بقلم: ذ. صلاح الدين شنقيط * ربع قرن على تربع جلالة الملك، نصره الله، عرش أسلافه الميامين... ربع قرن من رفع التحديات، وكل التحديات...بناء الدولة الحديثة، بمشروع ديمقراطي حداثي، وعلاقة جديدة مع الإدارة يؤطرها المفهوم الجديد للسلطة، وقطع مع منطق الدولة القديم عبر ملفات الإنصاف والمصالحة والأمازيغية، وإقرار لسياسة دينية تراعي سماحة ووسطية الدين الإسلامي، وتجفف منابع التكفير والتطرف، عبر فهم للدين ينطلق من مقاصده، ويعيش زمانه وإشكالاته... للأسرة المغربية بإقرار مدونة للأسرة، فوضع دستور جديد، بفلسفة ومؤسسات وقواعد بديلة...كل ذلك، تم بالموازاة مع إرساء مقومات الدولة الاجتماعية، وبنموذج اقتصادي مغاير...وعلى المستوى الديبلوماسي، تم تعزيز مكانة ومصداقية المملكة، وتوالي مسلسل الاعتراف بوحدتها الترابية وسيادتها على أقاليمها الجنوبية. حصيلة لم تهمل ملفا، ولا أجلت موضوعا...شجاعة في اتخاذ القرارات، واختيار زمن مناسب لها، ومتابعة حثيثة لمخرجاتها...فخلال ربع قرن، لم يعد في المغرب طابو، ولا قاعة انتظار...كل الملفات وضعت على طاولة الفحص، وكل المواضيع قابلة للنقاش، وكل السياسات أعيد فيها النظر لتخدم المنظور الجديد للأشياء...صورة المغرب تغيرت، نظرة المغاربة إلى بلدهم تبدلت...ومساهمة الجالية تطورت، ارتباط أكبر بالوطن، تجديد للوطنية، ومساهمة سخية لدعمه وبنائه...وانخراط أكبر للتعريف بقضاياه العادلة. هذه الصورة المشرقة، وسط جغرافيا محيطة قاتمة، بالانغلاق السياسي، وعدم الاستقرار المؤسساتي، مع امتداد لمساحات اللاأمن...انتبه إليها الجميع، وعلقوا عليها آمالا عديدة، باعتبارها نتاج تحولات هادئة مفكرا فيها، ومنطقا للتغيير داخل الاستمرارية، مع فلسفة للبناء على التراكم وعلى تثمين الإيجابي...مع إشادة كبيرة بدور الملكية، صمام الأمان، ومناط الحكمة والاعتدال، وفضيلة التوقع والاستشراف...لهذا وثق الجميع في المغرب، في صدق نواياه، وفي مواقفه وخلفياتها، وفي مشروعه الطموح الذي يجد دعما لدى الأشقاء العرب والشركاء الدوليين...لهذا ما فتئوا يدعمون التحولات الاقتصادية، والهيكلية التي تعرفها بلادنا وعلى أوجه عدة. لكن طموح المملكة، لا حدود له، إنها تعيد بناء امتدادها الإفريقي، وتستعد لاحتضان كأس العالم في صيغة فريدة مع بلدين ما وراء المتوسط، وتتكيف وفق رؤية إستراتيجية مع المعطيات الجديدة للاقتصاد العالمي وتحولاته، التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية، قضايا التعليم والتكوين لمزيد من الجاذبية للرساميل الأجنبية، ومشاريع اجتماعية لمواجهة معركة الكرامة والعيش الكريم لكل أبناء الوطن...هذا هو حال المغرب، من إصلاح إلى آخر، ومن ورش إلى آخر...فمسيرة التنمية لا حدود لها، وربح رهانها يبقى غاية أساسية. * عضو مجلس النواب