مؤشر

تضمن مشروع قانون المالية، بعد طول انتظار، تعديلات بشأن نظام الضريبة على الدخل، تتمثل في رفع سقف الإعفاء من 30 ألف درهم إلى 40 ألفا وتقليص معدل الاقتطاع على بعض أشطر الدخول ورفع قيمة الأعباء العائلية القابلة للخصم من الدخل قبل إخضاعه للاقتطاع، ما استقبلته الفئات المعنية بارتياح. لكن رغم مراجعة النظام المعمول به حاليا، فإن منظومة الضرائب لا تزال تمثل حيفا بالنسبة إلى بعض فئات الملزمين، الذين يتحملون الجزء الأكبر من العبء الضريبي، في حين أن أخرى تستفيد من امتيازات ضريبية، إما على شكل إعفاء كلي من الواجبات الضريبية، أو من معدل اقتطاع أدنى، مقارنة بالفئات الأخرى. ولا تمثل هذه الإجراءات الاستثنائية ضياعا للموارد بالنسبة إلى خزينة الدولة، فحسب، بل تتنافى، أيضا، مع مبدأ العدالة الجبائية وروح الدستور، خاصة عندما تتحول من مقتضيات خاصة محدودة الأهداف والمدة إلى امتيازات دائمة للمنعم عليهم بها. وينص الدستور في المادة 39 على أن الجميع يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، كما تقضي العدالة الجبائية بأن يؤدي المواطنون واجباتهم الضريبية بشكل يتناسب مع إمكاناتهم، أي أن الاقتطاع الضريبي يتعين أن يكون مماثلا، كيفما كان مصدر الدخل أو الأرباح المفروضة عليها الضريبة. ويفرض الدستور مبدأ التناسبية بين الاقتطاع وإمكانية كل ملزم، أي أن تكون نسبة الاقتطاع مماثلة إذا تساوت المداخيل، لكن التشريع الجبائي يميز بين المداخيل حسب نوع النشاط، إذ أن النسبة ترتفع لدى الأجير وتخفض بالنسبة إلى المقاولين وتعفى مداخيل شرائح واسعة من الفلاحين وجزء من المداخيل العقارية. ويتجسد غياب العدالة، أيضا، في أن فئات تقتطع من دخولها مبالغ الضرائب المستحقة قبل أن تحصل عليها، أي في المنبع، في حين لا تقتطع لدى شرائح أخرى إلا عندما يتم تحصيلها ويمكنها القانون من خصم كل التكاليف، في حين أن الذين تقتطع الضرائب من منبع مداخيلهم تحدد لهم نسبة معينة يحق لهم خصمها من الأجر أو الدخل، قبل إخضاعه للضريبة. وهكذا، نجد أن ثلث موارد الضريبة على الشركات يتم تحصيلها من 35 مقاولة، كما أن الأجراء والموظفين يساهمون بحوالي 75 في المائة من الموارد الإجمالية للضريبة على الدخل، في حين أن الفئات الأخرى من الدخول، التي يصل عددها إلى حوالي ثماني فئات، تساهم بالنسبة المتبقية. ونجد أن فئات تحصل على الدخل نفسه، لكنها لا تساهم بالقدر ذاته، ما يفرض إعادة النظر في المنظومة الجبائية، بما يتماشى مع المقتضيات الدستورية في هذا الباب، علما أن بعض الإجراءات الاستثنائية التي يستفيد منها بعض المحظوظين لا تخضع لأي تقييم حول آثارها ومدى تحقيقها للأهداف، التي من أجلها تم إقرارها. وتتحول هذه الاستثناءات الضريبية إلى ريع جبائي، ضاربة عرض الحائط مبدأ العدالة الجبائية. عبد الواح كنفاوي

مؤشر

العدالة الجبائية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النصب‭ ‬باسم‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬

قانون مالي بفرضيات طموحة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات