أطلق الحسين الوردي، وزير الصحة، سراح المرضى من مستشفى الدراويش "بويا عمر"، فأصيب التلفزيون بالحمق.. وأصبح شرط الصيام الصحيح يتمثل في الإفطار على وجبات تصيب بالدوران والانهيار العصبي، تماما مثل وصول المجاذيب إلى الذروة في ابتهالاتهم داخل الأضرحة.لأول مرة يغيب المغاربة عن وعيهم ويفقدون طعم الحياة والحريرة والشباكية، فالمسلسلات والسكيتشات والسيكتومات الرمضانية جعلتهم كائنات غريبة، تارة تفتح أفواهها أمام كاميرا خفية، وتنسى إغلاقه إلى الأبد، وتارة أخرى تفقد الوعي بشكل نهائي، ولا تستعيده، إلا بعد تلاوة القرآن إعلانا بنهاية الإرسال.لا يتحمل مسؤولية هذا الخبل إلا الوزير التقدمي، الحسين الوردي، فهو من فتح أبواب "بويا عمر"، دون أن يطلب "التسليم" ويستعين بالتعاويذ درءا للعنة، والممثلون والمخرجون ووزير "اللا اتصال" أبرياء من حمق المسلسلات الرمضانية براءة "بويا عمر" من المشعوذين وشاربي الماء الساخن.سخر الوردي من لعنة "بويا عمر"، وتهكم على "بركة" لا يدرك كنهها إلا المتيمون بزيارة "المواسم"، ونحر العجول أمام ضريح يتجاوز نفوذه إقليم قلعة السراغنة، ويصل لكل المنازل والبيوت، بما فيها دار البريهي العامرة.بسبب الوزير الوردي غضب "الولي والأب عمر"، فأقسم على الانتقام، ووعد بشهر يتذوق فيه المشاهدون كل أصناف العذاب من ربط بالسلاسل قسرا أمام شاشة التلفزيون ساعات طويلة إلى سلب الذاكرة إلى حين إعلان التوبة والتكفير عن التطاول على الأسياد، بل إن مريدا رفع دعاءه إلى السماء، وتطاير لعابه حتى وصل إلى تخوم الصحراء، ولوح بيديه إلى أوربا مقسما أن كسوة خضراء "لأبينا عمر"، وحدها تشفع لنا وتنقذنا من عذاب المشاهدة، دون حاجة إلى دفاتر التحملات.لعنة "بويا وخويا عمر" سهلة جدا: افتح جهاز التلفزيون مع أذان صلاة المغرب أو عند سماع طلقات المدفع أو حتى صفارات الإنذار، ستجد كاميرا خفية في القناة التلفزيونية الأولى تسمى "حمق"، تثير القرف والصهد والإمساك (ثلاثي الرعب في رمضان)، لكنها عبارة عن "ميساج" من الولي أن حياتنا كلها خبل، فلا تدري، بعد نهاية الحلقة، هل تضحك أم تبكي؟!زحفت اللعنة، أيضا، على طنجة، ومست، قبل الإفطار بساعة، القناة التلفزيونية الرزينة، حين بثت برنامجا الجميع يبتسم فيه دون سبب، وأحيانا يغضبون ونجهل السبب أيضا، المهم إنهم يتكلمون أمامنا ساعة كاملة بأصوات ونبرات غير مفهومة، فتخال الضيوف تعرضوا للاختطاف بطنجة، بعدما كانوا في طريقهم إلى قلعة السراغنة، محملين بالشموع و"قوالب" السكر والديك الأسود.في عين السبع، نكهة أخرى لا يضاهيها إلا مذاق الحريرة حين تتعرض للنار بشكل مبالغ فيه، فيشوى العدس والحمص، وتعلو الوجبة بقع سوداء غامقة أقرب إلى النفط.. تعذيب نفسي، وألم في المعدة المتخمة، والسبب سلسلة الخواسر التي لا شك أنها جمعت لعنات كل الأولياء الصالحين في العالم، تضامنا مع بويا عمر، فهي ناطقة ب"الدارجة"، ثم مسخت بالعربية، تماما كما تمسخ الآلهة الإغريقية الإنسان قردا أو تمثالا.وطبعا بين فقرات لعنات بويا عمر، هناك مساحات إشهارية، فمجاذيب الضريح انتقلوا بمزاميرهم المعروفة باسم "الليرة" إلى الشاشة، ثم سحروا أغاني حطمت أرقاما قياسية في اليوتوب، ف"اعطيني صاكي" أصبحت "اعطيني داري" مقابل 300 مليون سنتيم للناسكة الداودية، و"حك لي نيفي" و"كاينة ولا ماكايناش" أدوات "للمرطوب" والإسمنت المسلح.. اعذرنا يا "بويا عمر" نحن نجهل بركاتك!(*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com