60 في المائة من الإشعارات التي تلقتها منصة "إبلاغ"، التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، كانت بمثابة تبليغات عن نوع واحد من الجرائم، وهو النصب. ليتصدر المحتالون قائمة المبلغ عنهم بواسطة هذه الآلية التكنولوجية الحديثة، التي أطلقت في يونيو الماضي، وكانت نقلة نوعية في تفاعل الأمن مع الجرائم المستجدة والمرتكبة بواسطة المعلوميات. ومكنت هذه المنصة الرقمية، التي تسمح لمستخدمي شبكة الأنترنيت، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بالتبليغ الفوري والآمن عن كل المحتويات الرقمية الإجرامية أو العنيفة، أو تلك التي تتضمن تحريضا على المساس بسلامة الأفراد والجماعات، أو تنطوي على إشادة بالإرهاب والتحريض عليه، أو تمس بحقوق وحريات الأطفال القاصرين وغيرهم، (مكنت)، في ظرف وجيز، من مراقبة أفراد المجتمع الافتراضي، والخروج بإحصائيات تفيد في تصنيف أنواع من الجرائم الإلكترونية، ما يساعد أكثر على تحقيق الأمن الاستباقي، ويؤدي إلى ضبط الجناة، قبل وقوع الجرائم، أو قبل تضاعف ضحاياهم. ولعل احتلال هذا النوع من الجرائم، الرتبة الأولى، يطرح استفهامات عريضة، تتعلق بجانبين مهمين، الأول، يشير إلى استفحال النصب، لدرجة بلوغ نسبة الإشعارات ثلثي الإبلاغات، ما يعني سهولة وقوع الأشخاص ضحية النصب، خصوصا أن وقائع مماثلة من حيث التنفيذ تتكرر في المنطقة الواحدة، بل وتحاكي العديد من القضايا التي عالجتها المصالح القضائية والأمنية. أما الجانب الثاني، فهو يتطلب دخول المختصين في علم النفس والاجتماع على الخط، لدراسة السلوك، الذي أصبح مثل "الظاهرة"، ومقاربة بواعثه، وأيضا التعرف على الأسباب التي تسهل وقوع المستهدفين ضحايا النصب، وتصديقهم ما يتلقونه من معلومات مغلوطة وتأكيدات خادعة أو استغلال ماكر لخطأ، وغيرها من الوسائل التي ينهجها المحتالون للإيقاع بضحاياهم. ظاهرة النصب، وإن كانت موجودة في المجتمع، إلا أنها، ومنذ جائحة "كورونا"، اتخذت منحى جديدا بأن عرفت تحولات مرتبطة بالتطور التكنولوجي، خصوصا أن التعاطي مع الأنترنيت ازداد حدة في زمن الجائحة، وأصبح الأفراد مرتبطين أكثر بالرقمنة وبمواقع التواصل، ليس فقط للدردشة والإبحار، بل أيضا للتجارة واقتناء الحاجيات، ما زاد من فخاخ المحتالين بهذه الفضاءات الافتراضية. وهو ما يفسر أيضا تفاعل المواطنين مع هذه المنصة، إذ أن التبليغات عبرها لا تكلف المرء الانتقال إلى مصالح النيابة العامة لوضع الشكايات وفق البيروقراطية المحددة، والتي قد تستغرق وقتا تتلاشى فيه الأدلة، بل هي آلية سريعة وسهلة وغير مكلفة، تعفي المواطن من تعقيدات التبليغ، وتفاعل مصالح المديرية العامة للأمن الوطني معها بالجدية المنتجة، يزيد من الثقة في هذا النوع من التبليغات. المصطفى صفر للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma