انطلق فكرة منذ عهد ساجد وتعثر في عهد عماري وعرف بعد التململ في عهد ارميلي ثم توقف حددت جماعة البيضاء وشركة "دريم فيلاج" والوكالة الوطنية للمياه والغابات وولاية جهة البيضاء-سطات وشركة البيضاء للتهيئة، تاريخا جديدا للافتتاح الرسمي لحديقة عين السبع، بعد الفشل في الوفاء بالتاريخ السابق (الأحد فاتح يونيو 2025)، وما تلا ذلك من جدل كبير وسط الرأي العام المحلي. واقترح ممثلو الشركاء، في آخر اجتماع للجنة تتبع اتفاقية "تهيئة وتأمين الأماكن والفضاءات المخصصة لإيواء وعرض الحيوانات بحديقة عين السبع"، موعدا قد يصل إلى منتصف شتنبر 2025، أو أكتوبر المقبل، أي بعد الدخول المدرسي، وعلى بعد ثلاثة أشهر من تنظيم نهائيات كأس إفريقيا للأمم. إنجاز: يوسف الساكت/ تصوير : (عبد الحق خليفة) في أبريل 2013، أي على بعد سبعة أشهر من الخطاب الملكي حول البيضاء في 13 أكتوبر من السنة نفسها، سافر محمد ساجد، عمدة البيضاء الأسبق، إلى فلنسيا الإسبانية، للاستفادة من خبرة مجلسها المحلي في تهييء الحدائق والمنتزهات والفضاءات الخضراء، وفي نيته نقل التجربة نفسها لإعادة تهييء حديقة الحيوانات بعين السبع، إذ كان التفكير، آنذاك، تحويلها إلى منتزه عمومي على مساحة 13 هكتارا. الفكرة الأساسية رغم الجدل الذي صاحب هذا المشروع، والجدوى منه في هذه المنطقة بالتحديد ودخول منعشين عقاريين على الخط كانوا يرون في هذه البقعة الاستراتيجية "هوتة" استثمار في عمارات شاهقة، تشبث العمدة الأسبق بفكرة المنتزه البيئي مع توسيع في مساحة الحديقة، لتصل إلى 13 هكتارا، 10 هكتارات للحيوانات و3 هكتارات مرافق للترفيه، مقسمة إلى فضاءين الأول مخصص للحيوانات الذي سيضم تشكيلة حيوانية مكونة من أكثر من 45 صنفا حيوانيا، والفضاء الثاني للترفيه وهو بدوره مجهز بفضاءين كبيرين للنزهة ومطعم ومحل تجاري وكشكين، بميزانية قاربت 250 مليون درهم، منها 130 مليون درهم من قبل وزارة الداخلية، ومجلس مدينة البيضاء بـ80 مليون درهم، ثم جهة البيضاء سطات بمبلغ 40 مليون درهم، فيما أسند المشروع إلى شركة البيضاء للتهيئة على سبيل الانتداب. ومن 2013 إلى 2016، دخل المشروع في سبات عميق، تزامن مع رحيل محمد ساجد، ووصول العدالة والتنمية الذي تسلم زمام الأمور بالمدينة بعد انتخابات 2015، إذ عادت الجماعة إلى برمجة اتفاقية بالقيمة المالية نفسها، وانطلقت الأشغال في نهاية 2016، تحت إشراف شركة البيضاء للتهيئة التي التزمت بتسليم الحديقة في 2019، مع تحديد موعد للافتتاح في نهاية السنة نفسها. ولم يلتزم المجلس الجماعي السابق بموعد الافتتاح فحسب، بل ضرب طوقا من الصمت على هذا المشروع، وتوقفت الأشغال دون معرفة السبب، وسط تضارب شديد في تحديد المسؤوليات، طفا منه، حينها، مصير مئات الحيوانات التي رحلت من الحديقة، وذهبت إلى ضواحي المحمدية، حيث توجد حديقة حيوانات خاصة بمنطقة سيدي موسى المجذوب. خبرة ميدانية وجدت نبيلة ارميلي، عمدة البيضاء الحالية، منذ انتخابها في نهاية 2022، أمامها ملفا معقدا، تقنيا وماليا وإداريا، تطلب التريث لمعرفة ما يجري بالضبط، مع انتداب مكتب للدراسات لإنجاز خبرة شاملة، تكون أرضية لاتخاذ قرار. وحسب الإشارات الواردة في التقرير، الذي تتوفر "الصباح" على نسخة منه، فإن الشركة المكلفة بإنجاز المشروع منذ 2012 إلى 2022، خلفت وراءها عددا من المشاكل، سيطلب من الجماعة التصدي لها، إن رغبت في الاستفادة من هذا المرفق العمومي، ومن ذلك استكمال أشغال نجارة "ميتاليك" في عدد من المحاور (مليون و500 ألف درهم)، وتقوية الحراسة في المنافذ الأساسية (مليون درهم)، وإعداد عيادة للطب البيطري وتجهيزها (مليون و700 مليون درهم). ولاحظ الخبراء، في نهاية 2024، غياب عدد من التجهيزات الأساسية في قطاعات حيوية من المطابخ والإدارات وأماكن تربية الحيوانات، ثم غياب عدد من المعدات والناقلات الخاصة، إضافة إلى التجهيزات الخاصة بسلامة الزوار والحيوانات والمستخدمين على حد سواء (مليون درهم)، وتجهيزات فضاءات الأكل والأروقة (4 ملايين درهم). ووضعت الخبرة ميزانية تقديرية لاستقبال الحيوانات بـ25 مليون درهم، بعد فشل المقترحات السابقة، وصعوبة استرداد الحيوانات القديمة التي منحها العمدة السابق لإحدى الحدائق الخاصة في شكل "هبة". وسيكلف نقل الحيوانات 15 مليون درهم، ثم إعادة النظر في طريقة وضع الأقفاص وأماكن استراحة أنواع الحيوانات والطيور، ومختلف الأصناف الأخرى المستوردة من خمس قارات (مليون و400 ألف درهم). وسجلت الخبرة، أيضا، عددا من الاختلالات في الأجنحة الخاصة بالحيوانات، ثم الفضاءات المعدة لاستقبال عدد من النباتات النادرة من إفريقيا على الخصوص. ولا تتوفر الطريقة التي شيدت بها الأسوار والواقيات والحواجز على ضمانات، إذ طالبت الخبرة بإعادة النظر فيها على نحو عاجل، خصوصا في ما يتعلق بتقوية معايير السلامة، خوفا من هروب حيوانات. وخلصت الخبرة إلى أن الأشغال المنجزة ما قبل 2024، لا ترقى إلى المستوى المطلوب، ولا تسمح بفتح المرفق العمومي للعموم، علما أن ما أنجز كلف ميزانية ضخمة مقدرة بـ25 مليار سنتيم، وزعت على وزارة الداخلية (130 مليون درهم) والجماعة الحضرية (80 مليون درهم) وجهة البيضاء-سطات (40 مليون درهم). إنقاذ ماء الوجه بعد هذا التقرير الفاضح، وبناء على مقرر صادر عن جماعة البيضاء في دورة فبراير 2025، ارتأى مجلس المدينة، بناء على عدد من الاستشارات الفنية والتقنية، توقيع اتفاقية إضافية مع شركة "دريم فيلاج" التي استفادت من الصفقة العمومية للتسيير باسم شركتها الجديدة "شركة حديقة الحيوانات عين السبع الموجود مقرها بسيدي مومن). وتأتي هذه الاتفاقية في شكل "استدراك"، أو إنقاذا لماء الوجه، بعد أن اكتشفت جماعة البيضاء وشركاؤها أن سنوات من العمل والأشغال ذهبت هباء منثورا، ما أقره تقرير/خبرة صادرة عن مكتب دراسات محلف. وحملت الاتفاقية الواقعة في سبع صفحات توقيع جميع الشركاء (جماعة البيضاء وشركة "دريم فيلاج" والوكالة الوطنية للمياه والغابات وولاية جهة البيضاء-سطات وشركة البيضاء للتهيئة)، وتهدف إلى تحديد وتنظيم كيفية التعاون والعمل المشترك بين الأطراف المتعاقدة من أجل تهيئة وتأمين الأماكن والفضاءات المخصصة لإيواء وعرض الحيوانات بحديقة عين السبع، من خلال استكمال تجهيز وتأمين هذه الأماكن وتقوية تجهيزات التأمين للحديقة وتهيئة فضاء قفص الطيور التفاعلي وقفص بعض أصناف القردة. كما تشمل هذه الاتفاقية تجهيز الآبار الموجودة داخل الحديقة وتعزيز الفضاءات الخضراء وتجهيز منطقة النزهة، وتقييم وتشغيل جميع التجهيزات التقنية المختلفة الموجودة داخل الحديقة واستكمال أشغال تزيين المرافق وتهيئة منطقة إدارة النفايات، وتعزيز الأثاث الحضري وتبليط الحديقة وتهيئة قاعة الصلاة. أشغال استدراكية عبأت جماعة البيضاء لهذه العمليات النهائية (فينيسيون) ملياري سنتيم، تم ضخهما في حساب الشركة التي التزمت بتسليم المشروع في ماي 2025، أي بعد أربعة أشهر من الأشغال، بموازاة الشروع في استقبال الدفعات الأولى من الحيوانات. وانطلقت الأشغال "الاستدراكية" فعلا، في الموعد المحدد تحت إشراف الشركة المنتدبة (شركة البيضاء للتهيئة)، بموازاة الشروع في استقبال بعض الأنواع من الحيونات، مثل الفيلة، ونقل الأنواع الأخرى إلى حديقة "دريم فيلاج" بضواحي المحمدية، وظلت الجماعة، عبر لجان التتبع، تراقب الصغيرة والكبيرة، واعتقدت أن الأمور تسير هذه المرة على أحسن ما يرام، بل وتشجعت على إطلاق وعد بافتتاح رسمي في فاتح يونيو 2025. لكن، في الوقت الذي كان الجميع يستعد إلى هذا الموعد، عادت عقارب الساعة بسرعة إلى الوراء، لسببين أحلاهما أمر من الآخر: > الأول، يتعلق بنوعية الأشغال الرديئة، والأشغال غير المكتملة التي وقفت عليها لجنة من الجماعة فوجئ أعضاؤها بالفوضى العارمة في هذا المرفق العمومي في جميع المناحي تقرييا. > والثاني: انتظار استكمال المسار السككي الخاص بالقطار الجهوي السريع الذي سيلتهم أجزاء من الحديقة، ويفرض على الجماعة التراجع أمتارا إلى الوراء، وإعادة بناء السور الواقي من جديد. عجز بـ 2.4 مليار وسط غموض كبير يكتنف مصير الحيوانات التي رصد لاستقبالها والعناية بها مبلغ 50 مليون درهم، ومآل الأشغال التي مازالت متعثرة إلى حدود كتابة هذه السطور، يبرز الشريك المكلف بالتسيير، ممثلا في شركة "دريم فيلاج" التي أسست شركة تحت اسم "شركة حديقة حيوانات عين السبع"، تقوم بتدبير هذا المشروع وفق دفتر تحملات واتفاقية، تمت المصادقة عليهما في 2024. وخلال أشغال لجنة التتبع الخاصة بالاتفاقية، يطرح ممثلو الشركة عددا من الإكراهات التي لها علاقة وطيدة بأسعار التذاكر التي ارتأت الجماعة (صاحبة المشروع) أن تراعي فيها الجانب الاجتماعي. ورفع دفتر التحملات، الذي رافقه جدل كبير، واجب الدخول إلى 80 درهما، بدل 50، كما كانت محددة سابقا، بينما حدد سعر ركن السيارة في 10 دراهم (ما يرفع الواجب الإجمالي للفرد الواحد إلى 90 درهما)، دون احتساب المصاريف الأخرى. وتبدأ التسعيرة من 80 درهما بالنسبة إلى الفرد الواحد، و50 درهما بالنسبة إلى الطفل، في 2025، وترتفع تدريجيا حتى تصل إلى 100 درهم في 2028 بالنسبة إلى البالغ، و60 درهما بالنسبة إلى القاصر، ثم إلى 120 درهما و75 ابتداء من 2033. ووضعت جماعة البيضاء مشروع حديقة عين السبع ضمن لائحة أكثر المواقع السياحية والترفيهية استقطابا في سنة المونديال 2030، بواقع 421 ألف زائر، وهو رقم متوقع، وقد يصل في 2035 إلى نصف مليون زائر، مقارنة مع السنة الأولى التي توقعت 151 ألف زائر فقط. وبالنسبة إلى المداخيل المتوقعة من هذا المرفق العمومي، الذي سيدبر في إطار التدبير المفوض، تقول الأرقام الأولية إن موارد السنة الأولى (2025) ستصل إلى 7.3 ملايين درهم، دون احتساب مداخيل مواقف السيارات، وتتطور الموارد المالية إلى 40 مليون درهم في أفق 2035. ويقدر الشركاء أن العائدات السنوية لجميع هذه العمليات، لن تتجاوز 7 ملايين و386 ألف درهم، مضافا إليها 258 ألف درهم في شكل مداخيل لمواقف السيارات، وهي مداخيل تمثل نسبة قليلة من مجموع نفقات المشروع المقدرة بـ30.7 مليون درهم، دون احتساب تعويضات الشركة المقدرة بأكثر من 12 مليون درهم. وبهذه العملية، وأخذا بعين الاعتبار أسعار التذاكر، فإن الجماعة ملزمة، كل سنة، بدفع حوالي 24.2 مليون درهم لتغطية العجز. حيوانات على سبيل الإعارة تستقبل حديقة عين السبع، بعد الانتهاء من الأشغال الجارية، 75 نوعا من الحيوانات و319 فردا من الذكور والإناث، ضمنها 103 حيوانات مجهولة الجنس. وتستمر الشركة المتعاقد معها في جلب عدد كبير من الحيوانات والطيور والأصناف البرية والنهرية، التي تعيش في فضاءات طبيعية فسيحة مخصصة لها، بعد عمليات توسيع الحديقة وإلحاق عقارات جديدة بها. واكتفت الطلبيات الأولى بجلب أربع لبؤات وأسدين من سلالة الأسود البربرية، أو أسود الأطلس التي نجت من الانقراض، وهي الأصناف التي ستعوض أسد عين السبع "الشهير" بنومه الأبدي، والمرحل إلى حديقة "دريم فيلاج" في عهد العمدة السابق عبد العزيز عماري، ولا يعلم مصيره. وتضم اللائحة عددا من الأصناف التي لم تكن موجودة من قبل، التي تم التعاقد على جلبها من عدد من المحميات الدولية في أوربا وأمريكا الوسطى وإفريقيا، على سبيل الإعارة في كثير من الأحيان، لكن بشروط صارمة على مستوى المتابعة البيئية والبيطرية والعناية. وفي زيارة إلى حديقة الحيوانات الخاصة بضواحي المحمدية، لم تعثر "الصباح" على جواب شاف حول وجود هذه الحيوانات، والطريقة التي وصلت بها إلى المكان، والطرق الأخرى التي يتم بها تريحلها إلى حديقة عين السبع، باستثناء فيلين، نقلت صور وفيديوهات، قبل أيام، وصولهما واستقرارهما في الفضاءات المعدة لهما.