“دولـة الرجـم” تسقـط أول مـارقيهـا

الرويسي: قتل مواطن بشبهة السرقة بميدلت إعدام خارج القانون كان لا بد أن يسقط «مارق» مضرجا في دمائه، حتى تبرهن «دولة الغاب» أن لها شرطتها وقضاتها و»فتواتها» المستعدين، في كل اللحظات، للفتك والقتل والتنكيل تحت طائلة قوانين مصاغة بعناية الشارع ولغة القصاص والرجم وقطع الأعناق والأيادي. الآن، يمكن لـ«دولة الرجم» بالمغرب أن تنتشي بتوقيعها بالأحرف الأولى على أول «جثة»، بعد شهر «كريم» و»رحيم» من العروض التجريبية والتدريبات و»البروفات» في عدد من المناطق والمدن والفضاءات العمومية، كان أبرزها اعتراض سبيل فتاتين بإنزكان، وسحل شاب بنزوعات مثلية أمام أعين البوليس بفاس.الرجل الذي خر صريعا بسوق أسبوعي ببومية، منتصف الأسبوع الماضي، كان يمكن أن يكون نفسه مثلي فاس الذي فاجأته شرطة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في أول أيام رمضان مغادرا مقهى، فأنزلت به أحكامها النهائية بالضرب والسحل والرفس بشبهة تشبهه بالنساء، كما كان يمكن أن تكون «فتاتا» إنزكان اللتان أفلتتا بأعجوبة من وسط غابة من اللحي، بسبب ارتداء «تنورة» قصيرة في عز الصيف. في الحالات الثلاث، تتحرك «دولة تغيير المنكر باليد» بوجه مكشوف، وتدافع عن نفسها سلطة مضادة، مقابل سلطة القانون والأمن والقضاء والدولة، ولا تتردد في إصدار تشريعها وتنفيذ أحكامها بالتدرج المطلوب مع مراعاة التوزيع الجغرافي والزمني للأحداث.الأخطر من «دولة الغاب»، أن تجد وسط المغاربة من يدافع عن حكم القصاص من «شفار» وسط سوق أسبوعي، بمبرر وجود أعراف وتقاليد اجتماعية لا علاقة لها بالدين، بل ترتبط بأخلاق وشيم سكان البادية الذين لا يرضون بوجود لص بينهم يقطف عرقهم ويعتدي على تجارهم وفلاحيهم وينهب أرزاقهم.إنه نوع من التسامح والتواطؤ غير المعلن بين المواطنين والسلطات الأمنية الذي انتهى اليوم بإزهاق روح بشرية نفذ في حقها قصاص في فضاء عمومي (سوق) من المفروض أن يكون مؤطرا ومراقبا بقوة القانون، وليس سلوكات الجماعات والأفراد وأهوائهم.اليوم، ينتقل الرجم والتعنيف والسحل في أسواق البوادي، من مجرد دفاع عن النفس ضد لص تهجم واعتدى على أرزاق المتسوقين والتجار، إلى إقامة حد الرجم حتى الموت، ما يعيد البلاد والعباد، عمليا، إلى سنوات «السيبة المقيتة»، إذ يأخذ كل واحد حقه بيده. إنه إعدام خارج القانون، تقول خديجة الرويسي، رئيسة بيت الحكمة في تصريح لـ«الصباح»، مؤكدة أن القتل عن سبق إصرار وترصد وبطريقة وحشية كما حدث في ميدلت، يسائل جميع المغاربة ويطرح أسئلة حقيقية على النظام التعليمي والتربوي ومنظومة القيم والانضباط إلى سلطة القانون ويشجع على الإفلات من العقاب «ولي بغا شي يديرو في هاد البلاد».وقالت الرويسي إن نبذ مظاهر الاعتداء على الحريات الفردية والحياة الشخصية للمواطنين وانتهاك حقهم في الحياة كانت أهم انشغالات الحقوقيين قبل عشر سنوات، مؤكدة أن المجتمع المغربي ظل يقاوم هذه السلوكات المؤطرة بالكراهية والعنف وامتهان كرامة الآخرين ومصادرة حقوقهم الأساسية، وهي سلوكات يوجد اليوم من يشجع عليها، حين نرى مسؤولين في الحكومة يدعون تصريحا، أو تلميحا إلى ما يدعو إلى التمييز والعنف والتهديد بالنزول إلى الشارع في أي لحظة».والمفزع في الموضوع برمته، أن القصاص والقتل على شبهة «السرقة» يأتي عقب صدور مذكرة مشتركة لكل من وزيري العدل والحريات والداخلية تمنع فيه على المواطنين أن يحلوا محل السلطة في تطبيق القانون، كما يأتي مباشرة بعد تصريحات عبد الإله بنكيران، التي وضع تغيير «المنكر» بيد السلطة والقانون وعلماء الدين فقط، لكن يبدو أن لـ«دولة الراجمات» موقفا مغايرا، وهنا مصدر الخطورة.يوسف الساكت

“دولـة الرجـم” تسقـط أول مـارقيهـا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأجندة الانتخابية... الموقف والمناورة

إسكافي اغتصب قاصرا بعد تهييجها

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات