سوق باب مراكش… عقوبة الانتقال

بعد سنوات من الحديث عن إعادة تهيئة سوق باب مراكش التاريخي بالمدينة القديمة للبيضاء، بالنظر إلى ما آل إليه من تضرر بنيته، وحوانيته وأزقته، إضافة إلى انتشار النفايات، وضعف جودة الاحتفاظ على السلامة الصحية للمنتجات الغذائية، تم تسريع عملية نقل عشرات التجار إلى سوق مؤقت قبل إعادتهم إلى حوانيتهم القديمة بعد خضوعها للإصلاح. يقع سوق باب مراكش في المدينة القديمة بالبيضاء، في منطقة شعبية حيوية، يقصدها الكثير من سكان المدينة من أجل التسوق، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأسماك واللحوم الحمراء والتوابل والدواجن والخضر والمخللات وغيرها من المنتجات. مخاوف التجار رغم أن عددا كبيرا من التجار متحمسون لإعادة تهيئة السوق، إلا أن المخاوف تراودهم، خاصة في ما يتعلق بمدة الإنجاز، ومدى التزام صاحب الورش بالوقت المتفق عليه قبل بداية المشروع، خاصة أن البيضاء تعاني كثيرا تأخر تسليم المشاريع، وهو ما يعتبره التجار هاجسا كبيرا. يقول أحد التجار الذين تحدثت معهم «الصباح» في مكانهم الجديد، الذي انتقلوا إليه حديثا، إن «الإشكال لم يعد يكمن في هل ستسمح لنا السلطات بالعودة إلى السوق، وما يروج أحيانا من أنه سينتقل بشكل نهائي من المنطقة، لأننا نثق في وعود السلطة، لكن الإشكالية تكمن في المدة التي سيستغرقها الإنجاز، ومدى الالتزام بالوقت المتفق عليه، لأن أي يوم تأخير يضر بنا». وأضاف المتحدث ذاته، أن أي تاجر في السوق، كان لديه زبائن، ومن الواضح أنهم لن يتبعوه إلى المكان الجديد، بل سيبحثون في محيطهم عن بائعين آخرين، وكلما طالت مدة الإصلاح، فإن خسارة الزبائن ستزداد، وهو ما يهدد مصير التجار. فضاء مؤقت رغم حرص السلطات على إعادة تأهيل سوق باب مراكش، والمدينة القديمة عموما، إلا أنها لم تغفل مصير المنتفعين من هذا الفضاء، وقررت بشكل مؤقت نقل التجار إلى فضاء جديد، عبارة عن سوق مفكك، وخصصت لكل تاجر مساحة لعرض بضائعه، في انتظار العودة. وأعطى هذا الفضاء الجديد روحا جديدة للتجار، إذ عاينت «الصباح» جماليته ونظافته، عكس السوق القديم الذي لم يكن يخضع للصيانة اللازمة والتنظيف المستمر، ما أدى إلى تهالكه. وقال أحد التجار الشباب بالفضاء الجديد، القريب من مسجد الحسن الثاني، إن توزيع المحلات تم بناء على قرعة، والتجار متضامنون مع بعضهم البعض، مشيرا إلى أن الحركة التجارية بطيئة ولم يعرف السوق بعد، ومن المرتقب أن يرتفع عدد الزبائن في الأسابيع المقبلة. وبما أن السوق الجديد يقع في منطقة سياحية بسبب القرب من الكورنيش ومسجد الحسن الثاني، فإنه من الممكن أن يتحول هذا الفضاء إلى سوق مزدهر، وتقصده نوعية من الزبائن، خاصة السياح الأجانب، الأمر الذي يمكن أن يغري البعض بعدم العودة إلى السوق القديم. سوق تاريخي رغم أن السلطات المحلية طمأنت التجار، ووعدتهم بالعودة في مدة لا تتجاوز سنة ونصف السنة، إلا أن الخوف يسيطر على التجار وعلى المهتمين بتاريخ البيضاء، إذ هناك من يعتقد أن السوق سيتم تغيير مكانه أو إلغاؤه، بسبب مشروع المحج الملكي، غير أن هذا الأمر عبارة عن مخاوف فقط ولم تدل السلطات بنواياها في الموضوع. معلمة تاريخية يعتبر السوق من معالم التاريخ المعاصر للبيضاء، إذ ارتبط ببداية الدخول الفرنسي إلى المدينة، وتقول الرواية التاريخية إن المكان كان سوقا قبل دخول فرنسا، وتباع فيه مجموعة من المنتجات، غير أن الفرنسيين طوروه، وأرسوا الحركة التجارية بالمنطقة. ومن هذا المنطلق تثار المخاوف، إذ يعتبر المهتمون بالمدينة القديمة أنه لا يجب المساس بهذه المعلمة، التي يقارب تاريخها قرنا من الزمن أو أكثر. عصام الناصيري

سوق باب مراكش… عقوبة الانتقال

تجار يشيدون بإعادة تهيئته ومتخوفون من فقدان الزبائن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفاسي: جمالية الحياة في البساطة

تصدع‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات