محكمة الإرهاب… ساعات في الجحيم

بكاء وصراخ وإغماءات وسط العائلات وحالات استنفار بعد صدور الأحكام إنجاز: عبدالحليم لعريبي تقضي عائلات المتابعين في قضايا الإرهاب تزامنا مع محاكمة أبنائهم، ما يشبه «ساعات في الجحيم»، تتحول بين الفينة والأخرى إلى بكاء داخل قاعة المحاكمة وإغماءات وصراخ، وبعد صدور الأحكام القضائية تستنفر الشرطة والقوات المساعدة، وتنجح في إخلاء باب القاعة من المحتجين. كانت الساعة تشير إلى الواحدة والنصف زوالا، عندما أنهت الهيأة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بقضايا الإرهاب بسلا، الاستماع إلى جميع المعتقلين في تهم ترتبط بالإرهاب و»داعش»، بعدما تركت الهيأة ملف الموقوف سعيد العلواني هو الأخير، وبعدما منحه الرئيس الكلمة الأخيرة، غادرت الهيأة حتى صعدت عمته من فوق الكرسي داخل قاعة المحاكمة، وحاولت التوجه نحو المنصة وهي تصرخ «بغيت نقول كلمة وحدة» كررتها ثلاث مرات، لكن عناصر الشرطة المكلفة بحراسة المعتقلين داخل القاعة، قامت بإخراجها، بعد تنبيهها أن القانون يمنعها من الحديث إلى القضاة وأنها ليست طرفا مدنيا في الموضوع.ظلت العمة تريد إخراج ما بداخلها، وبعدما عجزت عن إسماع صوتها للقضاة، توجهت نحو رجال الإعلام الذين كانوا يتابعون أطوار الجلسة وهي تصرخ في وجههم «سعيد بريء والخير ليكاين تيدير مع الناس خرج عليه»، فتدخل احد الصحفيين وأخبرها أنه لن يقوم بكتابة أي مقال إلى حين صدور الحكم القضائي.خرجت عائلة الملياردير الفاسي من قاعة الجلسات، وكانت المدة الزمنية الفاصلة بين رفع الجلسة والنطق بالحكم بمثابة «ساعة في الجحيم» لعائلة العلواني ومعها باقي أفراد العائلات الأخرى التي قدمت من مدن مختلفة، لمتابعة أطوار جلسات أبنائها المتابعين بموجب قانون الإرهاب. ساعة في الجحيم هي تلك المدة التي تنتظر فيها العائلات المداولة والنطق بالحكم بعد رفع الجلسة، نساء تجهش بالبكاء وأعينهن على عودة رئيس الجلسة للقاعة قصد النطق بالأحكام. ورغم خروج بعض العائلات إلى المقاهي بمحيط ملحقة محكمة الاستئناف بسلا المكلفة بقضايا الإرهاب، إلا أن هذه العائلات عادت بسرعة ورفضت احتساء مشروبات رغم طلبها من النادل. ملاسنات بين الرئيس وداعشي حينما شرع رئيس الجلسة في المناداة على المعتقلين لإشعارهم بالأحكام الابتدائية الصادرة من حقهم بعد المداولة، وأعلنت حالة استنفار داخل القاعة، وأرادت العائلات التقدم نحو منصة القضاة لسماع خبر الإدانة، نادى القاضي على متهم في الإشادة بداعش، فرد عليه الأخير من القفص الزجاجي «ولا ماجايش» وتدخل شرطي لإجبار المعتقل على المثول أمام قاضي الحكم، لكن الداعشي تمادى في الصراخ، فيما أمر رئيس الجلسة من عناصر الشرطة تركه لحاله، وشرع في استرسال الحكم الصادر في حقه بثلاث سنوات، وبعدها تدخل رجال الأمن وقاموا بإخراجه من القفص الزجاجي في انتظار إعادته إلى الجناح المخصص للمعتقلين الإسلاميين بالسجن المحلي الثاني بسلا.وقبل النطق بالحكم كان المتهم الداعشي يتحدث بين الفينة والأخرى بصوت مرتفع ويثير حوله الانتباه، مما دفع عناصر الشرطة إلى إخراجه من القفص الزجاجي، وأثناء المناداة عليه، استقدمته الشرطة من مركز آخر مخصص للمعتقلين، ومثل أمام رئيس الجلسة فسأله عن ميولاته المتطرفة، وعن إشادته زعيم ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية للعراق والشام، لكن رد المعتقل كان «قاسيا» في وجه القاضي»وسير أنت سول البغدادي واش أنا وليت محلل نفساني» يقول المتهم في وجه الرئيس.وعادت عناصر الشرطة إلى إخراج المتهم من القاعة، وتمالك الرئيس أنفاسه، بعدما اعتاد على استفزازه والحديث بصوت مرتفع، كما سبق في الجلسة الماضية أن حاول الموقوف ذاته الاعتداء على محامية التي كانت تترافع لصالحه، بعدما شتمها وقذفها بعبارات بذيئة، وتدخلت عناصر الشرطة ومنعته في مواصلة الاعتداء على المحامية، ما أثار ذهولا وسط القاعة، وكلما نادى عليه الرئيس يجرى استنفار عناصر شرطة الجلسات والقوات المساعدة خوفا من قيامه بردود أفعال قوية. إغماءات ما بعد النطق بالحكم حينما تلا رئيس الجلسة الأحكام الابتدائية الصادرة في حق المتابعين في القضايا المرتبطة بالإرهاب، حتى تعالى الصراخ داخل القاعة، وبدأ والد المليادير العلواني وهو يردد «واحبيبي واحبيبي واحبيبي» فيما أغمي على إحدى عماته التي سقطت بباب القاعة في مشهد مثير، أمام ابنته التلميذة التي شرعت في بكاء هيستيري، واستطاعت عناصر الأمن الوطني والقوات المساعدة إخراج عائلات المعتقلين من بهو المحكمة بطريقة سلمية. وحينما كانت عائلات المدانين خصوصا أمهاتهم تبكي فلذات أكبادها، حتى هرع مجموعة من الحاضرين بالقاعة الثانية الخاصة بقضايا الجنحي التلبسي لمعرفة ما وقع، ولم تتمالك أمهات معتقلين في قضايا جنحية، أنفاسهن وشرع بعضهن في البكاء أمام المحكمة الابتدائية، بعد المنظر اللائي تركتهن أمهات «الدواعش». الاستئناف وسيلة لخفض الضغط حينما نطقت غرفة الجنايات الابتدائية بالأحكام الصادرة في حق عدد من المعتقلين، حتى تدخل أعضاء من هيأة دفاعهم، وزفوا إلى الأمهات انتظار مرحلة الاستئناف، مؤكدين لهم أن الكثير من المتابعين أمام محكمة الإرهاب تقضي في حقهم غرفة الجنايات الابتدائية بالحبس النافذ، فيما تلغي غرفة الجنايات المستأنفة الأحكام الابتدائية، لكن الوضع بقي على حاله.ظلت عمة العلواني تصرخ أمام المحكمة وهي تتذكر والدته التي أصيبت بالشلل النصفي بعد إيقاف ابنها في يونيو الماضي، وتساءلت كيف تسمع الأخيرة خبر إدانة سعيد بأربع سنوات حبسا، لكن هيأة الدفاع شرحت للأخيرة أن هناك مراحل أخرى من في الاستئناف والنقض تمنح «الأمل» في براءة الموقوف. وظلت عائلة الملياردير الفاسي تتذكر وتسرد تفاصيل الماضي لابنها من خلال أعماله الخيرية والإعانات المادية التي كان يقدمها إلى المحتاجين بفاس، وكيف أن هذه الأسر المعوزة انقطعت عنها المساعدات بعد إيقاف العلواني من قبل عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية بسلا. فرحة عائلة بعد تلاوة رئيس الجلسة للأحكام الابتدائية الصادرة عن غرفة الجنايات الابتدائية، إذ حالف الحظ الموقوف (عبدالفتاح.س)، حينما أدانته الغرفة بسنة موقوفة التنفيذ، وحينما أظهر الموقوف فرحا، نصحه القاضي أنه في حال معاودة الإشادة بداعش أو القيام بأفعال يعاقب عليها قانون الإرهاب، فإن هناك عقوبات قاسية تنتظره في المستقبل. وبعد النطق بالحكم عليه حتى غادرت عائلته بسرعة محكمة الإرهاب، وتوجهت إلى السجن المحلي وانتظار الإفراج عن ابنها عبدالفتاح، لكن جميع المتابعين الخميس الماضي أمام غرفة الجنايات الابتدائية أدينوا بعقوبات حبسية، تراوحت ما بين سنتين حبسا وأربع سنوات وغرامات مالية، وبقي الأمل الوحيد أمام هذه العائلات هو استئناف القرارات الابتدائية وانتظار مراحل الاستئناف.

محكمة الإرهاب… ساعات في الجحيم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

موثقة بفاس متهمة بالتصرف في مليارين

الحبس لمغتصب خادمة بخنيفرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات