القبيلة تؤجل ديمقراطية الأحزاب

طردتها اللجنة الملكية من باب التقطيع الجهوي وعادت من نافذة النخب المحلية لم تتمكن الأحزاب من التخلص من شبح القبيلة إذ ما إن شرعت مختلف التشكيلات السياسية في تنزيل خارطة الاثنتي عشرة جهة حتى اشتعلت نيران الصراع بين القبائل التي تهدد السير في اتجاه مسار المقتضيات الدستورية لهدف إعطاء الأولوية لتوسيع دائرة المشاركة في الشأن العام وفك الحصار المضروب على هيآت الأركان الحزبية لصالح النساء والشباب، وما المواجهة التي وقعت بين ريافة وسواسة في المؤتمر الوطني الأخير للأصالة والمعاصرة، إلا دليل على ما ينتظر باقي الأحزاب مع اقتراب موسم المؤتمرات والاستحقاقات الوطنية، وذلك بالنظر إلى الصعوبة التي تجدها القيادات في صد اللوبيات القبلية و تطلعات العائلات وسطوة الأسر. قرابة الدم ... نزيف السياسة الانتماءات العرقية والجغرافية تحدد خارطة الولاءات وترسم معالم التنظيمات الحزبية لم تأخذ الأحزاب السياسية الدرس من اللجنة الملكية للجهوية، التي رفض أعضاؤها مقاربة التقسيم الترابي بمنطق القبائل وفضلوا أن تتحمل الدولة غضبا مؤقتا لبعض القبائل على أن ترهن مستقبل البلاد في سيناريوهات من شأنها تهديد الوحدة الترابية، فما كان منها إلا أن أعطت الأولوية لتقوية ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸـﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴـﺔ ﻟﻠﻤﺠﺎﻟﺱ ﺍﻟﺠﻬﻭﻴﺔ، ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﻨﻭﻉ، ﺘﺸﺠﻴﻌﺎ ﻟﻠﻨﺴﺎﺀ ﻋﻠـﻰ ﻭﻟـﻭﺝ ﺍﻟﻭﻅـﺎﺌﻑ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴـﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺘﺩﺒﻴﺭ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺠﻬﺔ، ﻭﺇﻟﻰ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤـﺩﻨﻲ ﻭﺍﻟﻘﻁـﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻲ ﺤﻭل ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﻭكيفية ﺘﺩﺒﻴﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺠﻪ ﺍﻷﺤﺴﻥ. من جهتها وقعت الأحزاب في شراك القبيلة وهي تتهافت في جريها خلف الأعيان طمعا في مضاعفة حصيلتها من المقاعد المحلية والجهوية، قبل أن تنتبه مع بداية موسم المؤتمرات والمجالس الوطنية بأن للمقاعد ثمنا ستدفعه من رصيد ديمقراطيتها الداخلية، ولم يكن صراع “سواسة” و”ريافة” في المؤتمر الوطني الثالث للأصالة والمعاصرة المنعقد نهاية الشهر الماضي ببوزنيقة إلا مؤشرا عن المعارك التي تنتظر باقي الأحزاب إذا هي فكرت في الإقدام على مغامرة عقد أجهزتها التقريرية، سواء قبل الانتخابات التشريعية أو حتى بعدها. ورغم نهاية المؤتمر وانتخاب قيادة وطنية بإجماع المؤتمر، مازالت تداعيات انتفاضة المنتمين إلى جهة سوس ماسة ضد أهل الريف تعد بالجديد بعد أن رأى البعض في تشكيلة المكتب السياسي الجديدة ترضية لخواطر الثائرين خاصة عبد اللطيف وهبي الذي تسبب في توتر الأجواء في كواليس اليوم الثاني في المحطة التنظيمية لـ "البام وساهمت رسائله الخمس الموجهة إلى الرأي العام في اتساع دائرة المتداولين لعريضة تحمل توقيعات مؤتمرين تدعو إلى إنهاء هيمنة "القبلية" في المكتب السياسي. وهبي: الحزب للجميع لم تجد عريضة أصدقاء وهبي حرجا في إعمال مقولة "المناسبة شرط" للمطالبة بــ فتح باب المكتب السياسي للحزب أمام جميع الجهات، التي يجب أن تكون ممثلة بالتساوي في الأجهزة القيادية للأصالة والمعاصرة، وذلك في إشارة إلى غلبة أصحاب الأصول الريفية داخل تشكيلة المكتب السياسي السابق، وذلك بالإحالة على ما كتبه الرئيس السابق للفريق البرلماني للحزب بمجلس النواب من أن مناوشات ما يدعى بـالربيع العربي زادت من أزمة الحزب التنظيمية لينتهي تنظيميا إلى نوع من التحالف الجهوي وسيلة للهيمنة على الحزب، وبأن العملية استعملت فيها وسائل اليسار القديمة من الكولسة إلى التكليف بالمهام لمن يضمن فيهم الولاء أو الانتماء الجهوي، بتبرير مفاده أن الحزب سيكون وسيلة مثلى لرد الاعتبار سياسيا لمنطقة جغرافية بعينها من خلال إحداث حزب قد يوحي بأنه يمثلها ومنه ستعود إلى الصدارة السياسية بعد أن همشت لعقود عقابا لها عن ثوراتها في بداية الاستقلال. وذهب أهل سوس إلى حد القول بأن "البام" أصبح يرتبط بمنطقة معينة، في إشارة إلى حكم أهل الريف لأجهزته، وأنه انحنى جغرافيا وجهويا، وأن النتائج الانتخابية الأخيرة أكدت ذلك، على اعتبار أن الحزب سخر وسائله المادية والسياسية والبشرية في خدمة نجاح انتخابي في المنطقة المذكورة لإبراز قوتها وبناء مشروعية الهيمنة على الحزب من خلال حضور أبرز وجوهها في إدارة الشأن الجهوي، محذرة من عودة الحزب إلى الانتظارية التنظيمية والانتخابية القاتلة، خاصة بعد أن فشل في توظيف الدعم البشري الوطني الذي راكمه قبل أن يبدأ في التسرب من بين أنامله، مساهما في بعث رسائل الطمأنة للقوى السياسية الأخرى". العنصر يرفض حكم الأسر في جانب الأغلبية يبدو حزب الحركة الشعبية أكثر التشكيلات السياسية عرضة لحرب القبائل، خاصة بعدما تعالت الأصوات الرافضة لمنطق اللوبيات القبلية، معلنة زمن الثورة في وجه حليمة العسالي المرأة القوية في الحزب وصهرها محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة الأسبق مقدمة استقالتها على مرأى ومسمع من الجميع، إذ مر الحزب، منتصف يونيو الماضي، من أزمة تنظيمية غير مسبوقة، احتجاجا على تحكم قرابة الدم في دواليبه، لكن امحند العنصر نجا من انقلاب تنظيمي في المكتب السياسي كاد ينتهي بتقديم عدد من أعضائه استقالاتهم من أجهزة الحزب. وانتهت محنة الحزب باستقالة وحيدة من المكتب السياسي وقعتها خديجة المرابط أم البشائر، رئيسة القطاع النسائي وبررت أسباب إستقالتها، ومغادرتها لرئاسة جمعية النساء الحركيات، بذريعة المضايقات والتواطؤ الواضح ضد عملها وأنشطتها الداخلية والخارجية التي حاولت الحط منها ومن نتائجها، وإصطدامها بمحاولات بعض أعضاء المكتب السياسي في تغيير برامج عملها وطرقه من أجل المساس باستقلالية أدائها رغم التأشيرة الاستباقية الصادرة من الأمين العام على أنشطة جمعيتها وجل تحركاتها. ولم يجد امحند العنصر بدا من مواجهة التسريبات، التي وصفت التعديل الوزاري الأخير بأنه على مقاس المرأة الحديدية للحركة الشعبية، في إشارة إلى العسالي في توضيح الأمور، مشددا على أن الكلمة الأخيرة لمؤسسات الحزب. شباط ونفوذ العائلات نجح حميد شباط في الظفر بقيادة الاستقلال برفعه شعار مواجهة نفوذ وسطوة العائلات على الحزب، إذ اتهم قبيل خلافته عباس الفاسي، نزار بركة، باستغلال منصبه وزيرا للمالية للضغط على أعضاء المجلس الوطني للخروج من جبهة الثائرين، واصفا إياه بـ "الرأس المدبر لسطوة آل الفاسي على حزب الاستقلال" وتشير مصادر من الحزب أن خروج شباط من حكومة بنكيران لم يكن إلا تكتيكا لتكسر شوكة خصومه، على اعتبار أنه اعتبر منذ البداية أن من حق القيادة الجديدة للحزب أن تطالب بتعديل وزاري لان أداء وزراء حزبها باهت، خاصة نزار بداعي أنه أحدث بلبلة حين أعلن أن أرقام ميزانية مغلوطة. وذهب شباط إلى حد تشبيه مقر الحزب بباب العزيزية، عندما دخله أول مرة أمينا عاما، معتبرا أن انتخابه بمثابة نهاية حكم العائلة، كما انتهى حزب مبارك بفعل التوريث و أن تحكم الأصهار و الأقارب شيء لا يمكن أن يستمر في الوضع الحالي لان أقلية صغيرة تتحكم في مصير الأغلبية و أن اللوبي المتحكم في الحزب كان شعاره العائلة والزبونية و المحسوبية. كما سبق لشباط أن وصف معسكر غريمه الحالي عبد الواحد الفاسي بالفاشل والمتخبط وقال إن صراعه الحقيقي مع عائلة مستحوذة ومتنفذة، منبها أن أعضاء اللجنة التنفيذية لم يكونوا على علم بمالية الحزب و لا بمبالغ دعم الدولة و أين تصرف و كيف تصرف، في حين شبه خلفه عباس الفاسي بسيارة اشتراها الحزب وبقيت مركونة بمقره العام دون أن تعمل. ياسين قُطيب

القبيلة تؤجل ديمقراطية الأحزاب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

موت "زيان" داخل الحركة

لاعبو "بارصا المغرب" بكامب نو

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات