مع غروب شمس كل يوم، يتحول جزء كبير من ساحة جامع الفنا إلى مطعم شعبي عالمي، تتنوع وجباته بروائحها الشهية وتجبر عبارات الترحيب التي تتقاطر على ألسنة أصحابها، الزائر على تذوق "طنجية" مراكشية أو بعض من أكلة "باولو" التي سرقت اسمها من صاحبها الذي يبرع في تحضيرها حتى نسبت إليه وهي عبارة عن لحم الرأس مبخر، قبل أن تنضاف إليها أجزاء أخرى من اللحم، بالإضافة إلى السمك المقلي على نيران هادئة، والعديد من الأطعمة المختلفة التي توحد جميع الأذواق وتذوب كل الفوارق، يجاور خلالها الأوربي الأفريقي وخلفهما آسيوي يتذوق حريرة " حامضة، أو مدششة "، وقد أثار انتباهه شكل المغرفة الخشبية، في الوقت الذي يشكل الزوار المغاربة الزبون الأول لمطاعم الساحة .مباشرة بعد صلاة العصر، يشرع أصحاب المطاعم الشعبية المبثوثة على الهواء الطلق في تنظيم جلساتهم وتهييء مكان الأفران لتحضير وجبات متنوعة تعرف إقبالا كبيرا إلى وقت متأخر من الليل.ليس لقائمة الطعام سقف محدد، يضبط طبيعة الوجبات، حيث تتحول الساحة كل يوم، إلى مطبخ سريالي يجمع دخان المشويات بضجيج الباعة وآلات الموسيقيين، بينما يقترح أرباب المطاعم على الزوار مأكولات ومشروبات، معظمها مألوف، في حين يثير بعضها الآخر دهشة من يزور الساحة لأول مرة، خاصة السياح الغربيين، الذين يثيرهم منظر "الكوارع" ورؤوس الخراف المبخرة، وهي مرصوصة على بعض طاولات الأكل، كما لو أنها منحوتات حيوانية، كتب عليها أن تدفئ البطن لا أن تمتع العين .وتوفر ساحة جامع الفنا للزوار الأكلة الشعبية والتي تختلف أثمنتها بتنوع وجباتها، حيث يمكن لمعدة الزائر أن تمتلئ عن آخرها بثمن يتراوح بين عشرة وخمسين درهما، الأكلات متنوعة، وأرباب المطاعم يستعملون كل الوسائل لتحريك جيب السائح وإغراء معدته، ابتداء من ترتيب المأكولات، وانتهاء بدعوته، بابتسامة تم التعود على رسمها بتلقائية وروح دعابة تحبب الأكل، أو تقديم لائحة الطعام والأسعار، مع أن الدعوات قد تكون محرجة أحيانا.وكما أن زوار جامع الفنا أشكال وأنواع وطبقات، فكذلك المأكولات التي تقترحها المطاعم، أصناف وأشكال، فهناك الوجبات الخفيفة، التي تؤجل الجوع إلى حين عودة المعني بالأمر إلى المنزل أو الفندق، من قبيل البيض المسلوق وشربة الحريرة مع التمر والشباكية، وهناك العصائر والمشروبات، مثل عصير البرتقال والشاي المنعنع والخودنجال وبعض الأكلات، مثل الحلزون. كما أن هناك وجبات كاملة تشمل السلطات ورؤوس الخراف المبخرة والكوارع والمشويات، التي تشمل اللحوم الحمراء والبيضاء، فضلا عن الأسماك والكسكس والطنجية والطجين والبسطيلة والنقانق، وعلى سبيل الختم، يمكن للزائر أن يصادف عربات متنقلة تقترح حلويات مغربية تقليدية.محمد السريدي (مراكش)