مشروع استثماري ضخم لتسهيل النصب

تتسلل عمليات النصب والاحتيال كأفعى خفية، في عالم تزداد فيه المنافسة على المال والنفوذ، لتغزو مختلف طبقات المجتمع، من أعلى المناصب إلى أكبر الاستثمارات. مستثمرون كبار وموظفون سامون ومنعشون عقاريون وتجار وفلاحون، جميعهم أصبحوا ضحايا لمخططات دقيقة ومحكمة الإعداد، لا تتوانى عن تدمير حياتهم تحت غطاء وعود براقة وصفقات مغرية، حيث يسحبون إلى شبكات متقنة، تغيب فيها الحقيقة وتظهر الأوهام، سرعان ما تترك هذه العمليات ضحاياها في دوامة من الخسائر المالية الفادحة، التي لا تمس استقرارهم المادي فحسب، بل تهدد أيضا أمنهم الاجتماعي والمستقبلي. تفجرت واحدة من أعقد وأخطر عمليات النصب في جهة سوس ماسة في السنوات الأخيرة، التي طالت نخبة من كبار المسؤولين وبعض مسؤولي الإدارة الترابية، والتجار، والفلاحين، إذ اهتز المشهد الاقتصادي والاجتماعي بفضيحة مدوية لم يكن أحد يتوقعها. في صدارة هذا المشهد، برز صاحب مصنع لتلفيف وتصدير الخضر والفواكه، الذي كان ينظر إليه نموذجا للاستثمار الناجح، ليتحول بين عشية وضحاها إلى محور خداع متقن، وقع فيه كبار المسؤولين دون أن يترك أدنى أثر للشك. بدأت القصة حين أطلق المحتال مشروعا استثماريا ضخما، مفعما بوعود براقة عن أرباح طائلة ستتحقق من خلال شراء مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية بإقليم اشتوكة آيت بها، وزراعة الخضر والفواكه، ثم تعبئتها وتصديرها إلى الأسواق الدولية. استطاع هذا الرجل، بدهاء متقن، إقناع كبار المستثمرين وبعض رؤساء الجماعات وموظفين في وزارة الداخلية بأن هذه الفرصة الذهبية لا تفوت، ولتعزيز مصداقيته، قدم لهم شيكات ضمانة لتعويضهم في حال فشل المشروع، مما أكسبه ثقتهم العمياء. ولم يكن التلاعب مقتصرا على الوعود فقط، فقد حرص المحتال على ترتيب لقاءات في أماكن راقية، مستعينا بوثائق مزورة وشهادات استثمار وهمية، مما أضفى على مشروعه غلافا من المصداقية والثقة، كل خطوة كانت مدروسة بعناية، حيث جمع مبالغ طائلة تجاوزت ثلاثة ملايير سنتيم من مستثمرين وقعوا في حبائل الاحتيال، وبدت لهم الأمور وكأنها صفقة العمر. مع اقتراب موعد توزيع الأرباح، بدأت الشكوك تتسلل إلى نفوس الضحايا، إذ تأخر المحتال في السداد، وبدأت وعوده الزائفة تتلاشى. مر عام ونصف عام من الانتظار دون جدوى، حينها قرر الضحايا اللجوء إلى البنوك لاسترجاع أموالهم من خلال الشيكات التي بحوزتهم، إلا أن المفاجأة كانت صادمة، فقد عادت الشيكات بملاحظة انعدام المؤونة، عند هذه النقطة، اتضح أن ما اعتقدوه تأخيرا مؤقتا لم يكن سوى خدعة محكمة الإتقان. كانت صدمة الضحايا مضاعفة حين اكتشفوا أن المحتال لم يعد مسيرا قانونيا للشركة بعد أن باعها لأحد المستثمرين الأجانب، ومع ذلك، استمر في توقيع الشيكات باسم الشركة حتى آخر لحظة، هذا التلاعب القانوني أكد للجميع أن ما تعرضوا له لم يكن مجرد تأخير في السداد، بل عملية نصب محبوكة استهدفت مجموعة من الشخصيات البارزة في جهة سوس ماسة. أمام هذا الواقع المرير، لجأ الضحايا إلى القضاء، رافعين دعاوى تتهم الرجل بالنصب والاحتيال، مستندين إلى وثائق بنكية وشهادات رسمية تثبت عدم وجود مؤونة كافية لتغطية الشيكات، ومع تصاعد الضغط القضائي، اختفى المحتال وغادر إلى وجهة مجهولة، تاركا وراءه ضحايا يكافحون لاسترداد حقوقهم وأموالهم. "سيكريتي" يوقع بكبار الشخصيات في حادثة أخرى، تعرضت مجموعة من الشخصيات البارزة في أكادير لعملية نصب واحتيال محكمة، حيث وقعوا ضحايا لشخص زعم أنه يعمل في مجال تنظيم رحلات سفر حول العالم الخاصة بكبار الشخصيات، بينما تبين لاحقا أنه ليس سوى حارس أمن خاص بإحدى الوكالات البنكية، ولا علاقة له بالسياحة، نجح هذا المحتال في اختيار ضحاياه بعناية فائقة، إذ أطاح بموظفين من وزارة الداخلية وبرلمانيين وأطباء ومحامين، إضافة إلى رجال وسيدات أعمال، وقد بلغت قيمة المبلغ المالي المسروق في هذه العملية نحو 139 مليون سنتيم. ونفذ المشتبه فيه خطته الخبيثة عن طريق التواصل المباشر مع الضحايا، من قبل شريكه الذي يتقمص دور صاحب وكالة الأسفار، مدعيا تنظيم رحلات جماعية، خلال العطلة الصيفية بفنادق فخمة، وبرنامج متنوع، وزودهم بملصقات إعلانات مغرية تشجع على المشاركة، وبالرغم من إغراء العروض، اكتشف الضحايا في النهاية أنهم كانوا ضحايا لعملية احتيال محكمة، حيث خسروا الأموال التي دفعوها مقابل جولات وهمية لم تنظم أبدا. عبد الجليل شاهي (أكادير)

مشروع استثماري ضخم لتسهيل النصب

عملية الاحتيال طالت رجال أعمال وشخصيات كبيرة ومسؤولين بالإدارة الترابية بسوس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

زيدان ينزل إستراتيجية تعزيز الاستثمار

مقاولون وقضاة ومحامون ضمن القائمة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات