هاجس اختراق المعطيات الشخصية لمستعملي الهواتف الذكية، ليس شأنا يهم الأفراد العاديين أو المبتدئين في استعمالها فقط، بل يؤرق أيضا الحكومات ووكالاتها الوطنية لمكافحة التجسس، سيما بعد تكرر حوادث تجسس دول على مسؤولي حلفائها.ويعد انكشاف تجسس الولايات المتحدة الأمريكية على المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، وتجسس ألمانيا على مسؤولين فرنسيين لصالح الولايات المتحدة، في 2013، آخر الوقائع التي دفعت حكومات إلى تحصين هواتف وزرائها ومسؤوليها.ولم يتردد جون مارك آيرو، الوزير الأول الفرنسي، في شتنبر 2013، في توجيه مذكرة صارمة، إلى أعضاء الحكومة والمتعاونين معهم، يخبرهم بأنهم ممنوعون من استعمال هواتفهم الذكية الشخصية واللوحات الإلكترونية، في التواصل أو تلقي وتوجيه رسائل تهم الشأن العام الفرنسي، ما لم تكن مشفرة، ببرامج خاصة لمكافحة التجسس، معتمدة من قبل الجهات المختصة في الدولة الفرنسية.وشدد الوزير الأول الفرنسي، حينها، على وزرائه، عدم استعمال غير هواتف مثل "تيوريم" المبدع خصيصا للمسؤولين الفرنسيين من قبل شركة "طاليس".وشهدت الفترة ذاتها، قرارا ألمانيا، يمنع كبار مسؤولي برلين، من استخدام الهواتف غير المحمية من التجسس لبرنامج خاص، يقوم بتشفير الاتصالات والرسائل النصية المتبادلة.ولم تتوان فيه دول من اتهام شركات عالمية للهواتف الذكية وبرامجها، بالتواطؤ سرا مع وكالة الأمن القومي الأمريكية، لحظة انكشاف تجسسها على هواتف مسؤولي دول حليفة لأمريكا. ورصدت، تقارير إعلامية أوربية وأمريكية، في العقد الأخير، نزوعا لدى رؤساء دول، نحو استعمال هواتف غير ذكية، تفاديا للتجسس عليهم، وتفضيل البعض الآخر لهواتف "بلاك بيري"، كما هو حال الرئيس الأمريكي باراك أوباما.وتوازيا مع تشدد فرنسا مع وزرائها في قضية استعمال الهواتف الذكية، أعدت الحكومة، قانونا جديدا للاستخبارات، سيعرض على البرلمان، في ماي الجاري، ويوصف بأنه متشدد مع مستعملي الأنترنت وينتهك معطياتهم الشخصية، ومن شأنه أن يحول فرنسا إلى "دولة بوليسية رقميا".وبسبب ذلك، تشهد فرنسا، هذه الأيام، جدلا واسعا، تمخض عنه توقيع 120 ألف فرنسي، على عريضة من أجل سحب مشروع القانون، إذ يعتبر مستعملو الأنترنت، أن السمة الأساسية لمشروع القانون، هي أن "الشرطة ستكون لها سلطات واسعة ودون أن تواجه بسلطات مضادة".ويرفض النشطاء تشدد القانون في رصد الأنشطة الرقمية لمستخدمي الإنترنت، درجة أن الوصول إلى الحياة الخاصة للأفراد، أمر سهل للشرطة السرية.ويشير محللون، إلى أن تزايد مخاطر الإرهاب الموجه ضد فرنسا، في الفترة الأخيرة، هو الذي فرض هذا النزوع من قبل الحكومة الفرنسية، نحو التشدد في مراقبة مستعملي الأنترنت.امحمد خيي