35 حزبا… ديمقراطية الشتات

القادري: الدولة فتتت الأحزاب - الوزاني: التنظيمات الكبرى مقاولات انتخابية - السباعي: القطبية الثنائية ممكنة يثير التعدد الحزبي بالمغرب، جملة أسئلة بخصوص ما إذا كانت الأحزاب 35 تعبيرا عن ضرورة مجتمعية، أم مكونا صنعته الدولة لتمييع المشهد الحزبي؟ أم أنانية أشخاص يعانون حب الظهور أم أن الأحزاب صنعت كي يستفيد المنتمون إليها من مناصب في المجالس المنتخبة، جماعات وبرلمان، ومؤسسات حكومية ومجالس وطنية، كما تم توجيه الاتهام للأحزاب الناشئة أنها تنشط فقط في مواسم الانتخابات. وفي خضم الجدل حول دعاوى التعدد الحزبي، وغياب القطبية، استقينا آراء مجموعة من الفاعلين في الميدان، وهم عبد الله القادري، أمين عام الحزب الديمقراطي الوطني، ومحمد نجيب الوزاني، أمين عام حزب العهد الديمقراطي، وعدي السباعي، الناطق الرسمي باسم حزب الحركة الشعبية.نفى عبد الله القادري، أمين عام الحزب الديمقراطي الوطني، أن تكون الأحزاب الناشئة، من طينة التي تنشط في المناسبات مثل الانتخابات، أحزاب موسمية، مؤكدا أنه اشتغل في الحقل السياسي لأزيد من أربعة عقود، وتعرض لضغوطات كثيرة، لكنه صبر كي يواصل مساره السياسي في تأطير المواطنين بكل جهد، وبالإمكانيات المتواضعة .وسانده في هذا التصور، محمد نجيب الوزاني، أمين عام حزب العهد الديمقراطي، موضحا أن المغاربة دائما ينظرون إلى الأمور بنظرة سلبية، علما أن 300 حزب تنشط في فرنسا، وأن كثرة الأحزاب في عدد من الدول العريقة في الديمقراطية، لا يعني أن زعماءها يودون الظهور بأنهم كذلك، ولكن كتعبير عن اختلاف في الرؤى، إذ يختار المواطنون بحرية من يرونه مناسبا لهم.وأكد الوزاني أن المواطن المغربي يدرك كيف شكلت الأحزاب، خاصة تلك الممثلة في البرلمان، التي هيأت لها الظروف كي تتضخم وتكبر من خلال استقطاب الأعيان، الرقم الرابح في المعادلة الانتخابية، أو " ماليين شكاير"القادرين على هزم القوانين الانتخابية، والتسلل إلى المؤسسات المنتخبة، مضيفا أن تلك الأحزاب التي تدعي أنها كبرى، ليس لها امتداد شعبي، جماهيري، ولا مبادئ تدافع عليها، فيما هي تحظى بعناية الإعلام العمومي أينما تنقلت، بل شكلت حتى قيادتها بطريقة توحي أنها تمتلك حلولا لمشاكل المغاربة، وهي فقط تتفنن في إلقاء الكلمات.لكن عدي السباعي، الناطق الرسمي باسم حزب الحركة الشعبية، يتجه إلى التأكيد أن حزبه عريق في ولادته منذ 1956، وليست 1958،بشهادة أحد أكبر معارضيه آنذاك، المهدي بن بركة في كتابه المعنون " الاختيار الثوري»، لمواجهة الفكر الوحيد، والحزب الوحيد الذي كان يمثله حزب الاستقلال، موضحا أن الحركة الشعبية كفكرة خرج من رحمها قانون الحريات العامة، الذي صان حقوق الإنسان، كما ساهمت الحركة الشعبية، في إحداث التوازن السياسي بالمغرب، رغم أن الباحثين ووسائل الإعلام يمارسون التعتيم ويرفعون من شأن اليسار بالمغرب، ويعتبرون أنه هو من مهد للديمقراطية، فيما المنتمون للحركة الشعبية، ضحوا وعانوا المضايقات الكثيرة، كما عانى المنتمون إلى حزب الشورى والاستقلال في سبيل إعلاء التعددية الفكرية والحزبية والسياسية.وأضاف السباعي أن الحركة الشعبية، أوسع من الحزب تنظيميا، لأنه فكرة طردت الايديولوجية المستوردة من الغرب والشرق على السواء، مبرزا أن حتى رمزه السنبلة والخنجر يحيلان على الأرض وقوة الشخصية، فيما رموز باقي الأحزاب مستوردة، لا تعني شيئا بالنسبة إلى المواطن المغربي.وشدد السباعي أنه لا يهم عدد الأحزاب، لأنه رقم دال على تعددية حزبية، ولكن الأهم هو تعدد المشاريع المجتمعية، التي تدل على التعددية السياسية، أي التيار الفكري الذي يخترق المجتمع، متسائلا عمن كان يدافع عن سكان القرى والجبال في برنامجه الانتخابي؟ وعمن كان يدافع عن التنوع الثقافي الأمازيغي والعربي؟، مجيبا أن الآخرين كانوا يسخرون حتى من تشييد السدود، ومن القطاع الفلاحي، ومن سكان القرى والجبال، ما جعله يؤكد أن هناك تمييزا بين التعددية الحزبية الرقمية، الصورية، والتعددية السياسية التي تعني حمولة فكرية ومبادئ تدافع عنها ويتبناها المواطنون.لكن القادري في خضم هذا التشتت الحزبي، حمل الدولة مسؤولية تفتيت الأحزاب وشقها، بمساعدة البعض على الهيمنة، وتهميش الآخرين، معتبرا أن قاموس السياسة بالمغرب، غير عادل لأنه اعتبر أن هناك أحزابا كبرى، وأخرى صغرى لا تشتغل، فيما واقع الحال يظهر أن هناك من يحصل على دعم مالي كبير، من قبيل 3 إلى 5 ملايير سنتيم، يؤهله كي يكون كبيرا في عيون الناس، ويتنافس في راحة نفسية للحصول على المقاعد، وهناك من يحصل على الفتات من الدعم، بما يقارب 50 مليون سنتيم، ومع ذلك ينشط سياسيا في المداشر والمناطق الصعبة الولوج، ولا ينظر إليه أنه يتوفر على أفكار.وكشف القادري أن حزبه كان أول من اقترح لائحة الأطر كي تمثل في البرلمان، في مواجهة " مالين شكاير»، لأن الأطر تستحق أن تكون ممثلة في البرلمان، ولكن حظوظها تكون ضئيلة في التنافس الانتخابي، لأنها لا يجد أي دعم مالي .وسجل الوزاني وجود تمييز اتجاه الأحزاب التي تنعت بأنها صغرى، لأنها لا تجلب إلى هياكلها أعيانا لديهم ملعقة من ذهب، بل مناضلين مستقلين بقرارهم السياسي وأفكارهم القابلة للتنفيذ التي تساهم عمليا في حل المشاكل، فقط الإعلام العمومي يحول دون أن يظهروا للعموم، مدافعين عن تصوراتهم، ملحا على ضرورة التمييز بين الأحزاب الجادة، وتلك التي تبحث عن المناصب بالمجالس المنتخبة، جماعات وجهات وبرلمان، ومناصب في المجالس الوطنية، وغيرها.وبخصوص كيفية إنشاء قطبية حزبية سياسية والابتعاد عن أنانية الزعامات، والتحكم في الهياكل الحزبية، قال القادري إن الديمقراطية ممارسة فعلية، والمغاربة لم يطبعوا سلوكهم معها، مشيرا إلى ما تعرض له حزبه، حينما فشلت عملية إنشاء تحالف حزبي، في 2008، التي تحولت إلى ابتلاع، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة، ما جعله يعبر عن رأيه صراحة وبجرأة كان لها ثمن سياسي، مؤكدا أن قانون الأحزاب الجديد حذف بندا يتحدث عن الاتحادات الحزبية، علما أنه كحزب ينسق حاليا مع 15 حزبا آخر يوجدون في وضعية صعبة من حيث غياب الإمكانيات المادية والاعتماد على النفس في تأطير المواطنين.ويرى الوزاني أن حزبه كان سباقا إلى إحداث تحالف برلماني رفقة حزبين اثنين، التقدم والاشتراكية، والاشتراكي الديمقراطي، لأكثر من 10 سنوات، توجت بميلاد فريق التحالف الاشتراكي، لكنه لن يقبل أن يتم ابتلاعه، كما أراد البعض، في إشارة إلى حزب " الجرار»، إذ تم تأويل كلمة الاندماج وكأنها عملية هضم لأحزاب أخرى. هذان التصوران، لا يختلف معهما السباعي، وإن قارب الأمر من زاوية الجهل بحقائق تاريخية، مؤكدا أن حزبه الذي شهد معارك كثيرة لشقه، إلى أحزاب، قرر في 2006، الاندماج بين ثلاثة مكونات من العائلة الحركية، وهي الحركة الشعبية الوطنية، والاتحاد الديمقراطي والحركة الشعبية، إذ خسرت مقاعد انتخابية، تهم الجماعية والتشريعية، من أجل ربح رهان الاندماج عبر مفاوضات انطلقت في 2002، لكن للأسف لم تلتقط الرسالة السياسية النبيلة، فيما تم التقاط اندماج أحزاب يسارية في الاتحاد الاشتراكي، وكأنه عرس نضالي، مشيرا إلى أن الإعلام المغربي ميال لليسار وشعاراته، ويهمش من يصنع الحدث في حينه، مضيفا أن الحركيين لعبوا دورا رياديا في ترسيخ الديمقراطية بالمغرب.أحمد الأرقام غياب الديمقراطية الداخلية نفى الوزاني، أن تكون الأنانية التي تطبع سلوك النخبة السياسية، والظهور بمظهر الزعيم وراء تشبث كل واحد بحزبه، ولكن الأمر يعود إلى غياب الديمقراطية الداخلية في الأحزاب، إذ يناضل الشخص طلية سنوات، وفي الأخير تمنح التزكية لأصحاب المال أو الجاه، فيما المناضل، يطلب منه أن يلعب وظيفة احتياطية لتطعيم الحزب، عبر توزيع الملصقات، ما يجعله يفر بجلده لتأسيس حزب جديد.وأكد الوزاني أن الأحزاب التي تدعي أنها كبيرة أشبه ب»مقاولات انتخابية»، والكل يعرف كيف صنعت، إذ تسعى إلى أن " تحفظ المجال السياسي لها وحدها»، وتمحو الآخرين من الخريطة، الذين يعانون أيضا التهميش من قبل الإعلام العمومي، الذي يروج عنها أنها أحزاب بدون أطر ذات كفاءات عالية. زعامات تحصد الريح أكد القادري على أن التعدد الحزبي ليس منة من أحد، بل هو إصرار من المواطنين على المشاركة في الحياة السياسية، باختيار من يرونه أهلا لقيادة الحزب، الذي يودون الانتماء إليه، إذ لا يمكن حرمانهم بدعوى أن 35 حزبا بالمغرب كثيرة على 33 مليون مغربي.وأضاف القادري أن الأحزاب تساهم في تأطير المواطنين، ولكن الإعلام العمومي يتجاهل وظيفتها، ويعتبر أنها أحزاب إضافية لا أفكار لها، مؤكدا أن ما قام به حزبه دفاعا عن تصورات تنموية، لم يؤخذ بعين الاعتبار، إذ أن الذين يصنعون من البعض زعمات تفرض على المواطنين، يحصدون الريح. الاندماج ممكن قال السباعي إن قانون الأحزاب لا يواكب مضامين الدستور، لأنه حذف الاتحادات الحزبية، الذي كان اقتراحا من قبل الحركة الشعبية في 2002، والذي تم التراجع عنه، علما أن الحركة الشعبية شكلت الحدث في المؤتمر العاشر برسالة سياسية لكافة الفرقاء أن الاندماج ممكن، وأن الزعمات لا تعني شيئا، ولكن الأفكار تنتج الحلول العملية، وأن الشعارات زائفة وأن الإعلام ينظر إلى يساره فقط، لعيد إنتاجا متأخرا لما أنتجه اليمين الوسطي مبكرا.اقترح السباعي أن يعود اليسار إلى أصله ، يعني الاستقلال، الذي انشق عنه، وسارت على دربه أحزاب، كما تعود الأخرى التي خرجت من رحم الحركة الشعبية، ويقود الحزبان الحركة الشعبية، والاستقلال قطبية ثنائية بالمغرب، لأنه لا يوجد 35 برنامجا على أرض الواقع ولا 35 مشروعا مجتمعيا، فقط يتم استنساخ ما سبق.

35 حزبا… ديمقراطية الشتات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ترتيبات لانتخاب قيادة الاتحاد الدستوري

تحركات فاشلة للحد من الظاهرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات