الشطط في استعمال الحكومة

بنكيران أشعل حروبا شكلية ضد الفساد ووجه ضربات تحت الحزام للحلفاء بداعي الشرعية الانتخابية نجح العدالة والتنمية في كسب رهان بعض معاركه، لكنه تمادى في توجيه الضربات إلى خصومه السياسيين، إلى حد محاولة التحكم في المشهد الحزبي، وذلك باستعمال سلاح التواصل مع كافة شرائح المجتمع، بخطاب اجتهد ليكون بعيدا، قدر الإمكان عن لغة "الخشب" التي كانت متداولة من قبل قادة ووزراء ما قبل "الربيع العربي".واعتقدت قيادة "المصباح" أن الحزب قادر وحده على احتكار الحقيقة، وأن الآخرين ليس في وسعهم ذلك، الأمر الذي نتج عنه تضخم الأنا الحزبية، بحكم الفراغ الذي تركه زعماء أحزاب كانوا يتمتعون بالحد الأدنى من الكاريزما، لكن الساحة أصبحت فارغة بعد رحليهم الأبدي، أو ابتعادهم عن العمل السياسي.وكان أول تحرك لحزب "المصباح" كي يتموقع في الساحة السياسية، بطريقة فريدة، هو إعلان عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، أن حكومته لن تتجاوز 20 إلى 24 حقيبة وزارية، لكنه اصطدم بواقع أن بلقنة الخريطة الانتخابية، عبر تطبيق نمط اللائحة بأكبر البقايا، وليس أقوى المعدلات، ما يعني الدفع في اتجاه فرض حكومة متشكلة من 4 أحزاب وبالتالي ستكون فاقدة للانسجام المطلق أو الانسجام بنسبة تصل إلى 70 في المائة.غابت المعطيات المذكورة عن الحكومة، لأن رئيسها لم يعتمد على مستشارين خبراء مستقلين بعيدين عن صراع الأحزاب، إذ كان سيربح نقاطا في جولات احتدام الصراع لو تمكن من تغيير طريقة تدبيره في الوقت السابق، قبل أن ينخرط وزراؤه في حملة إعلامية بنشر لوائح مالكي رخص مقالع الرمال والحافلات، وسيارات الأجرة، قبل إصدار القوانين الجديدة لإعمال الحكامة الجيدة في قطاع النقل، وإنهاء امتيازات أناس يجلسون في فيلاتهم ويحصلون على الأرباح شهريا، ولا يطورون قطاعاتهم، لذلك كان رد حلفاء بنكيران في التقدم والاشتراكية، والحركة الشعبية، عنيفا وقويا، إذ اعتبروا أن "المصباح" لعب ورقة إعلامية غير مفيدة، فكان أول صدام بين مكونات الأغلبية الحكومية، ظهرت من خلال ملامح تحكم "بيجيدي"، وساد النقاش لمدة سنة ونصف السنة دون جدوى، بل لحد الساعة ما يزال قطاع النقل بسيارات الأجرة، يعتمد على نظام السخرة.ظل بنكيران، ورفاقه مستعدين لرفع الإيقاع، عبر الظهور بمظهر "رجال الشعب" الذين يتناولون "البيصارة" ويركبون القطار، ويعيشون مع المواطنين البسطاء في تحول إيجابي للعلاقة بين الوزير والبرلماني بالشعب، في ظل استمرار ترهل المعارضة الضعيفة أصلا، وصراع مسؤوليها. لكن عوض الاكتفاء بالحد الأدنى، أضحى سلوك "البيجديين" أكثر تضخما، ما وضع المتحزبين في موقف حرج، لأنه ظهر أنه سلوك "شعبوي" انتخابي لا غير.واحتضن "البجيدي" كل مكونات الأغلبية باستحسان بعض سلوكها، لكنه خاض معاركه حزبية أخرى، دون الرجوع إليها أو حتى التنسيق معها، إذ ركز على سلاح التواصل لإيصال قراراته حتى وإن كانت لا تحقق الهدف منها، لمساعدة المواطنين، إذ اتضح أن "المصباح" أراد أن "يضوي لبلاد لوحده" دون الآخرين، ما جعل حزب الاستقلال، بقيادة أمينه المنتخب حديثا ذاك الوقت، حميد شباط، يطالب بمراجعة عمل الحكومة، لأنه لم يساهم في اقتراح وزرائها. لكن عوض أن يستمع بنكيران لشباط ويحدث تعديلا جزئيا لبعض الوزراء الذين لم يكن شباط راضيا عنهم، والذي لم يحظ بأية بدوره بأية حقيبة وزارية مثله مثل باقي الأمناء العامين للأحزاب المشكلة للحكومة، أدار بنكيران ظهره لمطلب شباط بإجراء التعديل الوزاري، والذي غلفه بمطلب عدم حذف صندوق المقاصة الذي يستفيد من أمواله الأغنياء، بنسبة 80 في المائة، كخط أحمر فصار الصراع الوهمي عن صندوق المقاصة الذي التهم ربع الميزانية، فيما حقيقة الأمر أن "البيجيدي" مارس التحكم في الحكومة، وأغلق منافذ إجراء تعديل يمنح شباط حقيبة وزارية، ويسد منفذ مغادرة الاستقلال للحكومة في منتصف ولايتها. كما كان تدخل حزب بنيكران في مؤتمرات الأحزاب جليا، إذ حاول التاثير على حزب "الميزان" بدعم المرشح عبد الواحد الفاسي، ضد شباط، ودعم الراحل أحمد الزايدي، ضد إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي.أحمد الأرقام الانتخابات الجماعية كشفت المستور انتقل تحكم "بيجيدي" حينما اشتدت انتخابات مجالس البلديات والجهات إلى الأغلبية، إذ حرم الأحرار من رئاسة بلدية تطوان، بعد تحالف بين "البيجيدي" و"البام"، ما جعل أهل "بيجيدي" يشنون الحرب على الأحرار لأنهم ساندوا "البام" لرئاسة جهتي طنجة تطوان، والبيضاء سطات، وبني ملال، التي تعرض فيها حزب الحركة الشعبية لوابل من السخرية، لأن منتخبيه صوتوا ضد مرشح حزبهم، وساندوا مرشح" البام"، ووجدوا أنفسهم في موقف حرج جدا، ونالوا حظا من تقريع " البيجيديين" لهم، وسار الأمر موازيا أثناء انتخاب رئيس مجلس المستشارين، إذ اعتبر إخوان بنكيران أن مكونات الأغلبية، وخاصة الأحرار والحركة، كان عليها التصويت لفائدة مرشح المعارضة الاستقلالي، عبد الصمد قيوح، وليس لفائدة مرشح المعارضة البامي، حكيم بنشماش، ما اعتبر تدخلا في شؤون الأحزاب السياسية. إما الولاء أو العداء يتجلى أيضا تحكم "بيجيدي" في تغيير مواقف زعيمه، إذ أنه كان يشتم قادة أحزاب التجمع الوطني للأحرار، ويثني على شباط، وحينما عدل هذا الأخير موقفه، لأنه لم يحظ بحقيبة وزارية، حول الزعيم، رشاشه صوب شباط، ومد يد العون لصلاح الدين مزوار، رئيس حزب "الحمامة"، كأن شيئا لم يكن، إذ طويت صفحة ماضي الاتهامات التي كانت تعرض مزوار للتهكم والسخرية من قبل المنتمين لحزب "المصباح" وأيضا المواطنين، بحكم أنه تبادل "المنافع" مع نور الدين بنسودة الخازن العام للمملكة بصرف تعويضات خيالية كل سنة عبر توقيع شيكات من قبلهما، وهي "بريمات" رفض الاستقلالي نزار بركة، والبيجيدي إدريس الأزمي تحصيلها في ما بعد.

الشطط في استعمال الحكومة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أوربـا... الخاسـر الأكبـر

لقجع في اجتماعات الاتحاد العربي

مقالات ذات صلة