الأجندة الانتخابية… الموقف والمناورة

الخوف من ضعف المشاركة في استحقاقات 4 شتنبر يفرق الأحزاب استأثر موضوع أجندة الانتخابات، باهتمام كبير من قبل أحزاب المعارضة والحكومة، والأغلبية، أكثر من مواضيع أخرى كانت تهم الفاعل السياسي من قبيل ضمان نزاهة الانتخابات، ومحاربة المفسدين، والتقيد الصارم بالقانون، والسهر على الحياد الإيجابي للسلطة. وطالبت أحزاب المعارضة بإرجاء مواعد الانتخابات، نظرا لأنها تتزامن مع العطلة الصيفية، فيما ترى الحكومة أن أي شهر يتزامن مع حدث معين، سواء الدخول المدرسي، أو عيد الأضحى، أو بداية الحرث في البوادي، وفصل الشتاء، وبعدها المهرجانات، والامتحانات، ورمضان، وبالتالي إذا وضعت مبررات وهي كثيرة، فإن أي تأخير هو ضرب لمصداقية الأحزاب، لأنه انتهت مدة انتداب منتخبي الجماعات المحلية، ومجالس الأقاليم والعمالات والجهات، ولا يمكن التمديد لها، بعد تقليص عدد الجهات من 16 إلى 12، كما لا يمكن أن يفتتح الملك محمد السادس، الدورة الخريفية المقبلة في الجمعة الثانية من أكتوبر بمجلس مستشارين، منظم بدستور 1996، يخالف مجلس النواب المنظم بدستور 2011، ومن ثم وجب على الجميع احترام وظيفة المؤسسات، وتنزيل الدستور. لم يكن يتوقع أن يثير موضوع أجندة الانتخابات، كل هذا اللغو السياسي، باعتبار أن النقاش السابق كان يهم كيفية ضمان نزاهة الانتخابات، وعدم استغلال الوزراء لنفوذهم الحكومي، لاستمالة أصوات الناخبين، وتدخل سلطة الوالي والعامل والقائد والباشا والشيخ والمقدم، في دعم هذا المرشح أو ذاك، أو صمت الأمن الوطني بالمدن، والدرك الملكي بالبوادي على تحرك أموال لمرشحين يشترون ذمم الناخبين، أو يستغلون موارد مالية مشبوهة متأتية من تجارة المخدرات، أو من التهريب التي تم غسلها في مشاريع تنموية، لأجل استعمالها في الحملات الانتخابية، لدرجة أن البعض يصرف مليارين كي يضمن الفوز. وتهكم حميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال، على أجندة الانتخابات، متهما محمد حصاد، وزير الداخلية، بأنه مجرد موظف صغير في وزارة أكبر منه، لأنه لا يفقه عمليا في تدبير الانتخابات. وقال شباط إن عبد الإله بنكيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، رئيس الحكومة، يريد أن يبخس العمل الحزبي، لذلك اختار مواعد انتخابية تصادف العطلة الصيفية، مما سيعزز ارتفاع مؤشر العزوف السياسي للناخبين. وانتقد شباط الحكومة ووزارة الداخلية، مؤكدا أنه لا يعقل أن يتم إجراء الحملة الانتخابية في غشت الذي يصادف شهر العطل في الإدارات والمدارس والجامعات، والمؤسسات الإنتاجية والخدماتية، مضيفا أن الحكومة تسعى إلى أن تحطم العمل السياسي لأنها تفتقر إلى الحس العملي واستيعاب أهمية التواريخ. وزاد شباط تهكما حينما قال إن الحكومة تريد من الأحزاب فتح مكاتب لها في الشواطئ وفي المناطق الجبلية، لتوضيح برامجها لعموم المواطنين المصطافين، لإقناعهم بأهمية التصويت في 7 غشت بالنسبة إلى انتخابات الغرف المهنية، الفلاحية، والصناعية والخدماتية، وكذا في 4 شتنبر بالنسبة إلى الانتخابات الجماعية والجهوية التي ستجرى في يوم واحد. وانتقد أيضا الشاوي بلعسال، القيادي في حزب الاتحاد الدستوري، أجندة الانتخابات، معتبرا أنها نوع من ممارسة الابتزاز للأحزاب السياسية، لأنه مطلوب منها أن تضاعف حملاتها الانتخابية في المدن والقرى، وفي الشواطئ والمناطق الجبلية والغابات، وهذا سيتعب المرشحين كثيرا لأجل إقناع الناخبين بأهمية التصويت عليهم. وانتقد بلعسال، في حديثه بمجلس النواب، الحكومة لأنها شجعت بشكل مباشر العزوف السياسي، ورمت بثقلها على المرشحين، بدلا من إجراء تغيير طفيف على تواريخ الانتخابات، معتبرا أن السياسة هي فن الممكن، ولا يمكن العبث بها كي يسجل على الأحزاب أنها ضعيفة ولم تقدر على ربح رهان الاستحقاقات الانتخابية. وسجل إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، استمرار العقلية نفسها في تدبير الزمن الانتخابي، متسائلا عن السر في اعتبار يوم الجمعة، هو يوم تصويت، مؤكدا أن الدستور لا يتضمن حكما قطعيا بضرورة إجراء الانتخابات يومه الجمعة، فيما تصر الحكومة على إخضاع القوانين التنظيمية المرتبطة بالانتخابات، والمراسيم الحكومية، ليوم الجمعة. وأوضح لشكر في حديث في مؤتمر صحافي بمجلس النواب، أنه ليس ضد يوم الجمعة، كيوم من الأيام السبعة، لكنه يعرف كما المغاربة جميعهم وجود تحول في عقلية الموظفين والمستخدمين، إذ أنهم يمددون في عطلتهم الأسبوعية ليومي السبت والأحد، ابتداء من صلاة الجمعة، ظهرا، وبالتالي لا يمكن أن تعول أن يصوت الناخبون مباشرة بعد صلاة الجمعة إلى غاية صلاة المغرب مساء، على الساعة السادسة إذ تغلق مكاتب التصويت، وحتى ولو أضيفت ساعة أو ساعتين إلى غاية السابعة أو الثامنة ليلا، فلن يشارك الناخبون لأنهم يكونوا قد انتقلوا إلى مدن أخرى مع بداية مبكرة لعطلتهم الأسبوعية. واستنادا لكل هذه الاعتبارات، يرى لشكر أن الحكومة تشجع العزوف الانتخابي، وكان عليها اختيار مثلا الثلاثاء أو الأربعاء مع تقديم كل الضمانات القانونية كي يسمح للناخبين بمغادرة مقار عملهم لساعة أو ساعتين للتصويت والعودة مجددا. واعتبر لشكر أن توقيت الانتخابات، غير ملائم بالمرة سواء يومه الجمعة، أو في عز العطلة الصيفية، منتقدا تلكؤ الحكومة في التحضير القبلي للانتخابات على الأقل منذ سنتين، إذ كان عليها منذ 2013، إحالة القوانين التنظيمية المرتبطة بالانتخابات على البرلمان، بعدما تكون قد أغلقت حلقة المشاورات مع الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية لمدة ستة أشهر، ويبدأ النقاش في البرلمان، ويتم التصويت على القوانين بداية 2014، إذ يكون الكل جاهز لخوضها في وقت مناسب، بدلا من التسرع في المناقشة والتصويت وتحديد أجندتها، مؤكدا انه لولا حزبه الذي وضع سؤالا في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، لما كان سيعرف مواعيد الانتخابات، مشيرا إلى أن الحكومة لم تستوعب أن أحزاب المعارضة هي شريك لها انتخابيا وليس عدوا بل خصما لها وللأغلبية الحكومية، كما أن القوانين التنظيمية التي هي تكملة للدستور تعد موضوعا مشتركا بين كل الفاعلين، ما استوجب المنهجية التشاركية. والكل يتذكر انسحاب أحزاب المعارضة من لجنة الداخلية، متهمة الحكومة بنهج سياسية الإقصاء والتهميش في حقها، فيما كان رد محمد حصاد، وزير الداخلية، والشرقي اضريس، الوزير المنتدب في الداخلية، قويا، إذ أكدا معا على وجود مشاورات مكثفة مع الأحزاب دامت سنة تقريبا، مستندين في ذلك على تواريخ النقاش السياسي الأولي وتبادل المذكرات، إذ نفى الوزران ما روجته المعارضة بشأن عدم مشاركتها في التحضير للانتخابات. أحمد الأرقام

الأجندة الانتخابية… الموقف والمناورة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الخلفي: مرسوم التقطيع الترابي جاهز

"دولـة الرجـم" تسقـط أول مـارقيهـا

مقالات ذات صلة