سلاح الدبلوماسية والاقتصاد

أوضح علي غنبوري، نائب رئيس مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني، أن الخطاب الملكي لافتتاح البرلمان يحمل في طياته تأكيدا على استمرار المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية بإصرار ووعي، مع استخدام أدوات دبلوماسية واقتصادية لتعزيز موقعه، وأن مبادرة الحكم الذاتي تبقى حجر الزاوية في الحل السياسي، مدعومة باعترافات دولية مهمة، في ظل تحقيق مكاسب دبلوماسية وتنموية، ومواصلة تعزيز شراكاته الإقليمية والدولية واستثمار الأوراق الاقتصادية لضمان دعم أكبر في ملف الصحراء، ما يجعله أقرب من أي وقت مضى إلى طي هذا الملف بشكل نهائي لصالحه. وفي ما يلي نص الحوار : أجرى الحوار: ياسين قُطيب كيف تقرؤون موقع الصحراء المغربية في الخطاب الملكي أمام البرلمان ؟ > يعكس الخطاب الملكي أمام البرلمان بخصوص قضية الصحراء المغربية مجموعة من الرسائل الإستراتيجية والتوجهات التي ترتبط بشكل وثيق بالمسار الذي اختاره المغرب في إدارة هذا النزاع المفتعل ، فمنذ اعتلاء جلالة الملك العرش، اختار المغرب الانتقال من مرحلة رد الفعل إلى مرحلة المبادرة، مما يعني عدم الاكتفاء بالتحرك فقط لمواجهة تحركات الخصوم، بل السعي إلى فرض رؤية شاملة لحل النزاع، حيث أظهر إرادة واضحة لتبني رؤية شاملة تعزز موقعه إقليميا ودوليا في إطار قضية الصحراء، حيث تجلى هذا التحول من خلال التطور الكبير في طريقة تدبير الدبلوماسية المغربية، إذ أصبحت أكثر حزما واستباقية، مركزة على تعزيز المشروعية التاريخية والقانونية للموقف المغربي. هل يعني ذلك ألا حل في الأفق خارج مبادرة الحكم الذاتي ؟ > قدم المغرب، منذ 2007، مقترح الحكم الذاتي حلا سياسيا واقعيا للنزاع المفتعل، حيث يسمح لسكان الأقاليم الجنوبية بإدارة شؤونهم ضمن سيادة المملكة، هذا المقترح يعتبر خطوة نوعية بالمقارنة مع أطروحات خصوم المغرب، لأنه نتاح سنوات من خطاب إقناع موجه نحو العديد من الدول والمنظمات الدولية بجدية ومصداقية هذا الحل، خاصة بعد أن أصبح واضحا أن البدائل الأخرى غير واقعية وتفتقر إلى الواقعية الميدانية والدعم الدولي. النجاح الفعلي لهذا المقترح تجلى من خلال قرارات مجلس الأمن التي جعلت منه منذ طرحه إلى اليوم إحدى الأدبيات الفعلية الصادرة عنه ، هذا بالإضافة إلى دعم الولايات المتحدة وفرنسا لهذا المقترح، إضافة إلى أغلبية دول الاتحاد الأوربي، ما يعكس مدى نجاح الدبلوماسية المغربية في كسب دعم القوى العالمية الكبرى، كما أن دعم الدول الإفريقية والعربية، وتحديدًا فتح قنصليات في العيون والداخلة، يؤكد أن مبادرة الحكم الذاتي أصبحت ركيزة أساسية لأي حل مقبول دوليا. ما هي إضافات الجبهات الدبلوماسية والاختيارات الاقتصادية ؟ > المغرب يستفيد من موقعه الجيوسياسي حلقة وصل بين أوربا وإفريقيا، كما أن لديه أوراقا دبلوماسية قوية يعززها بديناميكية اقتصادية تجعله شريكا جذابا للعديد من القوى الدولية. المغرب نجح في تعزيز علاقاته الاقتصادية والسياسية مع دول الغرب الإفريقي عبر مشاريع إستراتيجية، مثل مشروع أنبوب الغاز المغرب نيجريا، والذي يشكل رهانا اقتصاديا مهما للمنطقة، ويجعل المغرب فاعلا رئيسيا في مجال الطاقة. مبادرة المغرب لتعزيز التعاون مع دول الساحل الإفريقي ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، تعكس أن طموح المملكة لتعميق العلاقات جنوب-جنوب وتعزيز موقعها مركزا اقتصاديا إقليميا. هذه الديناميات تعد ورقة إيجابية لصالح المغرب، حيث تجعله شريكا إستراتيجيا للدول الإفريقية وللقوى الكبرى المهتمة بالاستثمار في القارة، كما تجعل منه دولة محفزة على الاستقرار والتنمية داخل قارة تعاني كل مظاهر الهشاشة والمشاكل الأمنية، وهو ما يجعل من الكل متمسكا بوحدة و قوة المغرب. كيف يمكن استثمار النجاحات التنموية في الأقاليم الجنوبية ؟ > الخطاب الملكي شدد على أن التنمية المستدامة التي يشهدها الجنوب المغربي تعد دليلا على جدية المغرب في تحقيق رفاهية سكان الصحراء، مشاريع البنية التحتية، الموانئ، والمناطق الصناعية في العيون والداخلة، بالإضافة إلى المشاريع الثقافية والتعليمية، تساهم في تحسين حياة السكان وتعزيز اندماج المنطقة في الاقتصاد الوطني، هذه التنمية تبرز التزام المغرب بتنفيذ الرؤية التي يعرضها أمام المجتمع الدولي، مما يزيد من مصداقية موقفه ويعزز حجته أمام الأطراف الدولية، كما أنه يُظهر أن المغرب لا يتعامل مع الصحراء مجرد قضية سياسية، بل يسعى إلى تحويلها إلى نموذج تنموي متكامل. يقظة < رغم الاعترافات والمكاسب الدبلوماسية، أكد الملك على ضرورة الاستمرارية في التعبئة واليقظة، خاصة في ما يتعلق بالدول التي ما زالت تتبنى مواقف مترددة تجاه قضية الصحراء. هذه الدعوة تعكس وعي المغرب بأن اللعبة الدبلوماسية لم تنته بعد، وأنه يجب مواصلة الجهود لإقناع الأطراف الأخرى بعدالة الموقف المغربي، من هنا تبرز الدبلوماسية الموازية في احتلال المساحات و الهوامش المتبقية لنشر الموقف المغربي، سواء داخل المنظمات الدولية البرلمانية أو الحزبية، وهو ما قرنه صاحب الجلالة بالاختصاص والمسؤولية والكفاءة ، فالأمر يتعلق بالقضية الوطنية ، وهو ما يفرض على المؤسسة البرلمانية و الحزبية المغربية العمل الحثيث على استغلال كل الواجهات للدفاع عن الوحدة الترابية المغربية بالجدية و المسؤولية المطلوبة. في سطور * نائب رئيس مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني * منسق البرامج داخل مرصد العمل الحكومي. * مستشار سابق في ديوان وزير التشغيل و التكوين المهني * مستشار في التشغيل داخل الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات.

سلاح الدبلوماسية والاقتصاد

غنبوري قال إن مبادرة الحكم الذاتي المدعومة بالاعترافات الدولية هي حجر الزاوية في الحل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ميارة: المناصب إلى زوال

اعتابو تحمل الشعبي إلى بلجيكا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات