يتواصل صراع الديكة بين الحكومة وأغلبيتها، من جهة، والمعارضة، من جهة ثانية، داخل البرلمان. واختتمت الدورة الخريفية من السنة التشريعية ما قبل الأخيرة، على وقع الاتهامات والاتهامات المضادة، وحضرت، كما العادة، مفردات التغول، وغياب الوزراء، والسطو على التشريع، والهيمنة، والريع، وتضارب المصالح، في قاموس المعارضة وهي تواجه الحكومة. لكن المتابع الموضوعي، يسجل فعلا أن حضور الوزراء في البرلمان، وفي جلسات الأسئلة الشفوية بالتحديد، لم يكن بالدرجة التي تعكس اهتمام الحكومة بالمؤسسة التشريعية، إذ رصدت المعارضة غياب وزيرين إلى أربعة وزراء عن كل جلسة، فيما يسمى بالأقطاب. وظل هذا الغياب موضوع نقط نظام في أغلب الجلسات، من قبل المعارضة، أساسا، قبل أن يلتحق بها نواب من الأغلبية، وعلى رأسهم رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، الذي احتج هو الآخر، في الجلسة الأخيرة، على غياب بعض الوزراء. وليس الوزراء وحدهم من يتغيبون عن الحضور إلى المؤسسة التشريعية، فحتى النواب يحطمون الرقم القياسي في الغياب، بل منهم من لا يظهر له أثر منذ افتتاح أشغال البرلمان من قبل جلالة الملك، في الجمعة الثانية من أكتوبر، وهو ما يسائل بعض رؤساء الفرق، وزعماء الأحزاب، الذين يسارعون إلى تزكية من هب ودب، بحثا عن حصد المقاعد، بدل الحصول على ثقة الناس في المؤسسة التشريعية. الخطير في الأمر أن غياب بعض النواب عن جلسات الاثنين، واجتماعات اللجان، وباستمرار، يحصل بتواطؤ مع بعض رؤساء الفرق، الذين يؤشرون لهم على الغياب المستمر، مقابل حصولهم على امتيازات، نظير المبيت في فنادق مصنفة رفقة أفراد من عائلاتهم. وعلى مستوى التشريع، تكشف حصيلة دورة أكتوبر أن المجلس صادق على 38 قانونا، لكن في التفاصيل يتضح أن 28 قانونا، كانت مجرد اتفاقيات تعاون، وبالتالي، صادق البرلمان في الحقيقة على 10 مشاريع قوانين فقط، وإذا ما حذفنا منها قانون المالية الذي لا مفر منه كل سنة، فإن المتبقي من القوانين المصادق عليها هو 9 مشاريع فقط، مع ملاحظة تتعلق بغياب أي مقترح قانون مصادق عليه خلال هذه الدورة. هكذا، يمكن القول إن حصيلة دورة أكتوبر هزيلة جدا من جهة الحكومة، وعالية الصوت من جهة المعارضة، التي لم يظهر أثر لانتقاداتها على مستوى الاقتراح، أو على مستوى المبادرات البرلمانية، التي يمكن أن تكون بمثابة توقيف البيضة في "طاس" الحكومة، التي لا ننسى أنها مرت بسلام من مطب هوائي تسبب فيه الإضراب العام. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma