شبهات ريع في صناديق الأحزاب

متاهة صرف المال العام بين الرقابة على دعم الدولة وغضب القيادات من كشف المستور اشتعلت حرب صرف المال العام بين رقابة شديدة لحراس المجلس الأعلى للحسابات، وغضب زعماء الأحزاب، والتي لن تنتهي في غياب اجتماع يضم الطرفين في البرلمان، أو في أي فضاء عمومي لتصفية الأجواء ووضع خطط عملية.ولم يعد زعماء الأحزاب يتحملون أن يعريهم قضاة المجلس الأعلى للحسابات، والمجالس الجهوية للحسابات بالنسبة لمنتخبي المجالس الترابية، ما أدى في بعض الأحيان إلى عزل رؤساء مجالس، بل ومحاكمة بعضهم بتهم تبديد أموال عمومية، والتلاعب في الصفقات العمومية، وتحويل مشاريع تنموية إلى مصالح ذاتية. مــرافــعة تصفــيــة الحســابات شبهة استهداف وعدم إيلاء الأهمية للتجارب الناجحة في التدبير وإساءة إلى مصداقية المؤسسات انتفض زعماء الأحزاب عقب فضح قضاة المجلس الأعلى للحسابات غياب الحكامة المالية، مؤكدين أن هناك اختلافا بين التنظير والممارسة، وأن الذي يضطر إلى تغيير برامج تنموية على أرض الواقع، خدمة لمصالح المواطنين، وتحت ضغط ممثلي السلطة الجهوية والمحلية، ورقابة وزارة الداخلية، لن يحترم طبعا البرامج التي تمت المصادقة عليها في اجتماعات المجالس الترابية. وأثار تقرير المجلس الأعلى للحسابات الكثير من الغضب في أوساط الأحزاب السياسية، التي أكد بعضها أن منهجية قضاة المجلس الأعلى تثير الكثير من الأسئلة حول المعايير، التي تعتمدها في اختيار المجالس المنتخبة، والتي أصبحت تركز فقط على الثغرات، دون إيلاء الأهمية للتجارب الناجحة في التدبير، ما يسيء إلى مصداقية المؤسسات، واعتبروا ذلك تصفية للحسابات. وانتقد زعماء الأحزاب منهجية المجلس الأعلى الذي يتعقب اختلالات السياسيين ويتغاضى عن كبار المسؤولين، مؤكدين أن ملايير تدبر من قبل المؤسسات العمومية وجب تشديد المراقبة عليها وليس مراقبة الأحزاب لإضعافها أكثر مما هي ضعيفة رفقة النقابات التي أضحت تعاني كثيرا لفقدان الطبقة العاملة والموظفين الثقة فيها. ورغم رفع الأحزاب شعارات محاربة الفساد، وسد الباب على المفسدين، وحماية المال العام من النهب، والاشتغال على تطوير الحكامة في التدبير والتسيير، وإحداث لجان تقصي الحقائق ولجان المهام الاستطلاعية، والمطالبة بتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن الفاعلين السياسيين أنفسهم منزعجون كثيرا من نشر المجلس الأعلى للحسابات تقارير سوداء عن كيفية تدبير الميزانية السنوية لأحزابهم، وميزانية الانتخابات، ومصاريف المرشحين، وإجراء الدراسات، وكشف التلاعب الحاصل في كيفية صرف أموال الدعم العمومية المتأتية من جيوب المواطنين دافعي الضرائب، وتبديد الأموال العامة وتحويل أخرى لأغراض شخصية، على حساب المشاريع التنموية للمجالس الترابية من جهات وبلديات ومقاطعات جماعات مدن وقرى. وتخوف السياسيون من أن يفقد المواطنون الثقة فيهم عند تلاوة تقارير المجلس الأعلى للحسابات الخاصة بالانتخابات والأحزاب والنقابات والدراسات، إذ تمت تغذية هذا التوجه، لرفض زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، الحضور إلى لجنة المراقبة المالية بمجلس النواب لمناقشة كل القضايا، على غرار سلفها إدريس جطو، الذي بدد سوء الفهم في أمور كثيرة والتمس من البرلمانيين التقدم بطلبات لإجراء افتحاص لأي برنامج حكومي، أو مؤسسة من قبل قضاة المجلس الأعلى للحسابات. وفضح المجلس الأعلى للحسابات ضعف حكامة التدبير المالي لدى الأحزاب، التي لم تستفد كثيرا من الملاحظات التي سجلتها تقارير سابقة، لذلك استمرت في صرف أموال عمومية بدون إثبات بوثائق قانونية، ما اضطرها إلى البحث عن موارد أخرى لإرجاع المبالغ التي لم تستطع تبرير أوجه صرفها. وأكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الصادر الأربعاء الماضي، عجز 17 حزبا عن دعم أجور المستخدمين بوسائل الإثبات القانونية، وعدم صرف نفقات كراء مقرات 13 حزبا بعقود وإيصالات الكراء ناهزت 3 في المائة من إجمالي النفقات المصرح بها، وتصريح 11 حزبا بنفقات أخرى لم يتم بشأنها تقديم وثائق الإثبات القانونية خارج نفقات الأجور والأكرية، ناهزت بدورها 3 في المائة من إجمالي النفقات المصرح بصرفها. وتم تسجيل نواقص على مستوى دعم 26 في المائة من مجموع النفقات المصرح بصرفها بوثائق الإثبات القانونية، من بينها 14 في المائة مرتبطة بنفقات التدبير همت 24 حزبا، و12 في المائة بالنفقات المتعلقة بالدعم السنوي الإضافي همت خمسة أحزاب ضمن الأحزاب السبعة المستفيدة من هذا الدعم، إذ بلغ مجموع نفقات التدبير التي سجل المجلس بشأنها نواقص ما يناهز 18.71 مليون درهم، أي ما يزيد عن 14 في المائة من إجمالي النفقات المصرح بصرفها (130.65 مليون درهم)، مسجلة بذلك ارتفاعا ملحوظا مقارنة مع 2021 بما يقارب 4 في المائة. وهمت تلك النواقص 24 حزبا من أصل 29 تتوزع بين نفقات لم يتم دعمها بوثائق الإثبات القانونية 13 في المائة، ونفقات تم دعمها بوثائق إثبات غير كافية أو معنونة بغير اسم الحزب. وبخصوص الدعم السنوي الإضافي، لتغطية المصاريف المترتبة عن المهام والأبحاث والدراسات الممنوحة لسبعة أحزاب سياسية بناء على طلباتها (20.10 مليون درهم)، وإثر الإنذارات المتضمنة لملاحظات مجلس الحسابات، الموجهة إلى المسؤولين الوطنيين عن الأحزاب السياسية المعنية، قامت أربعة أحزاب من أصل سبعة بإرجاع 3.35 ملايين درهم من مبالغ الدعم غير المستعملة إلى الخزينة، أي ما يعادل 17 في المائة من مجموع الدعم السنوي الإضافي لـ 2022. وكشف التقرير أن مبلغ 15.64 مليون درهم التي تم الالتزام بها من قبل خمسة أحزاب في إطار 44 مهمة أو دراسة أو بحث لم يتم بشأنها الإدلاء بما يثبت اللجوء إلى المنافسة لانتقاء الخبراء المؤهلين لإنجازها. أحمد الأرقام

شبهات ريع في صناديق الأحزاب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جدل غياب الوزراء

شروط صارمة لصرف الدعم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات