مهاجر مغربي بهولندا هرب أموال مخدرات صلبة حاول "تبييضها" لشراء عقارات وإقامة مشاريع بطنجة انتهت رحلة مهاجر مغربي يحمل الجنسية الهولندية، ل"غسل" أموال حصل عليها من تجارة المخدرات الصلبة وهربها بطرق غير مشروعة لأرض الوطن، لشراء عقارات وإقامة مشاريع مبكرا، بعد فشل محاولته صرف 164 ألف أورو بطريقة غير قانونية، لإيداعها في البنك وإضفاء الشرعية عليها تزامنا مع عملية التسوية الجبائية. أموال راكمها من تجارة الكوكايين والسطو على شاحنة مافيا يوغوسلافية محملة بها وأدخلها للوطن عبر دفعتين وبمساعدة أقاربه. كان ينوي شراء عقارات بطنجة ل"تبييضها" قبل أن يفر إلى المغرب للتواري عن الأنظار خوفا من انتقام العصابة المسروقة شاحنتها، لكن حلمه تحول كابوسا أثناء محاولة صرفها بمكتب صرف بفاس. إعداد: حميد الأبيض (فاس) -تصوير: أحمد العلوي المراني محاولته الفاشلة لغسل أموال المخدرات، جرته للمساءلة القانونية كما قريبه سائق الطاكسي وإطار بنكي وصاحب مكتب للصرف ومستخدمين فيه جلهم عوقبوا عقوبات متفاوتة، وأدوا ثمن الطمع كغيرهم من شركاء بارونات ومتعاونين معهم وجدوا أنفسهم في مواجهة قرارات مصادرة أملاكهم التي ثبتتها شعبة غسل الأموال. سقوط البارون قبل ساعات من انقضاء أجل التسوية الجبائية أواخر دجنبر الماضي، تقدم إلى مكتب الصرف بقيسارية بشارع للامريم، مهاجر مغربي يحمل الجنسية الهولندية، (29 سنة، متزوج وأب لابن واحد) لصرف مبلغ مالي من الأورو، مجهول المصدر، بنية إيداعه ببنك أملا في "غسله" وإضفاء الشرعية عليه وعلى باقي أمواله المحجوزة لاحقا. لم يتوقع المتهم سقطته المدوية أثناء محاولته صرفه لإيداعه ودفع 5 بالمائة منه مساهمة لإضفاء "الشرعية" عليه. صدمته كانت قوية وعناصر الشرطة تصفد يديه وتقتاده لولاية الأمن، في عملية مكنت من حجز 105 آلاف أورو بحوزته، حاول "تبييضها" دون التوفر على المستندات المتعلقة بإدخال العملة الصعبة إلى التراب الوطني. الجس الوقائي على المهاجر المدان قبل عقد ونصف من طرف محكمة هولندية بأربعة أشهر حبسا نافذا بتهمة "الضرب والجرح"، مكن من حجز 2250 أورو إضافية ومبلغ بالعملة الوطنية. كان حينها مرفوقا بقريبه سائق طاكسي (38 سنة، متزوج وأب لطفل) حجزت بسيارته 1750 أورو، قبل التنقل لمنزليهما وحجز 55 ألف أورو. البحث معهما فضح صرف المبلغ بمكتب للصرف الذي أخضع إلى تفتيش شامل ودقيق بحضور ممثلي إدارة الجمارك، كشف فائضا يفوق 42 ألف درهم حجز لفائدة البحث كما مبالغ أخرى بالدولار الأمريكي والأسترالي والليرة التركية والدينار التونسي والدرهم الإماراتي، قبل الانتقال لمكتب صرف ثان في اسمه بالمدينة القديمة. مبالغ مختلفة بالعملة الصعبة، حجزتها عناصر الفرقة الأمنية داخله. وتعذر على المحققين إجراء مقارنة بين وضعية المكتب محينة من الناظم الآلي والسيولة النقدية المحجوزة، بسبب عطب تقني بحاسوب خاص بالمكتب فيه ناظمة آلية خاصة بعمليات الصرف، قبل اعتقال كل من له علاقة بمحاولة غسل أموال المهاجر وحراستهم نظريا. أموال المخدرات التحقيق مع المهاجر المغربي الهولندي الجنسية، فضح مصدر أموال أراد غسلها تزامنا مع إطلاق التسوية الجبائية الطوعية بنسبة محفزة. قبل سنتين من اعتقاله، تعرف على بارون برازيلي اشتغل لفائدته في تهريب المخدرات القوية مقابل عمولة مالية، وشاركه السطو على شاحنة بها طن ونصف طن من المخدر على الحدود البلجيكية. الكمية في ملكية مافيا يوغوسلافية باغتتها عصابة البرازيلي وشريكه المغربي. كانت مخبأة بإحكام داخل ألواح حجرية كبيرة الحجم واستخراجها منها تطلب الاستعانة ب30 شخصا من دول وجنسيات مختلفة. وعن العملية تسلم 60 ألف أورو عمولة بعد لقائهما بمدينة دينهاخ الهولندية المقيم بها، ليصبح "ثريا" بين عشية وضحاها. لم يطل مكوثه بهولندا بعد الحادث، خوفا من انتقام المافيا اليوغوسلافية وتعرضه لأي أذى، خاصة بعدما انتشر خبر السطو على الشاحنة وحمولتها، ليقرر العودة لأرض الوطن للتواري عن الأنظار، آملا استثمار المبلغ في اقتناء عقارات وإنجاز عدة مشاريع، "يبيض" بها ما كسبه بعد سرقة حمولة الشاحنة والاتجار في المخدرات الصلبة. المتهم أقر أثناء استنطاقه تمهيديا، بأن 164 ألف أورو المحجوزة لديه، من متحصلات عمله المحظور في تهريب المخدرات بهولندا، وأدخلها لأرض الوطن دون احترام قوانين الصرف الجاري بها العمل لدى مصالح إدارة الجمارك خاصة أنها متحصلة من عمل غير مشروع، وخوفا من اكتشاف أمره دون أن يتوقع حدوث الأسوأ. المتهم استعان بابن عمه سائق الطاكسي وإطار بنكي ساعداه في عملية تحويل الأورو للعملة الوطنية في مكتب الصرف المعتقل صاحبه ومستخدمين معه، قبل ضبطه وقريبه متلبسين بصدد صرف مبلغ بمكتب الصرف بعد ساعات قليلة من عودته من طنجة، حيث كان ينقب عن عقارات كان ينوي شراءها وتسجيلها في اسمه. طريق "الغسل" خطط المهاجر جيدا ل"غسل" أموال حصل عليها من تجارة الكوكايين والسرقة. ومنذ حل بالمغرب نقب بطنجة عن عقارات لشرائها. ولأجل ذلك شرع وقريبه في البحث عن طريقة لصرف المبلغ، فتوجها في البداية لبنك قرب مقر المحكمة الابتدائية السابق بحي الأطلس، لكنهما لم يقتنعا بالعرض لانخفاض قيمة الصرف المقترحة عليهما. لم يضع المتهم في حسبانه أن صرف مبلغ كبير من العملة الصعبة يتطلب ورقة تصريح لدى إدارة الجمارك تثبت أداء الضريبة عنه. لذلك اختار وقريبه صرفه بمكتب للصرف، فتوجها لمكتب بطريق عين الشقف، لكن عطبا في النظام المعلوماتي دفعهما لتغيير الوجهة إلى آخر بشارع محمد الخامس، إلا أن عملية صرفه فشلت أيضا. وطالبهما صاحب المكتب بورقة تعريفية حول مصدر المبلغ وإثبات أداء مبلغ الضريبة عليه لدى الجمارك. وطالما أن المبلغ مهرب ولم يخضع لأي تصريح ضريبي، اقترح عليه قريبه صرفه ب"السوق السوداء" لدى مكاتب صرف تقبل بذلك وصرف المبالغ بطريقة غير قانونية ودون أي وثيقة، قبل أن يرشدهما مقاول لإطار بنكي. دلهما البنكي على صاحب مكتب الصرف القريب من مقر عمله، لمساعدتهما في صرف المبلغ دون أي عرقلة أو الإدلاء بأي وثيقة تثبت مصدر المبلغ، لمساعدة المهاجر على الاستفادة من مسطرة أداء نسبة الضريبة المحددة في 5 في المائة. لكن حلمه لم يتحقق بعدما ضبط وقريبه متلبسين بمحاولة صرفه داخل المكتب. أقر المهاجر بمصدر المبلغ وأنه أدخله شخصيا لأرض الوطن في فترتين متفرقتين من السنة الماضية قبل أن يستعين ببعض أفراد عائلته الوافدين على المغرب في العطلة الصيفية، لإدخال الباقي دون أن يكون لهم علم بمصدر تلك الأموال، مشيرا إلى أن قريبه ساعده في صرف المبلغ، لإقراضه 30 مليون سنتيم لشراء سيارة. معطيات خطيرة كشف البحث مع المهاجر المغربي هولندي الجنسية، أنه ليس إنسانا عاديا ولم يراكم ثروته بالطرق المشروعة، بل ينشط ضمن شبكة إجرامية دولية في تهريب وترويج المخدرات الصلبة وتهريب العملة الصعبة، ما مكنه من مراكمة ذاك المبلغ الكبير وإدخاله لأرض الوطن بطرقه الخاصة وبالاستعانة ببعض أقاربه المهاجرين بهولندا. واستغل فرصة التسوية الجبائية بأقل نسبة، لمحاولة إضفاء الشرعية على أموال اكتسبها من نشاطه المحظور وعبر تهريب العملة الصعبة وصرفها واستثمارها في اقتناء عقارات وإقامة مشاريع "يغسل" بها عفن مصدرها من تجارة المخدرات الصلبة على الصعيد الدولي، دون أن يتوقع فشل محاولاته واعتقاله بناء على معلومات دقيقة. مسار البارون المولود والمستقر بهولندا، عرف 3 مراحل بتصنيف المحاضر. أولاها "سوداء" هرب وتاجر خلالها في المخدرات الصلبة بالخارج في مدة راكم فيها أموالا باهظة بالعملة الأوربية الموحدة، قبل أن يمر للمرحلة الثانية "الرمادية"، وهرب فيها المال المحصل من هذا النشاط غير المشروع، إلى المغرب بطريقة غير قانونية. وفي مرحلة بيضاء أخيرة تلونت بالسواد، حاول إضفاء الشرعية على تلك الأموال باستثمارها في مشاريع عقارية ومحاولة ذلك، ليجد نفسه قابعا في زنازين سجن بوركايز يقضي عقوبة سالبة للحرية مدتها 6 سنوات، في انتظار قرار شعبة غسل الأموال بمصادرة كل أملاكه العقارية والمنقولة لفائدة الدولة والخزينة العامة. كل شركائه أيضا في وضع لا يحسدون عليه بعد الحكم عليهم بعقوبات سالبة للحرية وموقوفة متفاوتة، بعدما تماهوا مع رغبته في "غسل" أمواله مقابل عمولات لن تكفي حتى لأداء غرامات ومصاريف التقاضي، ولن تجبر جرحا ألم عائلاتهم، بعدما أعماهم الطمع وداسوا على ما يفرضه الواجب وما يتطلبه الأمر من اتزان واحتياط. مصادرة أموال تنتظر البارون المهاجر جولة أخرى أمام شعبة غسل الأموال، بعد إدانته ابتدائيا ب6 سنوات سجنا نافذا ومليون سنتيم غرامة، مقابل 6 أشهر حبسا نافذا لقريبه سائق "الطاكسي" ينهيها بداية يونيو، وشهرين حبسا موقوف التنفيذ لمستخدمي مكتب الصرف المدان صاحبه والإطار البنكي بما قضيا وغادرا سجن بوركايز قبل أيام. متهم وحيد برئ بعد محاكمة طالت 5 أشهر على إحالتهم في 2 يناير على غرفة الجنح التلبسية بابتدائية فاس. الجولة الأولى مرت في 15 جلسة والمحكمة حكمت بأداء المتهمين المدانين ومكتب الصرف غرامات متفاوتة لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة وصادرت لفائدتها مبالغ مالية مهمة محجوزة بالعملة الأجنبية والوطنية. المحكمة أرجعت لمكتب الصرف المتابع صاحبه، 22765 أورو و7943 دولارا أمريكيا و600 جنيه إسترليني و140 ألف ين ياباني و2710 دولارات كندية و7110 دراهم المحجوزة من مكتب الصرف الكائن بالطالعة الكبيرة بالمدينة القديمة، لفائدة الممثل القانوني للشركة، وصادرت باقي المبالغ المحجوزة لفائدة الجمارك. الغرفة أجلت الحسم في هذا الملف لأسباب مختلفة، منها إعداد الدفاع واستدعاء متهمين توبعوا بموجب متابعة مضافة، ولإحضار المعتقلين الآخرين إلى القاعة لمحاكمتهم حضوريا، وإمهالا لدفاع المهاجر للإدلاء ببعض الوثائق المترجمة بعد الاستعانة بترجمان عينته هيأة الحكم لتسهيل التواصل معه لعدم إجادته النطق باللغة العربية. المتهمون الموقوفون من قبل عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بولاية فاس، كل من جانبه حاولوا تبرئة ذمتهم، سيما شركاء المهاجر في محاولة غسل أمواله، ودفاعهم التمس طرقا قانونية لذلك وتخفيف العقوبة. والمحكمة استجابت لملتمس محاميه بإخراج الملف من التأمل بعدما أدرج فيه، لترجمة وثائق موجودة بالملف. إجراءات شعبة غسيل الأموال بفاس منذ إحداثها ضمن شعب غسل الأموال بأربع محاكم ابتدائية وطنيا، أصدرت شعبة ابتدائية فاس، عشرات الأحكام بمصادرة الأملاك العقارية والمنقولة لفائدة الدولة والخزينة العامة، لمتهمين عدد مهم منهم من تجار مخدرات حوكموا بعقوبات سالبة للحريات من قبل محاكم أخرى، أشهرهم نجيب الزعيمي البارون الناظوري. الشعبة صادرت حساباته البنكية وأمواله العقارية المملوكة له في حدود نسبة التملك، وتلك المنقولة المحجوزة لفائدة الخزينة العامة، كما 30 متهما آخرين، توبعوا معه ومنهم رجال أمن ودرك وجنود، بعد محاكمتهم في أضخم ملفات المخدرات والقتل الرائجة أمام محاكم البيضاء والرباط، حكمت عليهم بعقوبات متفاوتة. ولم يكن الزعيمي وحده المصادرة أملاكه، من قبل شعبة غسل الأموال بفاس، من بين بارونات المخدرات، بل أيضا آخرون توبعوا في ملفات موازية، بناء على طلب النيابة العامة، وبعضهم ما زالت ملفاته رائجة، على غرار بارون محكوم ب10 سنوات سجنا نافذا يقضيها بسجن عكاشة، رائج ملفه رفقة شخصين آخرين أمامها.