وطنية

ثلاثة أسئلة: الاستقلال‭ ‬رهينة‭ ‬المنسقين

هناك‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يخف‭ ‬غضبه‭ ‬مما‭ ‬سمي‭ “‬صفقة‭” ‬اللجنة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬هل‭ ‬تتفقون‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الوصف؟‭ ‬

لقد‭ ‬ورث‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬وضعا‭ ‬معقدا‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬قاب‭ ‬قوسين‭ ‬أو‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬الجمود،‭ ‬بسبب‭ ‬اختلاف‭ ‬الاختيارات‭ ‬التي‭ ‬يؤمن‭ ‬بها‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬أوكل‭ ‬لهم‭ ‬المؤتمران‭ ‬16‭ ‬و17‭ ‬مهام‭ ‬التسيير‭ ‬والتنسيق،‭ ‬فتحولت‭  ‬تلك‭ ‬الجهات‭ ‬إلى‭” ‬ملكيات‭ ” ‬للمنسقين‭ ‬يفعلون‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬شاؤوا‭ ‬بدون‭ ‬حسيب‭ ‬أو‭ ‬رقيب،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬المفتشين‭ ‬أصبح‭ ‬ولاؤهم‭ ‬للمنسقين‭ ‬بدل‭ ‬الولاء‭ ‬للحزب،‭ ‬وغاب‭ ‬التقييم‭ ‬والمحاسبة‭ ‬والمساءلة‭ ‬والنقاش‭ ‬الوازن،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سمة‭ ‬‭ ‬المناضل‭ ‬الاستقلالي‭ ‬داخل‭ ‬أجهزة‭ ‬حزبه‭. ‬

هل‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أعطابا‭ ‬تنظيمية‭ ‬في‭ ‬الحزب؟‭ ‬

‭‬لقد‭ ‬تعطلت‭ ‬أنشطة‭ ‬الفروع،‭ ‬ولم‭ ‬يحترم‭ ‬القانون‭ ‬والنظام‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬الأجهزة،‭ ‬خاصة‭ ‬مجلس‭ ‬الفروع‭  ‬والمجالس‭ ‬الإقليمية‭ ‬والمجالس‭ ‬الجهوية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬والأقاليم‭ ‬الكبرى،‭ ‬وتفنن‭ ‬المنسقون‭  ” ‬أعضاء‭ ‬اللجنة‭ ‬التنفيذية‭ ” ‬في‭ ‬إخراج‭ “‬فتاوى‭” ‬انتخابية‭ ‬وغابت‭  ‬الديمقراطية‭ ‬الداخلية،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يجتمع‭ ‬الحزب‭ ‬حضوريا‭ ‬في‭ ‬مجالسه‭ ‬الوطنية‭  ‬وتجمدت‭ ‬آليات‭ ‬المحاسبة‭.‬

فقد‭ ‬نجا‭ ‬الحزب‭ ‬من‭ ‬ضربة‭ ‬مؤتمر‭ ‬استثنائي‭ ‬في‭ ‬2023‭ ‬هدده‭  ‬بتراجع‭ ‬في‭ ‬المكاسب‭ ‬والمواقف،‭ ‬وتكريس‭ “‬الدكتاتورية‭ ‬النظيمية‭”‬،‭ ‬بجعل‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬خاضعا‭ ‬متحكما‭ ‬فيه،‭ ‬و‭”‬المنسقين‭” ‬هم‭ ‬الأداة‭ ‬الأساسية‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬الحزبي‭ ‬وإلغاء‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬المفتش‭ ‬الإقليمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فرع‭ ‬الحزب‭ ‬وتقليص‭ ‬سلطات‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬مؤسسات‭ ‬سيادية‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬حسب‭ ‬قانون‭ ‬ونظام‭ ‬الحزب،‭ ‬فعندما‭ ‬تنتهي‭ ‬ولاية‭ ‬المؤتمر‭ ‬المحددة‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬تستمر‭ ‬هذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬في‭ ‬امتلاك‭ ‬صلاحية‭ ‬الاشتغال،‭ ‬لأن‭ ‬المشرع‭ ‬حصنها‭ ‬وجعلها‭ ‬تجهيزات‭ ‬سيادية‭ ‬عكس‭ ‬اللجنة‭ ‬التنفيذية‭ ‬والمجلس‭ ‬الوطني‭.‬

ما‭ ‬السبيل‭ ‬إلى‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية؟

هناك‭ ‬بعض‭ ‬التصويبات‭ ‬لابد‭ ‬منها‭ ‬وهي‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬أطر‭ ‬أخرى‭ ‬خارج‭ ‬اللجنة‭ ‬التنفيذية‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تحملت‭ ‬مسؤولية‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الأول،‭ ‬لكنها‭ ‬راكمت‭ ‬خبرة‭ ‬حزبية‭ ‬وتستجيب‭ ‬لشروط‭ ‬وتوصيات‭ ‬المؤتمر‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭.‬

إن‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬تتطلب‭ ‬دينامية‭ ‬وتشخيصا‭ ‬لوضعية‭ ‬الحزب‭  ‬التنظيمية‭ ‬التي‭ ‬اهتزت‭ ‬تنظيميا‭ ‬وفكريا‭ ‬وعقائديا‭ ‬خلال‭ ‬العشر‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬وإعادة‭ ‬ترميم‭ ‬وتأسيس‭ ‬الفروع‭ ‬والوقوف‭ ‬حقيقة‭ ‬على‭ ‬وضعيات‭ ‬المفتشيات‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1300‭ ‬فرع‭ ‬للحزب‭ ‬لأن‭ ‬الهيكلة‭ ‬الحزبية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬توازي‭ ‬التقطيع‭ ‬الإداري‭ ‬للمجال‭ ‬الترابي‭ ‬للمملكة‭  ‬لإعطاء‭ ‬إشارة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الهيآت‭ ‬والمنظمات‭ ‬التي‭ ‬عمر‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬طويلا،‭ ‬واستغلوا‭ ‬الوضعية‭ ‬التنظيمية‭ ‬وتربعوا‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬منظمات‭ ‬وهيآت‭ ‬بدون‭ ‬استحقاق‭.‬

أجرى‭ ‬الحوار‭: ‬ياسين‭ ‬قُطيب‭ ‬

‭*‬‭ ‬المصطفى‭ ‬بلعوني‭ ‬

عضو‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للولاية‭ ‬السادسة‭ ‬


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.