لن أتحدث عن الحكم الابتدائي الصادر ضد إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بسبب السب العلني، ولن أطرح سؤال: هل الأمر سلوك مقبول بالنسبة إلى زعيم حزب من قيمة الاتحاد الاشتراكي؟ ما يهم هو أن الحكم استجاب لكل المعايير الشكلية، التي يجب أن تتوفر في حكم قضائي، من أهمها النطق به وهو محرر، إذ أن نسخة الحكم صدرت في اليوم نفسه، استجابة للقاعدة القانونية، التي تنص على أن الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة عن هيآت الحكم، يجب أن تكون محررة ومعللة. من خلال مقارنة بسيطة مع باقي الأحكام، التي تصدر في جل محاكم المملكة، لن تجد تلك الدقة في احترام شكليات النطق بالحكم، إذ أن هناك أحكاما صدرت وظلت حبيسة رفوف الطبع لأشهر، واقتربت من اكتمال السنة، دون أن يتمكن المتقاضي من الحصول على نسخته، سواء التبليغية أو التنفيذية، وما يعنيه الأمر من هدر للزمن القضائي. كم من متقاض تمنى أن يكون ملفه هو ملف لشكر، حتى يحظى بتلك الأهمية وينطق حكمه محررا، خاصة في القضايا الجنحية، دون الحديث عن الجنايات التي تظل المقارنة بشأنها مسألة مزايدة لا غير، ففي أغلب قضايا الجنايات، خاصة في الدوائر الاستئنافية التي تعرف تصريف عدد مهم من القضايا، لا يمكن الحديث عن نسخة جاهزة إلا بعد مرور أشهر، وبعضها قد تكون بخط اليد، وبكتابة «هيروغليفية»، تتطلب استعمال شفرات خاصة لفك رموزها. وضعية الأحكام غير المحررة كانت موضوع مراسلة من قبل الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، لعدد من المحاكم ومن ضمنها استئنافية البيضاء، بشأن النطق بقرارات قضائية محررة، مستندا في ذلك إلى مراسلات سابقة للرئيس الأول للمحكمة، بشأن وضعية تحرير الأحكام، أفادت أنه إلى غاية دجنبر الماضي بلغ عدد الأحكام غير المحررة 1099 قرارا، و500 قرار في نهاية يناير الماضي. أرقام تؤكد أن الأمر غير عاد، وأن هناك إضرارا بحقوق المتقاضين، وبأمنهم القضائي. قد يتذرع البعض بأن البطء في تحرير الأحكام يعود إلى كثرة القضايا، أو أن هناك قضايا معقدة تتطلب زمنا معينا لتحرير أحكامها، لكن هذا التبرير، لا ينهض سندا لتعطيل تحرير الأحكام، لأن القاضي، قبل النطق بالحكم، يكون قد وضع يده على كل عناصر القضية، ويبقى له فقط تحويل هذه العناصر إلى وقائع وحيثيات الحكم، حيث لا يتصور أن يتم النطق بالحكم، وتجرى عملية تبرير المنطوق بعد ذلك، ضمن ثنايا وثائق الملف ومذكرات أطرافه، ثم إن القضايا ليست كلها معقدة، إلى درجة تتطلب استهلاك زمن طويل لتحرير أحكامها. كريمة مصلي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma