، معد برنامج "مبعوث خاص" الذي يرصد مشاكل مغرب الهامش على قناة "الأمازيغية"، لذلك كانت أول ما تقوم به القوات الفرنسية والمركزية، أنه عندما يستسلم المقاومـــــــــــــون والقبائـــــــــــل، أول ما يطلب منهم، الركوع جماعــــــــــــــــــة أمام ممثل السلطة.وتحولت "الحكرة"، مع بداية الألفية الثالثة، من مجرد شعور كامن، إلى آلية للتعبئة من أجـــــــــــــــل النضــــــــــــال، حسب سعيد بنيس، الذي قال إن الشعور بالحكـــــــــــرة، صـــار يعني توجها ضمنيا وشكليا إلى عنف خطابي (الخطابات حول اللامساواة الاجتماعية)، أو متحرك، عبر حراك المجتمع المدني من قبيل المسيرات والوقفات والاحتجاجات، كما صارت لفظة "الحكرة" الكلمة الموحدة لجميع الأطياف من إسلاميين وأمازيغيين ويساريين وكافة "المحكورين".ولما صار احتقــار المركز للهامش، هـــو أداة التعبئـــة النضاليـــة والاحتجاج، بفعـل وجود تحول سياســـي ومدنــي وسوسيو-ديموغرافي في سياق العولمــــة، تـــؤكـد دراسة سعيد بنيس، أن الأمر بات يستلزم إيلاء الأهمية لإشكــــالات الترابط الاجتمــاعي وتدبير التنـوع الثقــــافي والتعــــدديــــــــــــــة الهـــوياتية والفوارق والتهميش، من أجل تطــــوير مجتمــــع مدني منسجم ومســـؤول ومتضامن يعمل على ترسيــــخ مبـــادئ ومرتكــــزات الطمأنينة والعدالة الاجتماعيـــــــة مثـــــــــل الشعــــــــــــــــــــــــــــــور بالانتماء"، بــــــــدل مجتمع "الحكار" و"المحكــــــــــــــور" التــــي صـــــــــارت المفجر الحقيقي للقلاقل.امحمد خيي

“الاحتقار” أداة المركز لإخضاع الهامش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ثلاثة أسئلة: عنف رمزي

"الكاك" يفتقد ثلاثة لاعبين أمام "الماص"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات