أجمع المهتمون والفاعلون في مجال العدالة أن القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، خطوة كبيرة إلى الأمام، في سبيل إصلاح المنظومة الجنائية، وبأن أهدافه تتجلى في القطع مع عقلية "الحل هو الحبس"، التي سببت مآسي بالسجون بفعل الاكتظاظ الذي تجاوز بالمغرب معدلات الدول المجاورة، سواء بالمغرب العربي أو بأوربا. ويعزز القانون الذي أصدر بشأنه مولاي الحسن الداكي، دورية طلب من خلالها ممثلي النيابة العامة، استحضار الدور الاقتراحي لاعتماد العقوبات البديلة، من قبل الهيآت القضائية المختصة، مبينا الإجراءات والكيفية الواجب اتباعها، بل وضرورة تقديم مستنتجات ممثلي الحق العام لقاضي تطبيق العقوبة، باعتباره الجهة المخول لها السهر على تنفيذها... "يعزز" المقترحات بشأن تقديم بدائل للعقوبات السالبة للحرية في بعض الجنح، وتعزيز فرص إعادة إدماج المحكوم عليهم في المجتمع، ما يعكس تحولا نحو نظام عدالة جنائية أكثر مرونة وإنسانية. يبدو أن القانون الجديد هو مرحلة جديدة ستغير قناعات ترسخت منذ سنين، ففلسفة المشرع ظلت دائما تتوق إلى اعتماد العقوبات البديلة، بل إن القانون تضمن صورا أخرى مرنة، نظير الإفراج المقيد بشروط وغيره، لكن أجرأة هذه القوانين على أرض الواقع ظلت بطيئة، إلى درجة أنها أصبحت استثناءات قد لا يستفيد منها جميع من قدموا طلباتهم، رغم تشابه الوضعيات. لكن أمام هذا التقدم الملموس الذي يتيحه قانون العقوبات البديلة، تلوح تهديدات، من قبيل ما أصبحنا نعيشه اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي، نظير استهداف أشخاص و"تسخين الطرح" ضدهم، كما يقال في اللسان العامي، ومدى تأثير ذلك في تطبيق هذه العقوبات البديلة بانسياب، لما يشكله ذلك من تدخل في قناعات المنوط بهم اتخاذ القرارات القضائية، لهذا ينبغي تحصين القضاة أكثر، من هذا التأثير الذي تحول إلى عادة وعرف يمارسهما أشخاص بعيدون عن محراب العدالة، فمهمة القاضي أن يكون مؤثرا بقناعته وسلطان ضميره، وليس متأثرا بمحيطه. قال محمد الباكير، وهو أستاذ جامعي في مادة القانون الجنائي ومحام بهيأة البيضاء في إحدى مداخلاته: "إذا كان التفاعل الاجتماعي مع العمل القضائي أمرا مفهوما ومطلوبا، فإن انفعال القضاء بالمؤثرات خط أحمر وخطيئة، ينبغي صون القاضي من الوقوع فيها، ولا شك في أن ضمان نجاعة المهمة القضائية يقتضي ضمان قدرتها على تحقيق الاستقرار المجتمعي، من خلال ردع المعتدين ورد حقوق المظلومين، وهو ما يستوجب إشهار عمل القضاة وتوسيع إدراكه بين الناس، لتمتيعه بميزة القبول به والاطمئنان إليه...". من هذا المنطلق، فإن دور القضاء هو أن يكون مؤثرا في المجتمع وموجها له، في ما يشبه رسائل للتربية على الحقوق والواجبات، لا أن يكون متأثرا بقلة من هذا المجتمع ألفت عادات غير سليمة، وقديما قيل "لا شيء يحتاج إصلاحا أكثر من عادات الناس". للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma