الحق والواجب

تذلل المديرية العامة للضرائب جميع الصعوبات أمام الأشخاص الذاتيين، من أجل وضع إقراراتهم لدى الإدارات المعنية، في إطار التدبير المتعلق بالتسوية الطوعية للوضعية الجبائية للخاضعين للضريبة. ويشتغل موظفو المديرية، منذ أيام، على قدم وساق، من أجل تشجيع المواطنين المعنيين على الانخراط في هذه العملية التي تتضمن عددا من الامتيازات والتسهيلات والإعفاءات الجزئية، بما في ذلك الاستمرار في فتح الشبابيك دون انقطاع في عطلة نهاية الأسبوع (السبت والأحد)، من أجل وضع الإقرارات، وأداء مساهماتهم المتعلقة بالمنقولات والعقارات ومبالغ السلفات المدرجة في الحسابات الجارية والقروض الممنوحة للغير. وينطلق الأشخاص الذاتيون، الذين تفاعلوا مع هذا التدبير المنصوص عليه في قانون مالية 2024 وينتهي غدا (الثلاثاء)، من قناعة أساسية أن دفع الضرائب والالتزام بها وفق النصوص المنظمة لها، واجب وطني لا يقبل النقاش في الأسس، بل في التفاصيل وكيفية الأداء والإجراءات المصاحبة له، حسب كل مرحلة. وتلتقي هذه القناعة مع إرادة سياسية واضحة لإصلاح هذا القطاع، وفق أسس دستورية وقانونية وتنظيمية وتشريعية واضحة، ومواصلة تنزيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي، بشكل يضمن تحقيق العدالة الجبائية وتوسيع الوعاء الضريبي، أو ما يسمى دائرة الملزمين بدفع الضرائب. إن التحدي الذي تواجهه السياسة المالية العمومية في مجال الموارد المالية، لا يتعلق بالفئات المعروفة، سواء الأشخاص الذاتيون أو المعنويون، أي الفئات التي تعرف ما لها وما عليها، والملتزمة قانونيا، بل بالفئات "الهاربة" التي تشكل نسبة كبيرة من الوعاء، ما ينبغي للمؤسسات المعنية الاشتغال عليه في المستقبل بجدية أكبر، بموازاة مواصلة إصلاح منظومة الإعفاءات والتسهيلات، بالنسبة إلى الفئات المنضبطة. فليس من العدالة الجبائية والوطنية في شيء، أن يذهب مواطنون من تلقاء أنفسهم إلى شبابيك الأداء لأداء ما بذمتهم من واجبات مالية تجاه البلد، بينما ينام آخرون في عسل الاقتصاد غير المهيكل (أو الاقتصاد الأسود)، وهم مقتنعون أن الدولة لن تصل إليهم. فكما تم دفع الأشخاص الذاتيين والمعنويين، بطرق مختلفة، إلى "الصندوق"، على المصالح المعنية أن تفعل الشيء نفسه مع المتهربين الذين يشكلون نسبة كبيرة، مازالت خارج دائرة الحساب، أي خارج قيم المواطنة المؤسسة على الحق والواجب. ولأن منظومة الحق والواجب كل لا يتجزأ، فمن حق المواطنين، دافعي الرسوم والضرائب والجبايات، أن يروا أثر ذلك على حياتهم اليومية، وأن يغلب خطاب الإنجازات والفعل والانعكاس على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر، على خطاب "التحصيل والإقرارات والمساهمات وآجال الدفع". فلا نعتقد أن المواطنين، كاملي المواطنة، لديهم أي مشكل في الالتزام بالواجب الضريبي بالشكل القانوني، الذي تقره الدولة عبر عدد من التدابير والإجراءات، لكن سيكون عندهم مشكل، إذا أحسوا بأنهم يصبون الماء في الرمال. ففي جميع الدول، التي تتبنى مقاربة بناء التوقعات المالية على موارد منظومة الضرائب، حسمت في معادلة الواجب الجبائي، مقابل الحق في العيش الكريم، ولا نعتقد أن المغرب يسير ضد هذا التيار، ولنا من المؤشرات والإنجازات ما يكفي دليلا على ذلك.

الحق والواجب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غرامات كمامات "كورونا" تلاحق المخالفين

مصير المساعدات يشعل المخيمات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات