وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل أكد أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ الاتفاقات بشكل فعال أكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، أن الحكومة في مرحلة من المشاورات والمفاوضات المكثفة مع الفرقاء الاجتماعيين، من أجل التوافق على بعض النقاط الخلافية العالقة بخصوص قانون الإضراب. وأوضح السكوري في حوار مع "الصباح" أن الحكومة تعتزم بعد التوافق، الرجوع إلى مجلس النواب، في شتنبر المقبل مع اللجنة المعنية، من أجل اعتماد قانون في مستوى القرن 21 يضمن حقوق المضربين، ويضمن حرية العمل في إطار مصلحة الوطن والمواطنين. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني يخلد المغرب الذكرى الفضية لعيد العرش. هل يمكن القول إنكم نجحتم في تنزيل التوجيهات الملكية بشأن مأسسة الحوار الاجتماعي؟ ستخلد بلادنا في غضون الأيام القليلة المقبلة الذكرى الخامسة والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه الميامين، وهي بالفعل فترة حافلة بالإنجازات الكبرى، التي يصعب حصرها والتي شملت جميع الميادين،وبوأت بلادنا مكانة هامة على مستوى المنتظم الدولي. ويحق لنا كمغاربة أن نفتخر ونعتز بالثورة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تشهدها بلادنا، بفضل الرؤية الملكية المتبصرة والاستشرافية، التي ترجمت من خلال وضع وتنفيذ إستراتيجيات كبرى ومهيكلة في شتى الميادين. ويشكل ورش الحماية الاجتماعية،وتعزيز صرح الدولة الاجتماعية، وورش مأسسة الحوار الاجتماعي والارتقاء به إلى خيار لا محيد عنه في تدبير الشأن العام، ومعالجة القضايا الاجتماعية، أهم الإنجازات في الميدان الاجتماعي. لقد عملت الحكومة تنفيذا للتوجيهات الملكيةعلى ترجمة الرؤية الملكية، في مجال مأسسة الحوار الاجتماعي، والتي وضعتها ضمن أولويات برنامج عملها، والتوقيع خلال نصف الولاية الحكومية الحالية على اتفاقين اجتماعيين مركزيين، وميثاق وطني لمأسسة الحوار الاجتماعي سنتي 2022 و2024، الذي أحدث العديد من الآليات نذكر منها، اللجنة العليا للحوار الاجتماعي ولجنتي الحوار الاجتماعي، في القطاعين العام والخاص والهيآت الاستشارية الثلاثية التركيب للحوار الاجتماعي في مجال الشغل والتشغيل، واللجان الإقليمية والجهوية للحوار الاجتماعي، وكذا إحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي، وأكاديمية للتكوين في مجال الشغل والتشغيل، بهدف تعزيز قدرات الشركاء الاجتماعيين ومختلف المتدخلين المؤسساتيين. فشلت الحكومات السابقة في ورش الحوار الاجتماعي. ما هو تقييمكم اليوم لتعاطي مكونات عالم الشغل مع الرؤية الملكية التي وردت في خطابه إلى المنتدى البرلماني الدولي الثاني للعدالة الاجتماعية؟ بخصوص هذا السؤال، أود أن نؤكد لكم أن خطاب جلالة الملك محمد السادس الموجه إلى المنتدى البرلماني الدولي الثاني للعدالة الاجتماعية، كان بمثابة خارطة طريق لتعزيز مأسسة الحوار الاجتماعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية في بلادنا. وتنفيذا للتوجيهات الملكية الواردة في هذا الخطاب، عملت الحكومة على ترجمتها على أرض الواقع بشكل سريع،إذ تمكنت بعد مرور ستة أشهر من تنصيبها على التوقيع في 30 أبريل 2022على اتفاق اجتماعي، تضمن مجموعة من الالتزامات، من بينها تحسين الدخل، وتطوير تشريعات العمل، ووضع جدولة زمنية لتنفيذ الالتزامات، وميثاق وطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، الذي أحدث مجموعة من آليات الحوار على المستويات المركزية والقطاعية والترابية، التي أصبحت تشتغل بكيفية منتظمة وحققت نتائج مهمة. ويمكن القول هنا إننا كلنا ثقة، وأننا نسير في الاتجاه الصحيح لتعزيز مأسسة الحوار الاجتماعي،الذي عقدت بشأنه أكثر من 50 اجتماعا ولقاء تشاوريا مع الشركاء الاجتماعيين والقطاعات الحكومية المعنية بهدف التوصل إلى توافق بشأنه. كما نقدر جهود جميع الأطراف، ونؤكد على التزامنا بمواصلة العمل لتحقيق التقدم المنشود، الذي يضع المواطنات والمواطنين في صميم الاهتمام. من المقايضة إلى المفاوضة رغم توقيعكم اتفاقات اجتماعية مع النقابات وأرباب العمل، إلا أن الساحة الاجتماعية مازالت تعرف إضرابات واحتجاجات. هل المشكل في التنزيل أم في عدم الالتزام؟ شكل التوقيع على الاتفاقات الاجتماعية بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلا، والمنظمات المهنية للمشغلين، خطوة مهمة نحو تحسين العلاقات المهنية، ومناخ الأعمال وتعزيز الحقوق الأساسية في العمل، ذلك أن فكرة توقيع اتفاق اجتماعي، مرورا بمختلف مراحل التفاوض والنقاش، للوصول إلى توافق بحد ذاته، يعتبر مجهودا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. ومع ذلك، نعلم أن هناك تحديات مستمرة على الساحة الاجتماعية، من أجل تطبيق هذه الاتفاقات وتحقيق التزاماتها. وللتأكيد، فلأول مرة في تاريخ الاتفاقات الاجتماعية، تم وضع جدولة زمنية لتنفيذ الالتزامات المتبادلة بين الأطراف الموقعة عليها. بالفعل، أحيانا قد يصطدم تطبيق الاتفاقات على أرض الواقع ببعض الصعوبات والإكراهات، لكننا نعمل جاهدين على وضع آليات واضحة ومحددة لضمان تنفيذ هذه الاتفاقات بشكل فعال. كما أننا ملتزمون تماما بما تم الاتفاق عليه، رغم أن بعض الالتزامات تتطلب موارد مالية كبيرة. في النهاية، نؤكد أننا ملتزمون بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لفئات عريضة من المواطنين، ونعمل بكل جدية لتحقيق التوازن بين تطلعات العمال وقدرة الاقتصاد الوطني على التحمل. ونشكر بالمناسبة جميع الأطراف على صبرهم وتفهمهم ونتطلع لمواصلة التعاون البناء لتحقيق الأهداف المشتركة. وأؤكد لكم بأن الاحتجاجات التي تعرفها الساحة الاجتماعية ببلادنا تبقى ظاهرة صحية شأنها شأن جميع الدول الحديثة والديمقراطية التي تعرف توسعا في مجال الحريات، ونقولها بصراحة، نحن من الدول القليلة، التي تحل فيها الإشكالات الاجتماعية الكبرى بطرق حضارية وسلمية وفعالة، رغم الاكراهات. من بين القضايا التي ظلت تؤرق الحكومة صعوبة إخراج قانوني الإضراب والنقابات إلى الوجود. هل لنا ان نعرف إلى أين انتهت المشاورات؟ كما أسلفت، تم الشروع في مناقشة القانون التنظيمي للإضراب حيث قدمنا يوم 16 يوليوز الجاري المشروع أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب وتلته مناقشة عامة، يوم 18 يوليوز . ويسعى المشروع إلى تحقيق التوازن بين حق ممارسة الاضراب حق العمل، وضمان ملاءمته مع دستور المملكة ومبادئ واعلانات منظمة العمل الدولية بهذا الخصوص. وبخصوص هذا القانون، فقد عقدت أكثر من 50 اجتماعا، 30 منها مع الفرقاء الاجتماعيين و20 منها مع القطاعات الحكومية، إضافة إلى 15 اجتماعا مع رئيس الحكومة. ومكنت هذه الاجتماعات من تقريب وجهات النظر، ما مكننا من البدء بالتقديم والمناقشة العامة في البرلمان. ونحن الآن في مرحلة من المشاورات والمفاوضات المكثفة مع الفرقاء الاجتماعيين، من أجل التوافق على بعض النقاط الخلافية العالقة. ونعتزم بعد هذا التوافق، الرجوع إلى مجلس النواب في شتنبر مع اللجنة المعنية، من أجل اعتماد قانون في مستوى القرن 21 يضمن حقوق المضربين، ويضمن حرية العمل في إطار مصلحة الوطن والمواطنين. ويمكنني أن أؤكد لكم أن الأجواء التي تمت فيها المناقشات والمفاوضات مع الفرقاء الاجتماعين، في مجلس النواب كلها أجواء إيجابية تتسم بالحس الوطني، والحرص على حماية حقوق الشغيلة والآلة الإنتاجية المغربية. تتشبث النقابات بمطلب مأسسة الحوارواحترام الالتزامات. كيف تتصورون السبل إلى التوافق في قضايا تعرف تباينا بين النقابات وأرباب العمل؟ أشكركم على هذا السؤال المهم، وهو يعكس حرص الجميع على تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا، من خلال الحوار البناء والالتزام المتبادل. ونحن ندرك تماما أهمية مأسسة الحوار الاجتماعي، واحترام الالتزامات لتحقيق توافق يرضي جميع الأطراف، وهو الشيء الذي تم تكريسه من خلال التوقيع على الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، باعتباره يشكل الإطار المرجعي التعاقدي، في تحديد مقاربات تدبير الحوار الاجتماعي، وبناء التوافقات بشأن القضايا الاجتماعية الكبرى ذات الطابع الافقي، وإرساء جيل جديد من الحوار الاجتماعي، ومأسسته قطاعيا وترابيا، وضمان إجرائه بانتظام وبكيفية مستدامة، وتحقيق الانسجام والالتقائية بين مختلف مستوياته وآلياته. وحرصنا على انتظامية آليات الحوار الاجتماعي تفعيلا للميثاق الاجتماعي الموقع مع الشركاء الاجتماعيين، من خلال اللجنة العليا للحوار الاجتماعي، ولجنتي الحوار الاجتماعي في كل من القطاعين العام والخاص، والهيآت الاستشارية الثلاثية التركيب للحوار الاجتماعي في مجال الشغل والتشغيل، واللجان الإقليمية والجهوية للحوار الاجتماعي. ومن أجل ضمان حكامة اشتغال هذه الآليات، تم إحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي، الذي سيعنى بتنسيق عمل آليات الحوار الاجتماعي، وإعداد تقرير حول السنة الاجتماعية. إن أهم ما حققناه في هذا المجال، هو أننا أرسينا الثقة، رغم الصعوبات والإكراهات، وانتقلنا من منطق المقايضة، إلى منطق المفاوضة، ثم طعمنا هذه الثقة باتفاقات قطاعية، كاتفاق التعليم، مثلا ورفع الأجور بكلفة فاقت 40مليار درهم في القطاع العام، كلها مبادرات وإجراءات عملية، تعطي للمأسسة كل معناها، وتجعل من الفرقاء الاجتماعيين، بل المواطنين يفضلون مسار الحوار وبناء الثقة على مسارات أخرى. في سطور يونس السكوري متزوج وأب لطفلة وزيرالإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات مهندس الدولة في الاتصالات وهندسة المعلومات خريج المدرسة الوطنية للقناطر والطرق بباريس وجامعة "تامبل" بالولايات المتحدة الأمريكية. اشتغل إلى جانب الوزير الأول الأسبق إدريس جطو في مجال سياسات التشغيل ووزير الداخلية الأسبق شكيب بن موسى في مجال تطوير اللامركزية وخدمات القرب. قيادي في حزب الأصالة والمعاصرة