أصحاب الليل وأصحاب النهار

معاناة حامل توفي جنينها برحمها بسبب عقلية "سير واجي" بمستشفى ابن رشد في الكثير من الأحيان، تتعطل مصالح المواطنين دافعي الضرائب، ليس بسبب انعدام التجهيزات أو عدم القدرة على تلبية حاجات نتيجة ضعف المخصصات المالية، ولكن تتعطل بسبب عقلية الموظف، الممتنع عن أداء واجبه والميال إلى التسويف والمماطلة، في غياب الجدية والمسؤولية، وأيضا في غياب مراقبة هرمية صارمة تقوم الاعوجاجات داخل المرافق العمومية. النموذج من مستشفى ابن رشد، وبالضبط من قسم الولادة، الذي أنهى، الأسبوع الماضي، بعد 20 يوما من التسويف، مأساة لامرأة حامل، توفي جنينها ببطنها وظلت تزور المرفق العمومي راغبة في إجراء عملية لاستئصال الجنين، دون جدوى. طيلة 20 يوما وهي تحمل جنينا فارق الحياة، وفي كل يوم تتضاعف مخاوفها، سيما أنها حين زارت طبيبا خاصا، أشعرها بضرورة التعجيل بإزالة الميت من رحمها، لأن تعفنه داخله قد يسبب لها مضاعفات خطيرة تؤدي بها إلى الهلاك. كانت في كل مرة تقصد المستشفى، يتم إمهالها إلى يوم آخر، لتعود وفق الموعد، لكنها تلاقي التسويف نفسه، إلى أن دنا رأس العام، فحلت بالمستشفى ليلا بعد أن أحست بمغص، استقبلت في المستعجلات الخاصة بقسم الولادة، حوالي التاسعة ليلا، ووثائق الولوج إليه تشير إلى التاريخ والساعة، وظلت في عهدة أطر المستعجلات مع مرافقها، الذي كان يلبي جميع الطلبات، إذ في كل مرة يخرج لتنفيذ ما يطلب منه، سيما اقتناء معدات ضمنها أنبوب بلاستيكي، بل حتى تحاليل الدم، لم تتوفر، وتم أخذ عينات في أنابيب خاصة، وسلمت للمرافق قصد التوجه إلى المختبر الخاص لإجراء التحاليل، وكان المشهد أكثر قساوة عندما شعر بأنه محظوظ لأنه تسلم الدم في الأنابيب، إذ علم بعدها أن الأنابيب نفسها نفدت وعلى المرتفقين اقتناؤها قصد ملئها بعينات الدم. لم يعرف المرتفقون إن كانت هذه التجهيزات والأدوات غير متوفرة بالمستشفى، أم أن الأمر له قصة أخرى، المهم أنهم يستجيبون لكل ما يطلب منهم. لم تنجز التحاليل إلا في الثامنة صباحا، عندما أحضرها مرافق الحامل إلى المستعجلات، ليتم إخباره بأن أصحاب الليل انتهوا وعليهم بدء المساطر من جديد مع أصحاب النهار، لتوصد الأبواب أمامه دون إدخال المريضة إلى المركب الجراحي قصد تخليصها من الجنين الميت وتعود أدراجها إلى بيتها. لم تنته محنة المرأة إلا الاثنين الماضي، بعد أن عثرت على من رق لحالها، إذ لم تستغرق العملية أكثر من ساعتين، لتودع محنتها التي عمرت عشرين يوما من الذهاب والإياب. الإدارة حين التشكي لا ترد، وحين تجيب تجد الأعذار لنفسها، بل قد تحمل المرتفق سبب المماطلة والتسويف، وربما أنه من أخطأ الوجهة، لأن ليل المصحات ليس كليل المستشفيات العمومية. المصطفى صفر

أصحاب الليل وأصحاب النهار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النقابات تزف أخبارا سارة للأساتذة

"يوم الصفر" على "نتفليكس"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات