بنكيران يكذب ولا يترك من يكذب

رئيس الحكومة يحول البهتان إلى أصل تجاري ويخوض المعركة الخطأ مع الصحافة المستقلة يصر عبد الإله بنكيران على تقديم نفسه كائنا مقدسا في مجال مدنس اسمه السياسة، تُجمع القواميس والموسوعات أنه فن الممكن في ممارسة أنواع التدليس والكذب والنفاق والتحايل و«التمسكين» لكسب أصوات الجماهير قبل قلوبهم. لا طهارة في حياة السياسي. كتب التاريخ ومدونات الحروب والمعارك ومذكرات الزعماء والمعتزلين تؤكد ذلك. فـ«قوة» السياسيين وإشعاعهم و«جاذبيتهم» في أنك لا تستطيع «كشفهم» في كل الأوقات. إنهم يكذبون ويكذبون حتى يصدقهم الآخرون، وبعد ذلك، يستمرون في الكذب حتى يصدقوا أنفسهم، وهو حال رئيس الحكومة الذي بنى «مجده» السياسي على فضح أكاذيب الآخرين وتسفيههم والتشهير بهم وتشويه كلامهم والتهريج عليهم وبهم، بواسطة سلاح الكذب نفسه الذي يتقن استعماله أكثر من غيره.لذلك، لم نفاجأ حين سارع الأمين العام للعدالة والتنمية إلى موقعه الرسمي وكتائبه المنتشرة بجغرافيا مواقع التواصل الاجتماعي لتكذيب خبر لقائه السري بإلياس العماري، الأمين العام الوطني للأصالة والمعاصرة، كما نشرته «الصباح» في عددها أول أمس (الأربعاء). ولن نفاجأ حين يحول، غدا، صفحات الجرائد وروابط المواقع الإلكترونية إلى «مانشيطات حقيقة»، لتأكيد كذبه على شعب سُرق تهريجا وضحكا.انتفض بنكيران على خبر اجتماعه مع أمين عام لحزب سياسي معترف به، يترأس غرفة تشريعية، ويسير عددا من المدن والجهات، وأرغى وأزبد ووصف الجريدة بأقبح النعوت، كأنما كتبت أنه اجتمع مع إبليس، والحال أن من مهام السياسيين ومكونات الأغلبية والمعارضة، في بلد يتدرب على الديمقراطية، عقد مثل هذه الاجتماعات السرية والعلنية لترتيب الاتفاقيات والتعاقدات وتهييء أرضيات المراحل المقبلة.مشكلة القيادي السابق في الشبيبة الإسلامية إحساسه المرضي أن الجميع يتآمر عليه ويريد به شرا، بمن في ذلك ما يسميه المحيط الملكي، لذلك يعتبر أي خبر يطلع في «الصباح» الباكر، كذبا وانحطاطا وبهتانا وكفرا، والصحافيين والمحررين مجندين دائمين في خدمة جهات لتنفيذ أجندات وسياسيات «لا تخفى».في المقابل، لا يقبل بنكيران أن يكذبه أحد، أو يسفه كلامه أو يرميه بالجنون والحمق، حين يقول مثلا، في تجمع علني لشبيبته، أن جهات عليا (دون أن يحددها بالاسم إمعانا في الخلط)، كانت تخطط للقضاء على الإسلام في المغرب، دون أن يقدم أي دليل على هذه الاتهام الخطير الذي قد يهدد استقرار بلد بكامله ويرميه في بؤر الفتن، والاقتتال بين الذين يدافعون عن الإسلام، مشترك لأغلبية المغاربة، وبين الذين يخططون ويتآمرون للقضاء عليه.فلم نسمع من يجرؤ على تحرير بيانات الحقيقة، أو يتحرى الصدق، كما «يتحرى الآخرون الكذب»، من وجهة نظر رئيس الحكومة. كما لم نطلع على نسبة الصدق في تنفيذ برنامج سياسي واقتصادي متعاقد عليه مع الشعب وناخبين هبوا نهاية 2011 إلى صناديق الاقتراع، بعد أن «صدقوا» أن بنكيران يستطيع أن يحارب الفساد والاستبداد، قبل أن يكتشفوا أنه جاء فقط ليعقد معاهدة مصالحة معهما، ويمحو سوابقهما بجرة «عفو» أطلقه في الهواء، مثل رصاصة، فأصابت شظاياها كثيرا ممن وثـــــــقوا به.يكذب بنكيران ولا يترك أحدا يكذب أو يجرؤ على ذلك، وإلا كانت راجمات الكتائـــب له بالمرصاد. يكذب، حين يوهم «الجماهير» أن خصومه في السياسة ومنافسيه في الانتخابات وعلى مجالس المدن والقرى والجهات، مجرد مافيات يمولون حملاتهم بأموال المخدرات، أو زعماء عصابات ومفسدون كبار، دون أن يقدم الدليل، بصفته ثاني مسؤول في البلد، علىى صحة كلامه، أو يحرك النيابة العامة ضد هؤلاء «المجرمين».ويكذب على الأحزاب السياسية، حين يقول لهم إنه المسؤول السياسي عن الانتخابات الجماعية، ثم يخلع بذلة رئيس حكومة وربطة العنق، في أقرب «دورة»، ويرتدي جلباب الأمين العام للعدالة، ويصعد منصات الخطابة ليشبع سبا وقذفا في شركائه السياسيين الذين اجتمع معهم، بالأمس فقط، للتعاقد على قواعد «الأخلاق» الانتخابية.ويكذب بنكيران، حين يعتبر المركزيات النقابية مجرد ملحقات للأحزاب السياسية، ويعقد معها جلسات «حوار» للمجاملة و»تقرقيب الناب»، ثم يكتب توصية إلى مستشاريه بإرسال قوانين إصلاح التقاعد إلى البرلمان، مدججة بثالوثه الملعون، إذ سيدفع الموظفون فاتورة سنوات من الفساد والنهب بصناديق التقاعد من جيوبهم وشيخوختهم وأمراضهم المزمنة.يكذب ويكذب ثم يكذب، حين يخلق أعداء وهميين، وينصب المشانق للصحافة المستقلة، ويصر، على نحو غريب، على ربطها بجميع المؤامرات ضده، دون أن يجد من يهمس في أذنه، بأنه يخوض المعركة الخطأ في الجبهة الخطأ..فكم من حكومات ووزراء ومسؤولون ومتسلطون وكاذبون وفاسدون مروا، وسيمرون من هنا، دون أن يقتلعوا شعرة منا...نتحداك سيدي «الفاضل»..فلتسرج أحسن الخيول.يوسف الساكت

بنكيران يكذب ولا يترك من يكذب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجامعة تبرئ الرجاء وكروشي

الرصاص لإنقاذ امرأة من الاغتصاب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات