مستعجلات البيضاء تتدرب على “المونديال”

انتقلت مصلحة المستعجلات الجديدة بمستشفى ابن رشد التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالبيضاء، إلى السرعة القصوى في تشغيل جميع المرافق الطبية والأقسام وقاعات الإنعاش والقطب الجراحي تحت مراقبة دقيقة لنظام متكامل لقياس مؤشرات النجاعة وتقييم الأداء والإنتاجية. وينخرط الطاقم الطبي والتمريضي والتقني المكون من 220 إطارا، ضمنها خمسة أطباء جامعيين (بروفيسورات)، منذ شتنبر الماضي، في عدد من التجارب لضبط إيقاع العمل، وفق مخطط إستراتيجي مكون من عدة مراحل، يستحضر الضغط الكبير الذي تشهده المصلحة منذ افتتاحها (بواقع 290 مريضا يوميا)، كما يأخذ بعين الاعتبار الاستعداد لاستقبال نهائيات كأس إفريقيا وكأس العالم لكرة القدم في أحسن الظروف. إعداد: يوسف الساكت يرحب مولاي هشام عفيف، المدير العام للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، بطلبات الصحافيين وممثلي وسائل الإعلام العمومي لإنجاز «ربورتاجات» حول مصلحة المستعجلات الجديدة، مؤكدا على حق المواطنين والرأي العام الوطني استطلاع أحوال واحد من أهم المرافق الطبية العمومية المشيدة بالبيضاء في السنوات الأخيرة. ولبرمجة كل طلب جديد، يعطي عفيف توجيهاته إلى الأطقم الإدارية والطبية لتقديم جميع التوضيحات والمعلومات والمعطيات المتوفرة، وإنجاز زيارات موجهة بأهم المصالح والأقسام والقاعات، مع توفير الشروحات الممكنة للصحافيين، دون تحفظ. "البق ما يزهق" أمام البوابة الكبرى، بزاوية شارع سبتة، والمطلة على سور مستشفى 20 غشت، يستقبلك نور الدين، الحارس العام بالمستعجلات، بابتسامته التي لا تفارقه، حتى وسط غابة المشاكل والإكراهات، التي كان قسم المستعجلات السابق يغرق في ظلماتها. أمام المدخل نفسه، يتجمع عدد كبير من المواطنين، وبعضهم «يلتصق» بالباب الحديدي، حيث يمكنه الاقتراب من رجل أمن خاص لتوسل دخول «تحت الدف»، لكن التعليمات واضحة حد الصرامة، ولا تقبل أي «تفاوض»، وهي طريقة للقطع مع الفوضى السابقة، وإعطاء الفرصة للأطقم الطبية لإجراء عمليات التشخيص والتدخل الطبي في ظروف مناسبة، بعيدا عن الاكتظاظ والتشويش واقتحام المصالح من قبل المرافقين، ما كان يتسبب في شجارات مجانية. التنظيم الصارم نفسه، ينطبق على البوابة الخاصة بدخول سيارات الإسعاف من مسار خاص بها، إذ يسمح بمرافق واحد للمريض، بينما يخلي سائق «أونبيلونص» المكان فورا، تفاديا، أيضا، للفوضى التي كان يتسبب فيها بعض هؤلاء في المرحلة السابقة. «هاد شي زوين عندكم، باين من الباب وطريقة الاستقبال والتعامل الجيد لعناصر الأمن الخاص»، أفتح الحديث مع نورالدين وأنا ألقي عليه التحية، ثم نقطع ممرا صغيرا يقودنا مباشرة إلى الطابق الأول، حيث مكتب رئيس المصلحة، البروفيسور محمد موهاوي. أمام البوابة الساعة تقترب من منتصف ليل الثلاثاء 31 دجنبر 2024، على بعد دقائق من نهاية سنة وبداية سنة جديدة، كانت فيها مصلحة المستعجلات الجديدة على موعد مع أول «بوناني»، وهي مناسبة لتقييم طريقة العمل الجديدة، المختلفة كليا عن التجارب السابقة، حيث كانت تمر تلك الليلة في سياق من الجلبة وعدم التنظيم، يستقبل فيها المرضى والجرحى والمعطوبون في ظروف غير صحية بقسم المستعجلات المغلق. في مكتبه الشاسع الذي يحتوي على شاشات مراقبة وقاعة اجتماعات، يدون البروفيسور ملاحظاته الأولية حول الساعات الأولى من استقبال وفود المرضى، رغم أن العدد لم يصل، في هذه الليلة، إلى مستوى الضغط الذي تعرفه الأيام الأخرى. ينهض موهاوي من مقعده، ويجلس على طاولة صغيرة، حيث يتبادل مع «الصباح» حديثا متفرعا حول الواقع الصحي والمجهودات المبذولة من المركز الجامعي في السنوات الماضية، والإكراهات التي مازالت تعيق عمل الأطقم الصحية، وأغلبها يتعلق بسيادة ثقافة معينة، وتمثلات للمواطنين حول المرفق الصحي. يفتخر رئيس المصلحة، الذي عوض البروفيسور الحسين الوردي، وزير الصحة الأسبق، بهذه المعلمة الجديدة التي قال عنها إنها الأولى من نوعها في المغرب وإفريقيا بكل هذه المساحة والطوابق والتجهيزات والمعدات والتخصصات والأطقم الإدارية والطبية والتمريضية والتقنية، وهي مصلحة، حسبه، تضاهي كبريات مستعجلات العالم. ويستدرك موهاوي أن التغيير الذي وقع بالمركز الاستشفائي الجامعي في نظام الطب الاستعجالي لا يرى بالعين المجردة، إذ لازال المواطنون «يعتقدون بأننا نشتغل في الظروف نفسها غير المأسوف عليها، التي ولت إلى غير رجعة مع الإغلاق النهائي للمستعجلات السابقة». استثمار في المعدات شرعت المستعجلات في تقديم خدماتها بشكل تدريجي، ثم بشكل كامل منذ شتنبر الماضي، على مساحة إجمالية تصل إلى 11 ألفا و500 متر مربع، وتتكفل بتقديم الرعاية لمختلف الحالات الطارئة، مع التركيز أساسا على معالجة الإصابات الخطيرة، بهدف الاستجابة لحاجيات المرضى الذين يتوافدون على المركز من داخل البيضاء وخارجها. واستغرق إنجاز المصلحة (132 مليون درهم) حوالي ست سنوات، بسبب مشاكل طارئة، عوض 18 شهرا التي كانت مبرمجة، حين قرر الملك وضع الحجر الأساس والإعلان عن بدء العمل. وتشتمل على مصلحة للتصوير الطبي (تصوير الأوعية، التصوير بالرنين المغناطيسي، جهاز سكانير، الأشعة السينية، دوبلر)، وجناح للجراحة يتضمن قاعات للجراحة المعقمة، والعمليات شديدة التعقيم، والمراقبة ما بعد الجراحة. وتضم المصلحة، أيضا، التي تعد ثمرة شراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وجهة البيضاء-سطات، وحدة لعلاج آلام الصدر/ الربو ووحدة للفحص «فاست تراك» (فحوصات، الأشعة السينية، الفحص بالصدى، العلاجات، تركيب الجبس)، وقاعة لاستقبال المستعجلات الحيوية، ومرافق تقنية، ووحدة متنقلة للمساعدة الطبية المستعجلة. مركز للمحاكاة في الطابق المخصص للإدارة، يستعد فريق من الأطباء والممرضين لاستئناف عمليات تدريب ومحاكاة حية على عمليات جراحية وعمليات استعجال ذات طابع إنقاذي في تخصصات مختلفة. مركز للمحاكاة مخصص لتدريب الأطر الطبية وشبه الطبية على مختلف الإجراءات والتدابير المتعلقة بالتدخلات الاستعجالية التي يمكن القيام بها في حالة الطوارئ. «في هذا المركز الخاص بالتداريب والمحاكاة، يمكن للطلبة ملامسة عمليات وتدخلات شبه واقعية على دمى بلاستيكية معدلة لهذا الغرض»، يقول رئيس المصلحة، وهو يتجول في مختلف المرافق التي يضمها هذا الطابق. غير بعيد عنه، توجد وحدة تنسيق المساعدة الطبية العلاجية المتوفرة عبر الرقم 141، التي تمكن من التواصل مع طبيب من المستعجلات لشرح الحالة الطبية للمريض، مع إمكانية إرسال سيارة إسعاف مجهزة للتدخل الاستعجالي في حال الحاجة لها. وقال موهاوي إن الإدارة الجديدة نقلت وحدة تنسيق المساعدة الطبية العلاجية بكاملها إلى هذا المكان، بعد أن كانت شبه معطلة في المكان السابق قرب المستعجلات القديمة، رغم أهميتها، معبرا عن أمله في تفعيل هذه الخدمة، ليس فقط بين المستشفيات، بل بين المواطن والمستشفى عن طريق استعمال الرقم 141، «وهو طموح سنصل إليه في الأيام القليلة المقبلة». في الجولة نفسها، نمر إلى جناح الإقامة، وهو أشبه بفندق صغير بعدة غرف مجهزة بأسرة وشاشات تلفاز و»ويفي» ومبردات صغيرة، مخصص إلى الأطقم الطبية والتمريضية لأخذ قسط من الراحة، ويشمل أيضا قاعة للاستراحة. « في السابق، كان الأطباء والممرضون يجدون صعوبة في استغلال أوقات فراغهم القانونية، من أجل الراحة والتقاط الأنفاس، خصوصا في ساعات الليل، وكانوا ينامون فوق أسرة المرضى، أو فوق مقاعد، أو في الممرات، وهو وضع لا يليق بهذه الفئة من رجال الصحة». 23 غرفة إنعاش تتميز المصلحة بأنها تتوفر على مدخلين رئيسيين لتسهيل ولوج المرضى، موضحا أن أحد المدخلين يطل على شارع سبتة، وهو مخصص لاستقبال المرضى القادمين عبر سيارات الإسعاف، والآخر يطل على شارع طارق بن زياد وهو مخصص للراجلين. وفور الولوج إلى المصلحة يجد المرضى في استقبالهم طاقما طبيا وشبه طبي متمرس يعمل على تشخيص حالتهم الاستعجالية وتوجيههم استنادا إلى مستوى الخطورة، الذي يتوزع على المستوى الأحمر والبرتقالي والأصفر. وحسب رئيس المصلحة، توجه الحالات الحرجة مباشرة لوحدة الإنعاش التي تتوفر على 23 سريرا ومجهزة بأحدث الأجهزة والمعدات الرقمية، التي تمكن من التدخل السريع والفعال في مختلف الحالات المستعجلة، مشيرا إلى أن الوحدة تمكن من تقديم خدمات تصفية الدم، وتلقي العلاج بالنسبة إلى المصابين بالذبحة الصدرية أو الجلطة الدماغية. وقال إن المصلحة تتميز أيضا بتوفرها على أربع قاعات للجراحة، ثلاث منها مخصصة لجراحة الدماغ أو الجذع، أو الأطراف، فيما تخصص القاعة الرابعة لجراحة التعفنات، مما يسمح بإمكانية التكفل بالمريض كيفما كانت الحالة الجراحية التي يحتاجها. وأشار إلى أنه لدواع تنظيمية، تم إقرار السماح لمرافق واحد فقط للمريض بمصلحة المستعجلات لتسهيل العناية والتكفل بالحالة الطارئة وتفادي تكدس الممرات، مبرزا أنه تم في هذا السياق تخصيص غرفة خاصة لاستقبال المرافقين.

مستعجلات البيضاء تتدرب على “المونديال”

أكبر المراكز الطبية بإفريقيا للحالات الطارئة ينتقل إلى السرعة القصوى استعدادا للموعد العالمي الكبير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لشرطي ومسؤول قضائي "مزيف" بفاس

عندي ما يكال: ‭"‬تلفريك‭" ‬شمهروش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات