76 في المائة من مجموع عدد السجناء، أي ما يقارب 80 ألفا، تتراوح أعمارهم بين 18 سنة و40، حسب ما أعلن عنه محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج. رقم خطير يحمل بداخله دلالات كبيرة حول مستقبل الشباب، وعن ارتفاع غير مفهوم في منسوب الإجرام بالمغرب، وعن أن الفئة التي يفترض أنها العمود الفقري للمجتمع، توجد داخل السجون، بسبب ما اقترفته من جرائم، وهو ما يطرح سؤالا جوهريا: هل شبابنا بخير؟ وهل الدولة واعية بهذا الأمر وتداعياته المستقبلية على جيل بكامله؟ هذه الإحصائيات التي تحدث عنها المندوب العام، خلال تقديمه الميزانية الفرعية الخاصة بإدارة السجون وإعادة الإدماج، كشفت كذلك أمرا غاية في الخطورة، يخص التزايد المسترسل لعدد السجناء الذي بلغ 105 آلاف، ما يعني أنه زاد بالثلثين خلال خمس عشرة سنة الأخيرة، أو بما يقارب النصف خلال عشر سنوات الأخيرة، ليتبين المسار التصاعدي المنذر ببلوغ أرقام غير مسبوقة، تفوق بكثير الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية. وبعيدا عن لغة الأرقام التي تشرح الوضع، تظهر الحاجة الملحة إلى ضرورة عقد مناظرة وطنية للبحث عن السبب الكامن وراء ارتفاع منسوب الجريمة، في مجتمع يحظى بسلم اجتماعي وتطور ديناميكي في العديد من المسارات، أهلته ليكون في المكانة التي هو عليها الآن. هذه المناظرة يكون الهدف من ورائها التشريح العملي لطريقة تدبير التعامل مع الاعتقال الاحتياطي وترشيده، وعن العقوبات البديلة التي يفترض الشروع في تطبيقها، من أجل تخفيف الضغط عن السجون وتيسير الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم، والتي يعول عليها حلا من الحلول، يمكن أن تساهم في التقليص من أعداد الوافدين على المؤسسات السجنية، ليتم البحث بعد ذلك، إن كان الإشكال يقف عند هذا الحد، أم أن الأمر يتطلب مراجعة لسلوكات الفرد داخل المجتمع والتربية التي تلقاها، سواء في المنزل أو الشارع أو المدرسة، وعن أزمة البطالة التي تشكل مشكلا حقيقيا بالنسبة إلى الشباب، وتعد العامل الرئيسي في ارتمائهم بين أحضان الجريمة. دون نسيان العامل الأهم في الإشكال، وهي الأخلاق، باعتبارها شكلا من أشكال الوعي الإنساني، ضمن مجموعة من القيم والمبادئ التي تحرك الأشخاص والشعوب، كالعدل والحرية والمساواة، إذ ترتقي إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية لتلك الشعوب، وهي الأساس في بناء الإنسان، سواء على الصعيد الشخصي أو المؤسساتي، وأن ما أصبح يعاش مرده وجود اختلال كبير في منظومة القيم والسلوك لدى الأفراد، والتي تنعكس بالضرورة على المجتمع ككل إيجابا أو سلبا، وتكون سببا رئيسيا في ارتفاع منسوب الجريمة، وبالتالي ارتفاع عدد السجناء. كريمة مصلي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma