المراقبة الضريبية تخضع لمعايير موضوعية

سلط يونس إدريسي قيطوني، المدير العام للضرائب، الضوء على عدد من القضايا ذات الصلة بالإصلاح الجبائي والحصيلة المرحلية للتنزيل وكذا إدارات الضرائب وعلاقاتها بالملزمين. وتطرق قيطوني، خلال رده على أسئلة "الصباح" في فطور مناقشة نظمته "ليكونوميست"، إلى المعايير المعتمدة في تحديد الملزمين الخاضعين للمراقبة والمقاولات غير النشيطة والمجهودات المبذولة لمواجهة الفواتير المزورة ومصدريها، إضافة إلى مراقبة الشركات العالمية الكبرى للبيع على الأنترنيت. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي / تصوير (أحمد جرفي وفدوى الناصر) يشتكي أرباب مقاولات من المراقبة الضريبية ويعتبرونها مزعجة، ما سبب هذه التوجسات من وجهة نظركم؟ > المراقبة الضريبية من طبيعتها أنها مزعجة، ولا أستطيع أن أجعل هذه المهمة محببة لدى الخاضعين لها، لكن يمكن القول إن المراقبة نتيجة حتمية لأي نظام مبني على التصاريح، فهي تعطي الحق للإدارة، من أجل التحقق من مصداقية المعطيات المدلى بها. وتجدر الإشارة في هذا الباب إلى أن النظام الجبائي يرتكز على مبدأ الثقة، إذ يتيح للمقاولات أن تقيم مداخيلها وتقوم، بعد ذلك، بالتصريح بها وأداء الواجبات الضريبية المستحق عليها، وبالمقابل يمنح للإدارة حق المراقبة. وبذلت إدارات الضرائب مجهودات جبارة منذ المناظرة الوطنية حول الإصلاح الجبائي، من أجل مواكبة الإصلاحات وتعزيز الثقة لدى المرتفقين والملزمين وجعل الإحساس بالعدالة والإنصاف في تنفيذ السياسة الجبائية أمرا ملموسا ومعاشا. وبما أن المراقبة تعد من بين المهام الرئيسية للمديرية العامة للضرائب، فإن عددا من الإجراءات تم اعتمادها، من أجل تعزيز حقوق الملزمين وتفادي أي شطط محتمل. ما هي المعايير التي تعتمد عليها المديرية العامة للضرائب لتحديد الملزمين الذين يخضعون للمراقبة؟ > تتوفر المديرية العامة للضرائب على قاعدة بيانات ضخمة ومنظومة معلوماتية متطورة تمكنها من تحليل المخاطر بشكل تلقائي لتحديد نسبة المخاطر، ولا أتحدث، في هذا الباب، عن الشركات الكبرى، التي تخضع لمعايير أخرى، إذ أن الملزمين يتوزعون إلى ثلاثة أصناف، الشركات الكبرى المشكلة من ألف شركة الأولى، تليها المتوسطة والصغرى ذات الأحجام الكبرى، نسبيا، وتتكون الشريحة الثالثة من المقاولات الصغيرة جدا. ونعتمد في المراقبة على نظام التداول، الذي يضمن عدم تركيز المراقبة على قطاع معين، إذ لا يمكن أن تشمل المراقبة، في سنة معينة، كل البنوك أو شركات التأمين أو مقاولات البناء والأشغال العمومية، ولكن ستتضمن لائحة الملزمين، الذين يخضعون للمراقبة، شركات تنتمي لقطاعات متنوعة. ونحرص، أيضا، ألا تركز المراقبة على مجموعة معينة. فإذا أخذنا على سبيل المثال مجموعة من 100 مقاولة، تتشكل من شركتين أو ثلاث من صنف الشركات الألف الأولى، و40 وحدة من الصنف الثاني (الوحدات الكبرى من المقاولات المتوسطة والصغيرة) والباقي من الصنف الثالث. وهكذا، فإن المقاربة المعتمدة في المراقبة تقضي بألا يكون أكثر من شركة من الصنف الأول، أي الشركات الألف الأولى، في حين تصل مدة التداول بالنسبة إلى الصنف الثاني (الوحدات الكبرى من المقاولات المتوسطة والصغيرة) سبع سنوات، وترتفع المدة إلى عشر سنوات بالنسبة إلى الباقي. ويمكننا النظام المعلوماتي لتحليل المخاطر من تحديد الفئات التي يتعين أن تخضع للمراقبة، وفق معايير ومؤشرات موضوعية. وتجدر الإشارة، في هذا الباب، إلى أن المراقبة الضريبية تهدف بالدرجة الأولى إلى التحقق من الانضباط للقوانين المعمول بها، وليست محكومة بهاجس الإيرادات المالية، علما أن كل المبالغ التي يتم تحصيلها من المراقبة الضريبية لا تحول لميزانية الدولة، بل تخصص، عند وجودها، لأداء الضريبة على القيمة المضافة المستحقة للملزمين. وكما أشرت سابقا، فإن الإصلاح الجبائي هم في جزء منه إدارة الضرائب المكلفة بالتنزيل، خاصة في شق العلاقة مع الملزمين بما يعزز الثقة بين الإدارة والخاضعين للضريبة. لكن ألا تنسف تصريحات مسؤولين سابقين كل هذه المجهودات، مثل تلك الصادرة عن رئيس الحكومة الأسبق، الذي اتهم فيها إدارة الضرائب باستعمال المراقبة لتصفية حسابات؟ > نحن إدارة تقنية وليس من عادتنا الرد على تصريحات سياسية صادرة عن سياسيين، نحن نركز على تنفيذ الإصلاحات والقيام بواجبنا على الوجه الأمثل. وكما أكدت سابقا، فإن المراقبة تخضع لمعايير موضوعية واضحة. وجدير بالذكر أن النظام المعلوماتي للضرائب عرف تطورا ملحوظا، منذ انطلاق عمليات الرقمنة في بداية 2000، علما أن أول عملية تصريح إلكتروني تعود إلى 2004، أي قبل 20 سنة، ما سمح بتراكم الخبرات، ونمثل، حاليا، قاعدة البيانات الاقتصادية الأكثر محتوى، بالنظر إلى أننا نتوفر على حصيلة نشاطات كل المقاولات المسجلة لدينا، إضافة إلى معطيات أخرى تهم المبادلات التجارية. وبفضل كل هذه المعطيات نتمكن من تحديد الملزمين الذين يشكلون أعلى نسبة مخاطر، علما أن المقاربة المعتمدة في هذا المجال تعتمد على نظام التداول. وهناك ثلاثة مواعيد كبرى يتم فيها تحديد الملزمين الذين سيخضعون للمراقبة، الأول في يناير، وحرصنا أن نستثني من المراقبة، خلال هذه الفترة، الأشخاص الذين شاركوا في التسوية الطوعية وتقدموا بتصريحاتهم لدى مصالحنا وأدوا المساهمة الإبرائية المحددة في 5 في المائة، ويتم تحديد اللائحة الثانية بعد وضع الحصيلة الفصلية في مارس، ويصادف الموعد الثالث شتنبر من كل سنة. إعفاء خاص هل يمكن أن تشمل المراقبة الأشخاص الذين شاركوا في التسوية الطوعية وقدموا تصريحاتهم لدى البنوك؟ > كما أشرت، سابقا، فإن الأشخاص الذين صرحوا لدى مصالحنا، والذين نتوفر على معطيات بشأنهم عملنا على إبعادهم من المراقبة، علما أنه بالتحقق من المعطيات تبين أن اللائحة الأولية كانت تضم أربعة من الأشخاص الذين أدوا المساهمة الإبرائية، فتقرر سحبهم من لائحة الملزمين الذين سيخضعون للمراقبة. أما في ما يخص الأشخاص الذين قدموا تصريحاتهم لدى المؤسسات البنكية، فنحن لا نعلم عنهم أي شيء، لأن العملية تتم في سرية تامة، إذ عند أداء المساهمة لدى البنك، فإنه لا يرسل أي معلومات للإدارة تسمح بتحديد هوية صاحب التصريح، ضمانا لسرية العملية. وبناء على ذلك، فإن النظام المعلوماتي للمديرية العامة للضرائب يمكن أن يختار، بناء على المعايير المعتمدة، أحد الأشخاص الذين شاركوا في عملية التسوية الطوعية عبر البنوك، لأنه لا توجد معطيات بشأنه، وفي هذه الحالة، فإن المراقبة لن تشمل المبالغ التي سبق أن تم التصريح بها وأداء المساهمة الإبرائية الخاصة بها، لكن إذا كانت هناك مبالغ أخرى لم يتم التصريح بها، فإنه تتعين تسويتها. وتجدر الإشارة، في هذا الباب، إلى أن النظام المعلوماتي للضرائب يتضمن ما لا يقل عن 500 مؤشر مخاطر يأخذها بعين الاعتبار في تحديد لائحة الملزمين الذين سيخضعون للمراقبة. شل 300 ألف مقاولة غير نشيطة تضمن قانون المالية 2023 عرضا لأصحاب المقاولات غير النشيطة لتسوية وضعيتهم، لكن يتضح أن عددا منهم لم يتفاعلوا مع هذا العرض، ما هي الإجراءات التي تعتزم الإدارة اتخاذها تجاه هؤلاء؟ > تضمن قانون المالية 2023 إجراءين، بهذا الصدد، الإجراء الأول أتاح لأصحاب المقاولات غير النشيطة التقدم إلى إدارات الضرائب وأداء مبلغ جزافي يعفيهم من أي مراقبة ضريبية، وبالفعل، فإن هذا الإجراء، وكما كان متوقعا، لم يلق التجاوب المطلوب، لكن كان هناك إجراء ثان، لم يحظ باهتمام إعلامي كبير، ويتعلق الأمر بمسطرة أتاحت لإدارة الضرائب إلزام تسجيل هذه الشركات غير النشيطة في سجل، وتم تفعيل هذه المسطرة ابتداء من يناير 2024، وتمكنا، بذلك، من شل ما لا يقل عن 300 ألف مقاولة غير نشيطة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الرقم، الذي قد يبدو كبيرا، وهو كذلك، يأخذ بعين الاعتبار كل المقاولات غير النشيطة عبر تاريخ النظام المعلوماتي للمديرية العامة للضرائب، وقد مكنت هذه المسطرة من تنحية مجموعة من المقاولات التي تم إنشاؤها لأغراض، مثل الحصول على التأشيرة أو التشغيل الذاتي ولم يكتب لها أن تستمر وظلت مسجلة في قاعدة بيانات المديرية العامة للضرائب. الفواتير المزورة مسؤولية الزبون بالنسبة إلى الفواتير المزورة، فإنها أصبحت مسؤولية الزبون، الذي عليه أن يلزم مصدر الفاتورة بالإدلاء بشهادة إبراء الذمة الضريبية، وبما أن الشركات غير النشيطة غير سليمة، فإن فواتيرها لن تقبل من قبل المديرية العامة للضرائب، وعليه لا يمكن خصمها، حتى في ما يتعلق بالحصيلة الخاضعة للضريبة على الشركات، لأن القانون ينص على أن الفواتير الصادرة عن الشركات غير النشيطة غير قابلة للخصم، سواء في ما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، أو الضريبة على الشركات. لذا، يتعين على الزبناء إلزام مصدر هذه الفواتير بالإدلاء بشهادة عن كل فاتورة تثبت أن وضعيته مع إدارات الضرائب سليمة، علما أننا يتم تسليم هذه الشهادة بنقرة واحدة. منصة للتعريف الجبائي الذاتي تحولت منصة " إير بي إن بي" (Airbnb) للإيواء السياحي وسيلة مفضلة لعدد من المغاربة الراغبين في كراء محلاتهم، هل تخضع هذه المجموعة الدولية لمراقبة من قبل المديرية العامة للضرائب؟ > هذه المنصة تدخل في إطار شركات البيع الإلكتروني، وهناك جانبان في هذه المسألة، الجانب الأول يتعلق برقم معاملات "إير بي إن بي"، والثاني يخص رقم معاملات زبنائها. وتجدر الإشارة، في ما يتعلق برقم معاملات الشركات الكبرى للأنترنيت، سواء تعلق الأمر بمنصة "إير بي إن بي" أو "غوغل" أو "ميكروسوفت" أو"نيتفليكس" أو "بوكينغ"، إلى أن هذه المجموعات العالمية تحرص كثيرا على سمعتها، وأنها مسجلة لدينا وتتوفر على رقم تعريف جبائي وتؤدي الضرائب المستحقة عليها، في ما يتعلق بالتجارة الإلكترونية، فإذا تم اقتناء تطبيق، على سبيل المثال، من منصة "غوغل درايف"، ستلاحظ أن الثمن يتضمن الضريبة على القيمة المضافة، التي يتم تحويلها لفائدة المديرية العامة للضرائب. وهكذا، فليست هناك أي مشاكل مع هذه الشركات الكبرى. وبخصوص الشركات الأخرى المتوسطة والصغيرة، اعتمدنا إجراء، خلال 2024، وتم إدراج في قانون المالية للسنة الجارية تدبيرا تكميليا، يمكن هذه الشركات، التي تبيع خدمات عن طريق الأنترنيت، مباشرة مسطرة التعريف الجبائي الذاتي بشكل سريع ومبسط، عبر منصة أنشئت لهذا الغرض. ونراهن انطلاقا، من هذه المنصة، على رصد وتحديد كل الشركات التي تبيع خدماتها على الأنترنيت. وشرعنا، مثلا، في ألعاب الرهان من الاقتطاع الضريبي من النبع بواسطة البنوك، وسنواكب عن قرب هذه العملية للنظر في إمكانية تعميمها على قطاعات أخرى.

المراقبة الضريبية تخضع لمعايير موضوعية

المدير العام للضرائب أوضح أن النظام المعلوماتي يختار الملزمين الذين يتعين التدقيق في تصاريحهم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ثلاثة أسئلة: المغرب‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬القوة‭ ‬الاستباقية

ميسي حزين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات