إلغاء أضحية العيد … أعيس: دعم الكساب الصغير أولا

أكد الطيب أعيس، الباحث الاقتصادي، أن القرار الملكي بإلغاء شعيرة ذبح أضحية العيد، جاء لتيسير الأمور أمام المواطنين، خاصة مع الغلاء وارتفاع أسعار الأضاحي، والتي عرفت خلال السنة الماضية لهيبا كبيرا. وأوضح أعيس في حوار مع «الصباح»، أنه عوض دعم المستوردين بملايير الدراهم، يجب على الدولة دعم الكساب الصغير والمتوسط ، في إطار من الشفافية والحكامة والعدالة والمجالية، لضمان استمرار نشاط تربية المواشي، وإعادة بناء القطيع الوطني. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني فتح قرار إلغاء شعيرة عيد الأضحى جدلا في أوساط المهنيين، هل يمكن أن نعرف منكم السياق الديني والاقتصادي للقرار ؟ > إن إلغاء شعيرة ذبح أضحية العيد هذه السنة، ليس الأول، بل الرابع من نوعه، إذ تم إلغاؤها في 1963 و1981 و1996، وكان القرار دائما مرتبطا بظروف اقتصادية تتسم بوضعية الجفاف، وتراجع القطيع الوطني من مختلف أنواع المواشي، وما يتبع تلك الظروف من صعوبات في القيام بشعيرة أضحية العيد من قبل عموم المغاربة. وأعتبر أن القرار الملكي بإلغاء شعيرة الذبح جاء لتيسير الأمور أمام المواطنين، خاصة مع الغلاء وارتفاع أسعار الأضاحي، والتي عرفت خلال السنة الماضية لهيبا كبيرا. وأعتبر القرار الملكي صائبا، لأن الإسلام دين اليسر وليس دين العسر، كما أن القرار من الناحية الاقتصادية في صالح الفئات الفقيرة، والتي كانت تلجأ إلى بيع أثاث البيت أو اللجوء إلى قروض الاستهلاك، لاقتناء الأضحية. وكما أكدت ذلك المندوبية السامية للتخطيط، في تقارير سابقة، فإن الفئات الفقيرة والمتوسطة، هي التي تحرص على ممارسة شعيرة ذبح الأضحية، كما أن 25 في المائة من الأسر الميسورة لا تقيم شعيرة الذبح. إن إلغاء شعيرة الذبح، جاء درءا للمفسدة، وتقديم المساعدة للأسر الفقيرة، التي اكتوت بنار أسعار الأضحية السنة الماضية، والتي تراوحت ما بين 4 آلاف درهم و6 آلاف. أكيد أن للقرار دواعي اقتصادية، ما هي الإيجابيات التي ينطوي عليها؟ > أكيد أن أحد أهم الدواعي، هي إعادة تكوين القطيع الوطني الذي تراجع في السنوات الأخيرة بسبب الجفاف. لكن دعني أٌقول هنا إن الاستهلاك يشجع الإنتاج، فحين يكون هناك طلب على مادة أو منتوج معين، وجب تشجيع الإنتاج والمنتجين، وفي حالة القطيع، الأكيد أنه كان هناك ضعف في الإنتاج ، ما أثر على العرض وبالتالي ارتفاع الأسعار، وسبق للمندوب السامي السابق لمندوبية التخطيط أن أكد أن التضخم الذي عرفه المغرب ليس مستوردا، بل داخلي، سببه قلة الإنتاج أي ضعف القطيع الوطني، هذه الوضعية المرتبطة بضعف سلاسل الإنتاج، سببها عجز البرامج والمخططات التي تم وضعها في القطاع الفلاحي، عن توفير ما يكفي من القطيع لتلبية حاجيات العيد وتموين الأسواق باللحوم الكافية، فعيد الأضحى ليس معطى طارئا، وهو مناسبة سنوية تفرض الاستعداد لها مسبقا بوضع سياسات وبرامج تمكن من توفير الأضاحي الكافية وبأسعار مناسبة. سجل المستهلك في الأيام الأولى لإعلان القرار الملكي انخفاضا ملحوظا في أسعار اللحوم. ماذا يعني ذلك علما أن الطلب ارتفع بشكل ملحوظ لدى الجزارة؟ > طبيعي جدا أن يؤثر قرار إلغاء شعيرة ذبح أضحية العيد على الأسعار، فالكسابة الذين كانوا يعدون الأضاحي لمناسبة العيد، اضطروا بعد صدور القرار الملكي، إلى إخراج رؤوس الأغنام إلى السوق، ما ساهم في رفع العرض أكثر من الطلب، وبالتالي انخفاض الأسعار، وعرف السوق استقرارا نسبيا، انعكس على الرواج . فقد اضطر الكساب إلى اقتياد ماشيته إلى السوق، قبل العيد، وبأسعار أقل، لأنه لا يمكن الاحتفاظ بها وتحمل كلفة العلف المرتفعة. وهنا أصبح العرض متوفرا أكثر من الطلب، وارتفع الإقبال على اللحوم بعد انخفاض أسعارها، وارتفاع الاستهلاك، ما أدى مرة أخرى إلى تسجيل ارتفاع من جديد في سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء. إلغاء شعيرة الذبح ألحق ضررا بـ"الشناقة"، لكن ماذا عن الكسابة الذين استثمروا واستعدوا مبكرا للعيد؟ > المعروف أن سلاسل الإنتاج تتسم عندنا بتعدد الوسطاء بين المنتج والمستهلك، إن الوسطاء ليسوا ظاهرة سلبية، بل ضرورة لإيصال المنتوج إلى المستهلك، لكن المشكل في رأيي، هو كثرة الوسطاء وتضخمهم، ما يؤثر سلبا على أسعار السلع، ناهيك عن غياب الشفافية في سلاسل الإنتاج ومكونات الوساطة، وهذا هو المشكل الكبير في العديد من القطاعات، ومنها المرتبط بأضحية العيد. إن "الشناقة" من غير الفلاحين، يستعدون غالبا لمثل هذه المناسبات مبكرا، وقد تأثروا سلبا بقرار إلغاء شعيرة الذبح، لكن الكساب الحقيقي، المرتبط بالأرض، لم يتضرر كثيرا، لأنه يبيع أغنامه ويعيش من عائداتها، دون مشكل، في حين أن الوسطاء الطفيليين، الذين ينتهزون الفرص، لاقتناء الأضاحي وإعادة بيعها بأسعار مرتفعة، هم المسؤولون عن الغلاء وارتفاع الأسعار، لأنهم يتحكمون في العرض، بحثا عن ربح أكبر. أما الكساب الصغير، فهو مرتبط بأرضه من خلال عدد محدود من رؤوس الماشية، وهو الذي يجب دعمه، لأنه مرتبط بأرضه، أما دعم المستوردين، فأعتبره خطرا على الفلاحة المغربية، فالمستفيد الأكبر من دعم الاستيراد هو الكساب الأجنبي، في الوقت الذي يجب دعم الكساب المغربي الحقيقي، من خلال دعم الأعلاف، وإطلاق برامج لتخفيض كلفة الإنتاج والمواكبة، وتطوير البحث العلمي الزراعي، دعما للكساب الذي يلعب دورا كبيرا في تطوير القطيع، وتوفير العرض الكافي في السوق. الشفافية والحكامة ضروريتان أعلنت الحكومة عن دعم الكسابة في الأعلاف ومنح دعم عن كل شاة. هل تكفي مثل هذه التدابير لتحفيزهم على إعادة تكوين القطيع الوطني؟ > أرى أنه من الواجب أن تكون هناك تدابير وتحفيزات متواصلة، لدعم مباشر للكساب الصغير والمتوسط، بناء على قواعد وشفافية وإنصاف، عوض دعم الاستيراد الذي كلف الدولة الملايير، دون أن يكون له أثر حقيقي على الأسعار. إن دعم الكساب الصغير سيضمن استمرارية نشاط الفلاحين الصغار، ويساهم في إعادة تكوين القطيع الوطني، ومد السوق بالعدد الكافي من رؤوس المواشي، التي تضمن استقرارا في الأسعار. كما يمكن أن يعود القطيع إلى مستوى يساهم في التصدير نحو الخارج، على غرار بلدان مجاورة مثل موريتانيا، التي تتوفر اليوم على فائض في الإنتاج. إن هذه الإستراتيجية، هي التي ستمكن من ضمان الأمن الغذائي للمغاربة في سلسلة تربية المواشي وإنتاج اللحوم، وهذا يفرض أيضا شفافية وحكامة جيدة في توزيع الدعم، وعدالة مجالية، حتى يصل إلى الكساب الصغير والمتوسط، في كل الجهات، عوض صرف الملايير على دعم المستوردين. في سطور - من مواليد 1962 بأكادير. - حصل على باكلوريا اقتصاد في 1981. - حاصل على دبلوم المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات تخصص الخبرة المحاسباتية في 1986. - تابع دراسته بفرنسا في مجال الافتحاص والتدقيق المالي. - اشتغل في مكتب دولي للتدقيق المالي. - أسس في 1995 مكتب أعيس المتخصص في الدراسات والافتحاص والاستشارات والتدريب. - رئيس جمعية أمل للمقاولات وهي جمعية تضم حوالي 1000 مقاولة صغرى ومتوسطة.

إلغاء أضحية العيد … أعيس: دعم الكساب الصغير أولا

أعيس الباحث الاقتصادي أكد أن منح الملايير للمستوردين يخدم مربي المواشي الأجانب ولا يحقق استقرار الأسعار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

استنفار بوجدة خوفا من النزول

جماهير "الطاس" تستنجد بامهيدية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات