المغاربة و الحب … شباش: يجب أن نحب ذواتنا

المختصة شباش قالت إن صورة الحب في المسلسلات كارثة لأنها مستحيلة التحقق على الواقع أوضحت الدكتورة أمل شباش، المختصة في العلاج الجنسي والنفسي، إلى أن أصل المشكل في علاقة المغربي بالحب، ترجع أساسا إلى مدى الاختلاف في تعريف الحب والتصورات التي يضعها المغاربة بخصوص هذا النوع من المشاعر، استنادا إلى عدد من المحددات، تشكل التربية والمحيط أبرز محدداتها. ونبهت، في الحوار التالي، أن المسلسلات والأفلام ساهمت في تأزيم هذه الوضعية بعد أن رسمت صورة مثالية للحب لا وجود لها في الواقع. تفاصيل أكثر عن كيفية تمثل المغاربة للحب في الحوار التالي: كيف يصف المغاربة الحب أو يعبرون عنه؟ الحب مفهوم كبير، كل منا له تمثلات خاصة عنه. المغربي والمغربية، مثــل أي إنســان في العالم، يبحثان عن الحب. جمعينا نريد أن نقـــع في الحب، وأن يحبنا أحد ما، لكن المشكل الـــذي يطرح بالنسبــة إلي هو أننا نبحث عن الحب خارج ذواتنا، في إنسان آخر يمنحنا هذا الإحساس، في الوقـــت الــذي من المفروض أن يكـــون أول حــب يجب أن نشتغل عليــه، هـــو حبنــا لذواتنا، الذي يعتبر نقطـــة البداية، وأهم نقطـــة، لأننــا عنــدما لا نحب أنفسنا، فمـــن غيـر الممكن أن نحب أحـــدا ما أو يحبنا الآخـــر، ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه. المشكــل الثانــي الذي يطرح، هــو الفكـــرة المثالية عن الحب، أي فكرة مسبقــة عن كيـــف يجب أن يكـــون الحب، وهــي فــكرة راجعة إلــى طريقة التـــربية التي تلقـــاها الشخص وتجـــاربه الشخصية وتجارب المحيطين به، وأيضا من الصورة التي تخلقهــا الأفلام والمسلسلات عن الحب، التي أعتبرها كارثة، لأنــها تعطـــي فكـــرة ليست خيالية فقط عن الحب، بل صورة مستحيلة التحقق في أرض الواقع. كل هــذا يجعل الأفراد ضائعين، وغيـــر مدركين أن الحب الحقيقي ليس أفعالا أو أقوالا أو الأخــذ والعطاء، بل هو روحنا "notre essence"، أي انه إذا لم نتمكن من بلوغ نوع من العلاقة بيننا وبين أنفسنا تحررنا من الاحتياج لأفراد آخرين لمنحنا أشياء من المفـــروض أن نمنحها نحن لأنفسنا، سنظل دائما في عذاب، ما دمنا على قيـــد الحياة. وعموما هذه مشكلـــة الأفـــراد ليس فقط في المغرب بل في العالم بأسره، الزوجة تنتظر أن يحبها زوجها وأبناؤها، والزوج ذلك. لماذا دائما ما نربط الحب بأمور تندرج في سياق "الحشومة" أو بالأمور التي يجب أن تظل سرية؟ صحيح يمكن القول إن الحب مرتبط ب"الحشومة"، لأنه للأسف، الكثير منا غالبا ما يخلط الحب بالممارسة الجنسية، بل يعتقدون أن الحب هو الجنس، فيما الواقع أن الاثنين مكملان لبعضهما، ولا يعنيان الأمر ذاته، وهذا التفكير سائد أكثر لدى الرجال الذين يعتبرون أنه بمجرد أن تعترف لهم إحدى النساء بحبها، فهي في الواقع تسعى إلى مضاجعتهم، وبمـــا أن الجنــس في المجتمع المغربي من "الطابوهات"، ونظـــرا للتـــربية السائدة والقيــم الدينيـــة، فإن الحب والتعبير عنه أساسا، يظـــل من الأمـور التي تعتبـــرها الفتيـــات، بالخصوص، تندرج في إطــار الســـرية، ذلك أنــه كمــا قلت، لكـــل واحد تمثلات خاصة عن الحب، تجعـــل، عوض أن نمنح للحب تلك القدسية المفروضة، نكتــم مشــاعـــرنا، وقد يستعملها البعـــض لتحقيق الأغراض التي يطمح إلى تحقيقها، أي بدل أن يكون الحب غاية، تحول إلى وسيلة، وهذا أمر مؤسف. ألا ترين أن المغاربة يخافون الوقوع في الحب؟ الخوف من الحب راجع للتفكيـــر القائل بأنه إذا ما أحببت شخصا (رجلا أو امرأة)، فسيصير أقوى مني، وبأن مشاعر الحب تضعف صـــاحبها، وهذا أمر خاطئ، سيما إذا كنا نتحدث عن الحب الحقيقــي، وليس الحب لأغراض شخصية أو شهــــوات، هنا يمكن الحديث عن الضعف لأن من يحب يصبح قادرا على التحكم به وندخل فـــي علاقـــة قـــوة، فيما عندما نحب شخصا لذاته ولا ننتظر منه شيئـــا، فهذا يجعلنا أقوى. الأمر الذي يبعـــث علـــى الخوف من الوقـــوع في الحب، هو ذلك الربط بين الحب والعذاب، وهذا خاطئ أيضا، فالحب لا يعني المعاناة إلا إذا كان مرتبطا بالرغبة في التملك، حينها يخاف المحب أن يفقد محبوبه. هذا الخوف هو الذي يولد المعاناة والعذاب الذي يجعل المحب كثير البكاء والاستماع إلى الأغاني العاطفية ومشاهدة الأفلام الرومانسية. هل هناك اختلاف بين نظرة الجنسين إلى الحب؟ حب الشخص لذاته، أو روح الحب، هي نفسها عند الجميع، لكن حب الآخرين يختلف، فالمـــرأة عنـــدما تحب رجـــلا ما، فهي سرعـــــان ما ترسم في مخيلتها مستقبلا يجمعهما معا، أي أنها تــزوجته وأنجبــت منــه أبناءها، وتعتبر أن الحياة مستحيلة فــي غيابـــه، أي أنها تحبه بناء على احتياجاتها، كما أن المرأة تعتبر أن زوجهـــا مثلا لا يحبها إذا لم يكن يلاطفهـــا، أو يحدثهـــا برقــة ويســـأل عــــن حالها، حتى إن كان يقـــوم بكامـــل واجباته ويحقـــق كـــافـــة طلباتها، فهي لا تعتبر كل هذه الأمـــور تعبيرا عن الحب، فيما الرجل عنـــدما يحب المرأة، يعتبر أن العـــلاقة الجنسيــة هي الأمر الوحيد الذي سيمكنه من الإحساس ما إن كانت تبادله مشاعر الحب هي الأخرى. هل الزواج مقبرة الحب أم أن الحب أحد مقومات الحياة الزوجية السعيدة؟ هـــذا يعيدنا من جديد إلى تعريف الحب. وبالفعل سيكـــون الزواج مقبرة الحب، إذا كان مبنيا على احتيـــاجات، وفي العـــلاقة الزوجية لا يمكن تلبية جميع احتياجات الآخر، لأنه لا يمكــن لأي شخص تحقيـــق أحلام وأهــــداف الآخر، حينها ومـــع مرور الوقت سنفقـــد الشعور بالحب أو ما اعتقـــدناه حبا، فيما الحب الحقيقي هو أن يحب كل من الزوجين أولا ذاتــه، ثم الآخر وأبناءه، ويعملان يدا في يد على بناء حياة على أساس الاحترام والتقدير والمودة. تجدر الإشارة إلـــى أهميـــة التعبير عن الحب لأبنـــائنا، لأن هـــذا التعبير هو الذي يجعلهــم قادرين على التعـــــامل مع الحب والتعبيـــــر عنـــه، الذي يعد رســـالة تنتقــــل من جيل لآخــر، وبــالتالــــي لا يجـــب أن يكـــون التعبـــير عن حب الأبنــــاء مبنيـــا على الانتظـــارات والاحتيـــاجات أو المكافـــــأة عـــن فعل حسن قاموا به. لأنهم أبنائهم ولشخصهم. أمال شباش (أرشيف) أجرت الحوار: هجر المغلي في سطور > طبيبة مختصة في العـلاج النفسي والجنسي > حاصلة على شهادة في علم النفس السريري والطب السلوكي > لها إصدارات علميــة مــن بينهـــا "الأزواج العرب في القرن 21" > تشارك في برامج إذاعية وتلفزيونية حول مشاكل الأزواج

المغاربة و الحب … شباش: يجب أن نحب ذواتنا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"سان فالانتان" ... الهدايا الثمينة تهزم الورود

سكنفل: الحب ليس هو الجنس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات