قال عبد السلام الصديقي، الباحث الاقتصادي، والوزير الأسبق، إن المغرب عازم على تطوير صناعته الدفاعية، ووضع ترسانة وقانونية متكاملة باعتماد القانون رقم 10-20 المتعلق بـ"عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة". وأوضح الصديقي، في مقال توصلت "الصباح" بنسخة منه، أن الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، المنعقد في فاتح يونيو الماضي، صادق على مشروع مرسوم بإنشاء منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، يهدف إلى توفير مناطق صناعية لاحتضان الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع والأمن وأنظمة الأسلحة والذخيرة. ويرى الصديقي أنه بهذا المرسوم اتخذ المغرب خطوة حاسمة بالانتقال من المرحلة النظرية إلى المرحلة العملية، مشيرا إلى أن القانون المذكور حدد بدقة الفلسفة العامة، التي ينبغي أن توجه تنفيذ مثل هذا النشاط الذي له بعد خاص، ويتطلب تنظيما خاصا نظرا لطبيعته التي لا تعد نشاطا إنتاجيا وصناعيا بسيطا. ولم يفت أستاذ الاقتصاد التأكيد، على ضرورة اتخاذ عدد معين من الاحتياطات لتجنب أي انزلاق و"انفلاتات" يمكن أن تضر بالمصالح العليا للمغرب، موضحا أن تصنيع أو استيراد أو تصدير المنتجات العسكرية يخضع لإشراف صارم وينظم بموجب القانون حسب الفئة المعنية. وبالإضافة إلى ذلك، ينص القانون على عقوبات صارمة في حالة ارتكاب بعض المخالفات. وتختلف هذه العقوبات تبعا لطبيعة الجريمة، ويمكن أن تصل إلى 20 سنة سجنا وغرامة قدرها 5 ملايين درهم. وقال الصديقي إن الوقت قد حان لتطور بلادنا صناعة الدفاع لعدة أسباب، الأول أنه منذ نهاية الحرب الباردة، لم يعد إنتاج الأسلحة يقتصر على القوى العظمى، إذ دخلت السوق دول صاعدة جديدة مثل كوريا الجنوبية وتركيا وسنغافورة وإسرائيل وإيران… وفي القارة الإفريقية، نجد جنوب إفريقيا ونيجيريا ومصر. ولذلك فمن المشروع تماما ألا يكون المغرب من بين آخر من يفعل ذلك. ويمكن لقطاع إنتاج المعدات الدفاعية العسكرية أن يشكل رافعة حقيقية لتعزيز الصناعة المدنية بفضل التأثيرات التي سيمارسها هذا النشاط من حيث البحث العلمي والابتكار والمعرفة. وسيكون من الحكمة ألا يبقى هذا “القطاع المستقبلي”، الذي يستخدم التكنولوجيا المتطورة، معزولا عن الاقتصاد بأكمله. وأوضح الصديقي أن ما يدعم الصناعة الدفاعية هو تعزيز السيادة وخفض الفاتورة العسكرية المقدرة بحوالي 4٪ من الناتج الداخلي الإجمالي. ومن خلال اختيار سياسة استبدال الواردات وسياسة "صنع في المغرب"، لن تتمكن بلادنا من تقليص عجز ميزان المدفوعات فحسب، من خلال الاستحواذ على جزء من القيمة العالمية محليا، بل ستساهم أيضا في توفير فرص الشغل وتنمية البحث العلمي. ومن خلال إرساء أسس صناعته الدفاعية، يسعى المغرب إلى توطيد السلام العالمي وضمان أمنه، وحيثما أمكن، أمن أصدقائه الأفارقة المعرضين للتهديدات الإرهابية والمناخية. وسيظل ملتزما دوما بالحفاظ على استقلاله، وضمان أمنه الجماعي وسلامة أراضيه. ب.ب