Page 5 - عدد السبت-الأحد صحيفة الصباح
P. 5

‫‪5 www.assabah.ma‬‬                                                                                                                                     ‫السبت ‪ -‬الأحد ‪ 2020/5/31-30‬العدد‪6231 :‬‬                 ‫ملف‬

                   ‫رفع الحجر‪ ...‬التعايش الصعب‬
                   ‫المواطن مطالب بالالتزام بقواعد النظافة والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة وتفادي التجمعات‬

                                                                                                 ‫أحمد العلوي المراني‬                                                                                                       ‫عبد اللطيف مفيق‬

                                 ‫في إنجاح هذه المرحلة‪ ،‬إلا بالتعايش الإيجابي مع الفيروس في جميع‬                       ‫ش�رع المغرب في تدبير أصعب مرحلة في مواجهة جائحة كورونا‪،‬‬
                                             ‫مناحي الحياة‪ ،‬إلى حين إيجاد لقاح له في الأشهر المقبلة‪.‬‬                   ‫ويتعلق الأمر بالانتقال من وضع الإغلاق شبه الكلي للحياة الاجتماعية والاقتصادية‪ ،‬إلى الرفع‬
                                                                                                                      ‫التدريجي للقيود المفروضة على المواطنين والسلع والتنقلات‪ ،‬وهي مرحلة تتطلب الكثير من الجهد والصبر‬
‫ويشكل التزام المواطن بقواعد النظافة والتباعد الاجتماعي واحترام التدابيروالإجراءات المقررة من‬
‫السلطات العمومية وارتداء الكمامة وتفادي الاختلاط والتجمعات‪ ،‬أهم محاور التعايش المطلوب‪ ،‬في أفق‬                                                                              ‫واليقظة والحذر للتحكم في تداعياتها المحتملة‪.‬‬
                                                                                                                      ‫ومنذ الإعلان عن التمديد الثاني للحجر الصحي‪ ،‬بدأ الجميع يتهيأ نفسيا إلى ما بعد فترة ‪ 10‬يونيو‬
        ‫التأسيس لسلوك اجتماعي جديد‪ ،‬يكون صمام أمان في المستقبل لجميع أنواع الفيروسات المتنقلة‪.‬‬                        ‫المقبل‪ ،‬التي تشكل مرحلة حاسمة‪ ،‬في منحنى التعامل مع جائحة قاتلة أزهقت أرواح أكثر من ‪ 200‬مغربي‪،‬‬
‫ويعتبر التعايش خيارا إسترايتيجيا للاستمرار في الحياة والتأقلم مع الوضع الجديد‪ ،‬إذ لا يمكن أن‬                          ‫وأصابت أكثر من ‪ 7500‬مواطن‪ ،‬وتسببت في تخريب شبه كلي لعدد من القطاعات الاقتصادية والأنظمة‬
‫تتوقف العجلة بالمطلق حتى ينتهي الفيروس كليا‪ ،‬وف�ي الوقت نفسه لا يمكن مواجهته في الشارع دون‬
                                                                                                                                                        ‫المالية والاجتماعية‪ ،‬يتطلب إعادة إصلاحها خمس سنوات على الأقل‪.‬‬
                                                                        ‫احتياطات وأسلحة ووقاية‪.‬‬                       ‫وحسب عدد من الدراسات والسيناريوهات التي أعدتها الحكومة بجميع قطاعاتها‪ ،‬لا يوجد أي حل سحري‬

‫ي‪.‬س‬

                                                                                               ‫مسافة الأمان‪" ...‬كلها يلغي بلغاه"‬
                                                                                               ‫الأحياء الراقية الأكثر انضباطا وتسيب في المناطق الشعبية والأسواق‬

                                                                                               ‫الشعبية م��رده أن ه�ذه الأح�ي�اء ت�ع�ان�ي أص�لا‬       ‫إل�ى مجموعة م�ن المعطيات‪ ،‬أهمها أن المسألة‬             ‫يبدو أن المرحلة المقبلة من تدبير مواجهة‬
                                                                                               ‫الاك�ت�ظ�اظ وال�ض�ي�ق‪ ،‬س�واء ف�ي السكن والأزق�ة‬       ‫ت�ب�ق�ى م�رت�ب�ط�ة ب�ال�وع�ي ال�ث�ق�اف�ي وال�ط�ب�ق�ي‪،‬‬  ‫ج��ائ��ح��ة ك���ورون���ا‪ ،‬س�ت�ت�ط�ل�ب ن�ف�س�ا ط�ويل�ا‬
                                                                                               ‫وال�ف�ض�اءات‪ ،‬وب�ال�ت�ال�ي ف�ق�اط�ن ه��ذه الم�ن�اط�ق‬  ‫وك�ذا ق�راءة أبعاد السلامة الصحية ومسافات‬              ‫ل�ل�ت�ع�اي�ش م��ع ال��ف��ي��روس‪ ،‬ش��ري��ط��ة اح��ت��رام‬
                                                                                               ‫متعود على الاحتكاك المباشر‪ ،‬ويصعب عليه‬                ‫الأم�ان‪ ،‬التي يحددها القانون لتفادي انتشار‬             ‫مجموعة من الاحتياطات‪ ،‬س�واء التي أوصت‬
                                                                                               ‫احترام الصف ومسافة الأمانع‪.‬بدالحليم لعريبي‬            ‫ال���ع���دوى‪ ،‬م�ض�ي�ف�ا أن م���ا ي��ج��ب أن ي�ع�رف�ه‬   ‫بها منظمة الصحة العالمية أو الإجراءات‪ ،‬التي‬
                                                                                                                                                     ‫الم�ت�ت�ب�ع أن خ��رق ح���الات ال��ط��وارئ ب�الأح�ي�اء‬  ‫ات�خ�ذت�ه�ا ال�ح�ك�وم�ة للحد م�ن ان�ت�ش�ار ال�وب�اء‪،‬‬
                                                                                                                                                                                                            ‫ضمنها احترام مسافة الأمان المحددة في متر‪.‬‬
                                                                                                                      ‫الأحياء الفقيرة‬                                                                       ‫وم��ن خ�ل�ال ج���ولات ق�ام�ت ب�ه�ا "ال�ص�ب�اح"‬
                                                                                                                                                                                                            ‫ف�ي أح�ي�اء مختلفة ب�ال�رب�اط وس�لا والقنيطرة‪،‬‬
‫(عبد اللطيف مفيق)‬  ‫الأسواق تشكل تحديا في محاربة الفيروس‬                                        ‫يؤكد شعباني أن�ه كلما تحدثنا ع�ن الأح�ي�اء الفقيرة سنكون ف�ي محلات "الاح�ت�ك�اك"‪،‬‬                            ‫منذ بداية تطبيق الحجر الصحي‪ ،‬يظهر جليا‬
                                                                                                           ‫الذي يسبب كثرة السرقات بالنشل‪ ،‬لأن اللصوص ينتهزون هذه الفرصة أو في‬                               ‫أن ق�اط�ن�ي الأح�ي�اء ال�راق�ي�ة ي�ح�ت�رم�ون مسافة‬
‫الأسواق ‪ ...‬التحدي الكبير‬                                                                                    ‫الحافلات التي تتيح لهم القيام بالانحرافات‪ ،‬وأظهرت تدابير جائحة كورونا‬                          ‫الأمان أمام المؤسسات البنكية وشركات التأمين‬
‫ارتفاع عدد المتبضعين والازدحام يهددان بنسف تدابير التعايش مع كورونا‬                                            ‫يقول المتحدث ذاته‪ ،‬أن بعض قاطني الأحياء الفقيرة‪ ،‬مازالوا في الفضاءات‬                         ‫والاتصالات وباقي المؤسسات‪ ،‬التي يكثر عليها‬
                                                                                                                 ‫نفسها ال�ت�ي ك�ان�وا فيها م�ن ق�ب�ل‪ ،‬وم�ن ال�ص�ع�ب عليهم اح�ت�رام ش�روط‬                    ‫الطلب خلال هذه الفترة‪ ،‬فيما الأحياء الشعبية‬
‫كشفت آخر مذكرة للمندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬أن خطر انتشار فيروس كورونا يكون‬                                          ‫السلامة الصحية‪ ،‬لأن المفاهيم التي ظهرت مع الحجر الصحي لم تكن‬                             ‫ي�ظ�ه�ر ف�ي�ه�ا الازدح���ام ب�ش�ك�ل م�ل�ف�ت ل�ل�ن�ظ�ر‪ ،‬ما‬
‫بشكل أكبر في المناطق التي تشهد كثافة واكتظاظا‪ ،‬خاصة ب�الأس�واق‪ ،‬ما يفرض تشديد‬                                      ‫متداولة في السابق‪ ،‬ما يؤكد أنها مازالت مجهولة لدى البعض وتبقى‬                            ‫ي�ط�رح ال�ع�دي�د م��ن عل�ام��ات الاس�ت�ف�ه�ام ح�ول‬
                                                                                                                         ‫قراءتها من قبلهم سيئة‪ ،‬سيما أنها ستحرمهم من العديد من‬
                                                                                                                                                                             ‫الممارسات‪.‬‬                        ‫خطورة الوضع ما بعد رفع الحجر الصحي‪.‬‬
                                                                                                                             ‫أم�ا ال�س�ك�ان ب�الأح�ي�اء ال�راق�ي�ة يضيف ال�ب�اح�ث نفسهم‬                     ‫ودف��ع��ت ال��ت��ج��اوزات الم��رت��ك��ب��ة‪ ،‬م��ن ق�ب�ل‬
                                                                                                                              ‫م�ن الأط�ر العليا والم�ي�س�ورة وي�س�اف�رون كثيرا خ�ارج البلد‬                  ‫المواطنين في خرق حالة الطوارئ وعدم احترام‬
                                                                                                                                              ‫ويحترمون الصفوف في جميع الفضاءات‪.‬‬                             ‫م�س�اف�ة الأم��ان‪ ،‬مختلف ال�ع�م�الات وال�ولاي�ات‬
                                                                                                                                                                                                            ‫للتدخل قصد نشر أفراد الأمن الوطني والدرك‬
                   ‫تدابير التباعد الاجتماعي والالتزام بكل وسائل منع انتقال كورونا‪.‬‬
‫وانتبه المغرب‪ ،‬منذ بداية الجائحة‪ ،‬إلى خطورة الأسواق وقدرتها على نقل الفيروس إلى‬                                                                                                                                       ‫الم�ل�ك�ي وال��ق��وات الم�س�اع�دة وأع��وان‬
‫أكبر عدد من الأشخاص‪ ،‬فوجهت وزارة الداخلية تعليماتها في جل المناطق من أجل تطويقها‬                                                                                                                                             ‫السلطات الترابية‪ ،‬م�ن أجل‬
‫وإغلاق أبوابها‪ ،‬مع تخصيص بابين فقط‪ ،‬أحدهما للدخول والثاني للخروج‪ ،‬ووضع حراسة‬                                                                                                                                                   ‫ض�ب�ط الأس���واق ال�ت�ج�اري�ة‬
‫تتكون من أعوان سلطة ورجال أمن‪ ،‬سيما أنه لا يكفي أن يكون المتبضع حاملا لورقة الخروج‪،‬‬                                                                                                                                            ‫الكبرى وإجبار المستهلكين‬
                   ‫بل ينبغي أن يكون منتميا إلى الحي الذي يوجد فيه السوق‪.‬‬                                                                                                                                                        ‫ع��ل��ى ض�������رورة اح���ت���رام‬
‫وزادت خطورة انتقال الفيروس بالأسواق‪ ،‬في رمضان‪ ،‬نظرا لما شهدته من ازدحام شديد‬                                                                                                                                                        ‫م��س��اف��ة الأم�����ان‪ ،‬م�ع‬
‫لا يوحي البتة أن الم�غ�رب ف�رض الحجر الصحي‪ ،‬علما أن م�ا يسمى أس�واق الأح�ي�اء والتي‬                                                                                                                                                   ‫وض�������ع "ك�����وط�����ا"‬
‫توفر الحاجيات الغذائية لعدد من التجمعات السكانية تشهد رواجا كبيرا‪ ،‬ما أدى إلى عدم‬                                                                                                                                                       ‫ل���ل���م���ت���س���وق�ي�ن‪،‬‬
‫ال�ت�زام المتبضعين بقواعد التباعد الاجتماعي وتعليمات وزارة الصحة المتعلقة بالسلامة‬                                                                                                                                                      ‫ال���ذي���ن ي��ل��ج��ون‬
‫الشخصية‪ ،‬فتجددت الدعوات إلى إغلاق هذه الأسواق‪ ،‬باعتباره ضرورة ملحة لأجل ضمان‬                                                                                                                                                            ‫هذه المراكز‪ ،‬فيما‬
                      ‫استمرار التحكم في الحالة الوبائية في المغرب‪.‬‬                                                                                                                                                                     ‫ي�ن�ت�ظ�ر الآخ����رون‬
‫ويحسب لكورونا دوره في تطهير العديد من المناطق البيضاوية‪ ،‬من الأسواق العشوائية‬                                                                                                                                                        ‫ف���ي ط��واب��ي��ر ح�ت�ى‬
‫والعربات المجرورة بالدواب‪ ،‬التي لم يلتزم أصحابها بإجراءات الحجر الصحي‪ ،‬إذ صارت‬                                                                                                                                                         ‫يخرج المتسوقون‪.‬‬
‫تشكل خ�ط�را حقيقيا ي�ه�دد بتفشي ال�وب�اء ب�ني الم�واط�ن�ني‪ ،‬ال�ذي�ن ي�ت�واف�دون بكثرة لاقتناء‬                                                                                                                                        ‫وتدخلت مصالح‬
‫الخضر والفواكه‪ ،‬وه�ي إج�راءات هدفها محاولة حصر بيع الخضر والفواكه في الأس�واق‬                                                                                                                                                       ‫الأمن بسلا في أحيان‬
‫النموذجية والمحلات التجارية الكبرى التي تتوفر على معايير السلامة وإمكانية التحكم في‬                                                                                                                                                 ‫ك�ث�ي�رة لإخ��ب��ار رواد‬
‫عدد ال�زوار‪ ،‬عبر حصر ولوجها على حاملي رخص التنقل الاستثنائي دون غيرهم‪ ،‬عكس‬                                                                                                                                                          ‫ف����ض����اءات ت��ج��اري��ة‬
‫الأسواق العشوائية التي كانت مفتوحة في وجه الجميع‪ ،‬ما يصعب مهمة المراقبة‪.‬‬                                                                                                                                                            ‫ك�����ب�����رى ب�����ض�����رورة‬
‫ولايخفي المتتبعون للحالة الوبائية في المغرب أن الأسواق تشكل تحديا‪ ،‬بعد رفع الحجر‬                                                                                                                                                    ‫الالتزام بالتسوق مرة‬
‫الصحي‪ ،‬خاصة أن ص�ورا عديدة كشفت عن المبالغة في الخروج والتجمع والتكتل بأعداد‬                                                                                                                                                       ‫واح����دة ف��ي الأس��ب��وع‬
‫مهمة‪ ،‬ما دفع السلطات المحلية إلى إغلاق كل أسواق القرب يوميا بدءا من ‪ 12‬زوالا والنصف‪،‬‬                                                                                                                                               ‫تفاديا للازدحام وخرق‬
‫باعتباره إجراء استباقيا ضمن تدابير الحجر الصحي للحد من انتشار الفيروس‪ ،‬ووجهت‬                                                                                                                                                      ‫ت���وج���ي���ه���ات وزارت������ي‬
‫في مناطق عديدة تحذيرا للتجار والزبناء من مخالفة إجراءات حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬فيما‬                                                                                                                                                ‫ال���داخ���ل���ي���ة وال��ص��ح��ة‬
‫توالت الصيحات بالتدخل بالحزم اللازم مع بعض مخالفي حالة الطوارئ ببعض الأحياء‬                                                                                                                                                    ‫ب��ض��رورة اح��ت��رام م�س�اف�ة‬
‫الشعبية‪ ،‬خاصة ببعض الأس�واق التي تعيش على إيقاع الفوضى التي وثقها شباب في‬                                                                                                                                                                          ‫الأمان‪.‬‬
                   ‫صور وتدوينات فيسبوكية نبهت لخطورة الأمر على صحة الجميع‪.‬‬                     ‫النقل العمومي من مؤشرات احترام شروط‬                                                                                             ‫ويرجع علي شعباني‪،‬‬
‫خالد العطاوي‬                                                                                   ‫السلامة الصحية (عبد المجيد بزيوات)‬                                                                                             ‫ال�ب�اح�ث ف�ي علم الاج�ت�م�اع‪،‬‬
                                                                                                                                                                                                                              ‫هذا الاختلاف الحاصل بين‬
                                                                                                                                                                                                                              ‫الأح�ي�اء ال�راق�ي�ة والشعبية‬

                   ‫‪.‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10