هناك احتمالان لا ثالث لهما: إما أن عبد الله بووانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، لا أبناء له يتابعون دراستهم في أسلاك التعليم الابتدائي أو الإعدادي أو الثانوي، أو "ما عندوش لولاد كاع". وإما أنه غير مدرك، (وهذا أمر خطير)، للوظيفة الإستراتيجية والموقع المحوري للعطل المدرسية ضمن الهندسة البيداغوجية للمناهج ومنظومة التعليم والتعلمات، بوجه عام، بغض النظر عن اتفاقنا، أو اختلافنا حول هذه المنظومة. أستبعد الاحتمال الأول وأحتفظ بالثاني، وقد بدا بالواضح أن "سي الطبيب" لم يكلف نفسه عناء أي مجهود، مكتفيا بالاطلاع على المقرر الوزاري الدراسي الحالي، وذهب رأسا إلى جدول العطل المدرسية، وحمل قلما وورقة، وحرر سؤالا كتابيا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يطلب منه تأجيل أسبوع العطلة، حتى يتسنى "لصقه" مع عطلة أيام عيد الفطر، وبهذا الشكل، "سيتمكن التلاميذ والأساتذة من فسحة راحة طويلة، ومن قضاء هذه المناسبة في أجواء مريحة، دون الحاجة إلى فاصل زمني قصير بين العطلتين". ووقعت عبارات "فسحة راحة طويلة" و"أجواء مريحة" في منزلة نقطة عسل على قلوب أساتذة وأطر إدارية، افتتنوا بالسؤال الكتابي، وأمعنوا في نشره على نطاق واسع، ورفعوه من مجرد "مقترح" من عضو في مجلس النواب، إلى "قرار" صادر عن وزير التربية الوطنية. وبسرعة، احتل بووانو واجهة المشهد التعليمي في المغرب، وحمله البعض فوق الرؤوس وطافوا به مثل عريس، بل هناك من اقترح اسمه وزيرا لقطاع التربية الوطنية والتعليم، إذا ما احتل العدالة والتنمية الرتبة الأولى في انتخابات "المونديال". وبإمكاننا أن نسترسل في الهزل إلى ما لا نهاية، ونحن نرى كيف فضح "سي عبد الله" نفسه، حين اعتبر أن العطل مجرد قطع في لعبة شطرنج، تغير مكانها، حسب مزاج اللاعبين، وليست جزءا لا يتجزأ من التنظيم التربوي، له طابعه المقدس، من حيث التوقيت، في جميع دول العالم. إن العطل في منظومة التعليم ليست دائما للسفر والفسح والراحة الطويلة والأجواء المريحة، بل قد تكون، في بعض الأحيان، تعبا مضنيا لاستكمال الدروس والمراجعة، خصوصا في العطل التي تكون متبوعة بالامتحانات، أو التقويم. بمعنى أوضح، إن تطور الهندسة البيداغوجية، ومدى تحقيقها للنتائج والغايات والكفايات المحددة، هو الذي يفرز توقيت العطل البينية، وفق منهاج علمي، له صلة وثيقة بالدروس والوحدات والتقويمات والغلاف الزمني المحدد لكل واحد منها. فالعطل ليست مجرد فترات راحة في السنة، نستفيد منها وقتما نشاء، وإلا تحمسنا أكثر من بووانو، وطلبنا من الوزير تجميع أيام العطل المدرسية (وعددها 54 يوما)، في "حصة واحدة". هكذا، سننعم، أكثر، بميزات أجواء مريحة والنوم العميق، في زمن لا يفوز فيه سوى النائمين. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma