ظل ملف التقاعد على صفيح ساخن طيلة فصول السنة الجارية، ومر بمراحل مد وجزر بين الحكومة والنقابات، وحتى الهيآت الاستشارية والرقابية. لكل مطالبه وتصوراته لإصلاح اختلالات ملف شائك لطالما أنذر باحتقان اجتماعي غير مسبوق. حكومة عبد الإله بنكيران وسعيها الحثيث منذ توليها مقاليد التدبير العمومي، تحرص على إعادة التوازن المالي للقطـاعـــــــــات الإستراتيجية، غير أن المقاربة السياسية والتقنية للإصلاح غالبا ما أفرزت نتائج عكسية في القطاعات ذات الطابع الاجتماعي، والأمر هنا يتعلق بمحاولة إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد، الذي شكل مستنقعا لم تتمكن الحكومة من الخروج منه دون خسائر.حكومة بنكيران قدمت مشروعي قانون لإصلاح منظومة التقاعد، الثابت فيهما نزعة لتبني سيناريو الإصلاح المقياسي، القائم على رفع سن التقاعد ونسبة الاشتراكات وكيفية احتساب المعاش. هذا المشروع الحكومي واجه مجموعة من الانتقادات من قبل النقابات وممثلي الأجراء، وحتى من قبل قوى المعارضة، الذين صبوا احتجاجاتهم في وعــــــاء واحد، ضد رفع سن التقاعد إلى 65 سنة بالتدريج على مدى عشر سنوات المقبلة، وخفض معدل احتساب المعاشات من 2.5 إلى 2 في المائة، وكذا رفع نسبة الاشتراكات من 20 إلى 28 في المائة، هذا التصور الحكومي للإصلاح يتماهى نسبيا مع رؤية المجلس الأعلى للحسابات التي أوردها في تقرير منفصل عن اللجنة التقنية لإصلاح التقاعد. وفي ظل افتقاد القوى المحتجة على المشروع الحكومي لإصلاح التقاعد على رؤية واضحة أو مقترح عملي للإصلاح، تبنى هؤلاء تصور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لمشروع إصلاح منظومة التقاعد وتوصياته بهذا الخصوص، والتي لم تلق ترحيبا من قبل حكومة بنكيران، الذي فضل تجميد الملف وتهريبه إلى 2015، علما أن التحويلات المالية الموجهة إلى الصندوق المغربي للتقاعد انتقلت من 10 إلى 11.5 مليار درهم متم نونبر الماضي.ب.ع