متهم للقاضي: أنا مستهلك ولست تاجرا

صرح أمام المحكمة أن تردده على الحانات والملاهي وراء استهلاكه للمخدرات كانـت الساعة تشير إلى التاسعة صباحا من الخميس الماضي، عندما غصت قاعة الجلسات الاعتيادية بمحكمة الاستئناف بأكادير بالعديد من المتقاضين والمتابعين. بدت الحركة في بهو المحكمة غير عادية. العديد من الملفات كانت معروضة أمام القاضي، من بينها ملف أحد المتهمين بالاتجار في المخدرات وحيازتها، والذي حُكم عليه ابتدائيا من قبل المحكمة الابتدائية بأكادير بأربع سنوات حبسا نافذا، إضافة إلى حجز سيارته لفائدة أملاك الدولة. أثناء الجلسة، كان القاضي يحدق في المتهم بنظرات تحمل الكثير من الأسئلة، كان يعلم أن الكلمات التي ستُقال الآن ستحدد مصير هذا الشاب، الذي بدأ يتحدث بصوت خافت، لكنه سرعان ما ارتفع مع كل كلمة يتفوه بها، كما لو كان يزيح حملاً ثقيلاً عن كاهله، "نعم، أعترف أنني مستهلك،" بدأ المتهم كلامه. "لقد أصبحت مدمناً على المخدرات بشتى أنواعها، ولدي سوابق قضائية في ترويج الأقراص المهلوسة، بسبب إدماني وترددي المستمر على الحانات والملاهي الليلية، لكن لا أقوم بترويج المخدرات الصلبة.» إنكار الاتجار كانت الكلمات تتدفق من فمه، كما لو كان يحكي قصة حياته. "أتزود بالمخدرات من أشخاص يتحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء، حيث ألتقي بهم قرب الجامعة الدولية بحي تيليلا. أشتري 20 غراماً من المخدرات مقابل 500 درهم للغرام الواحد"، توقف لبرهة، ثم أضاف، "أما مخدر الشيرا، فأحصل عليه من مزودين يوجدون في منطقة الواد بالدراركة، لا أعرف هوياتهم، وأحصل عليه فقط للاستهلاك الشخصي.» رفع رأسه ونظر مباشرة في عيني القاضي، وكأنه يبحث عن ذرة تعاطف. "أنا أستهلك مخدر الشيرا والكوكايين لكن لا أتاجرفيه، والمتهم الثاني لم يكن يعلم أنني أخبئ الكوكايين أسفل مقعد السيارة، أما السيارة التي أستخدمها، فهي تخص شقيقتي، وأنا أستعملها في قضاء أغراضي "، بهذه الكلمات، ختم المتهم أقواله، تاركا وراءه صراخ وبكاء أمه وأخته الحامل، خلف هيأة الدفاع، حيث كان الجميع ينتظر بفارغ الصبر القرار النهائي. حاول القاضي أكثر من مرة أن ينبه المتهم إلى أن إنكاره لن يفيده بشيء، مذكرا إياه بضرورة الالتزام بالهدوء والإجابة عن أسئلة المحكمة، لكن المتهم كان يحاول الدفاع عن نفسه ونفي تهمة الاتجار في المخدرات، مرة بالبكاء وأخرى بالصراخ، وتقدم دفاع المتهم، بدفوعاته الشكلية، مؤكدا أن الهيأة احترمت القانون وضمنت محاكمة عادلة، لكنها لا تؤمن إلا بالأدلة. بعد أن استمع القاضي إلى اعترافات المتهم الأول، وجه نظره نحو المتهم الثاني، الذي كان يبدو أقل توترا، إذ كان يعلم أن عليه أن يتحدث بصدق ليحظى بأي فرصة للخروج من هذه الورطة. بدأ المتهم الثاني حديثه بصوت هادئ، كما لو كان يحكي قصة حدثت لشخص آخر. الإدمان وراء الاستهلاك «نعم، أعترف بما يُنسب إليّ،" قال بثقة. "أنا أتابع دراستي في كندا، وقد عدت إلى المغرب بتاريخ 8 يونيو 2024. للأسف، أنا مدمن على استهلاك مخدر الشيرا منذ أن كنت في سن الثالثة عشرة"، توقف قليلاً، كما لو كان يستجمع أفكاره. ثم واصل، "أعرف المتهم الآخر منذ سنة ونصف. كنا نلتقي بسبب هوايتنا المشتركة، ركوب الدراجات النارية الكبيرة. كنا معاً نخطط للذهاب إلى أحد الملاهي الليلية في هذه المدينة لقضاء سهرة واستهلاك قطعة من مخدر الشيرا كانت بحوزتي.» نطق بكلماته الأخيرة بصوت ثابت، مشيراً إلى قطعة المخدرات التي تم العثور عليها معه، "هذه القطعة هي ما تبقى لي من كمية اشتريتها سابقاً من أحد المروجين في منطقة التمسية، لا أعرف من هو، ولا أذكر أوصافه، ولكني اشتريت منه قطعة متوسطة الحجم مقابل 250 درهما". ثم أخذ نفساً عميقاً، وأضاف، "أود أن أوضح أنني لا علم لي بمخدر الكوكايين الذي عُثر عليه في السيارة، ولا أعمل على ترويج أي نوع من المخدرات. كل ما في الأمر أنني مدمن على الشيرا منذ صغري، وهذا كل ما لدي.» كانت كلماته بسيطة، لكنها حملت الكثير من الإحباط والاستسلام، كما لو كان يقول للقاضي، "هذا هو واقعي، وليس هناك المزيد لأقوله." انتهت أقواله، والآن كان الجميع ينتظرون الحكم، ليتبينوا مصير الشابين. وأقوى دليل يؤاخذ به المرء هو اعترافه على نفسه، خاصة إذا جاء هذا الاعتراف صريحاً وواضحاً وخالياً من أي لبس، وصادراً عن طواعية واختيار، ومضمناً في محضر استماع قانوني ومحضر استنطاق من قبل وكيل الملك، حيث اعترف المتهم الأول بالاتجار واستهلاك المخدرات، رغم محاولته نفي تهمة الاتجار أثناء جلسة المحاكمة، وقرر القاضي بعد ذلك حجز الملف للمداولة إلى آخر الجلسة. أربع سنوات حبسا نافذا بعد المداولة، حكمت المحكمة علنياً ونهائياً وحضورياً في الشكل: قبول الاستئناف. وفي الموضوع: تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به، مع تعديله بمصادرة السيارة المحجوزة لفائدة إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بدلاً من إدارة أملاك الدولة، وبأداء المتهم لفائدتها غرامة مالية نافذة قدرها 40,600 درهم، مع تحميل المتهم الصائر مجبراً في الأدنى. وتعود فصول القضية إلى 16 يونيو الماضي، حينما تمكنت عناصر الشرطة القضائية من إلقاء القبض على المتهمين في حي الهدى بأكادير، على الساعة الواحدة والنصف صباحا، على متن سيارة. وتم العثور داخل السيارة، بمحاذاة محول السرعة، على علبة سجائر تحتوي على قطعة صغيرة من الشيرا، كما تم العثور أسفل مقعد السائق على علبة بلاستيكية تحتوي على ثلاث رزم صغيرة من مسحوق أبيض، تبين لاحقاً أنه مخدر الكوكايين. تم عرض المتهم على أنظار المحكمة الابتدائية بأكادير، التي أدانته بأربع سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 30 ألف درهم، بينما حكم على صديقه بشهرين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 1000 درهم، مع تحميلهما الصائر تضامناً والإجبار في الأدنى، ومصادرة المبالغ المالية المحجوزة لفائدة الخزينة العامة، وإتلاف المخدرات المحجوزة، ومصادرة بقية المحجوزات لفائدة مديرية أملاك الدولة. عبد الجليل شاهي (أكادير)

متهم للقاضي: أنا مستهلك ولست تاجرا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"من قتل ديانا؟" على "نتفليكس"

فتح الترشيح لمهرجان "الرواد"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات