أدين بالاتجار بالبشر بعد مواجهته بتسجيلات مشينة وتصريحات شاذة 20 مليونا تعويضا لوالد تلميذة ودرهم رمزي لمنظمة "ما تقيش ولدي" أعطت استئنافية البيضاء، عصر أول أمس (الخميس)، في عقوبات الاستغلال الجنسي للقاصرين، درسا بليغا، بالحكم على أستاذ للغة الفرنسية لأقسام البكالوريا يمارس بمؤسسة خصوصية، بـ 30 سنة سجنا، بعد مؤاخذته من أجل تهم هتك عرض قاصر يقل عمره عن 18 سنة، باستعمال العنف، والاتجار في البشر تجاه طفل تقل سنه عن 18 سنة، واغتصاب قاصر نتج عنه افتضاض، وهتك عرض قاصر باستعمال العنف، وممن له سلطة عليه. كما قضت المحكمة بأداء المتهم 20 مليونا تعويضا لفائدة والد تلميذة، ودرهما رمزيا لفائدة منظمة «ما تقيش ولدي»، ذات النفع العام، بينما ردت باقي الطلبات المدنية، ورفضت إدخال المؤسسة التعليمية الخصوصية في الدعوى. وبرأت المحكمة متهما ثانيا، وهو حارس عمارة كان متابعا بإعداد منزل للدعارة، إذ أنه كان يكري للمتهم الشقة التي كانت مسرحا لجرائم الاستغلال والتعذيب الجنسي للتلميذات. وووجه الأستاذ بتسجيلات و»دردشات» تبين، بشكل جلي، استغلاله الجنسي لتلميذاته، إذ لم ينفعه نفي التهم عنه أمام تلك الأدلة والاعترافات، أثناء البحث التمهيدي. واقتنعت المحكمة، بعد مناقشة القضية، والاستماع إلى الأطراف، بثبوت تهمة الاتجار بالبشر في حق المتهم، وعلى سبيل التحديد المادة الرابعة من الفصل 448 من القانون الجنائي، التي تعاقب بالسجن من 20 سنة إلى ثلاثين، وأن الفقرة الثانية من المادة الأولى للفصل نفسه، لا تعتد بشروط ووسائل جناية الاتجار بالبشر، وتعتبرها جناية قائمة بمجرد أن يكون "الضحايا أطفالا تقل أعمارهم عن 18 سنة بمجرد تحقق قصد الاستغلال". وتفجرت قضية الاستغلال الجنسي لتلميذات بطريقة وحشية، من قبل أستاذ التعليم الخصوصي، بداية الموسم الدراسي 2022، وبالضبط في شهر شتنبر، عندما أوقفت الشرطة القضائية التابعة لأمن آنفا المتهم وحارس العمارة، قبل أن يحال المتهمان على الوكيل العام للملك ومنه على قاضي التحقيق، الذي أطلق سراح حارس العمارة بعد الاستماع إليه تفصيليا، بينما أمر بمتابعة الأستاذ في حالة اعتقال وأحاله على غرفة الجنايات الابتدائية لمحاكمته. وأكد الطيب عمر، دفاع منظمة «ما تقيش ولدي» أثناء المرافعة، أن الوقائع المضمنة بمحاضر الضابطة القضائية فظيعة، وأن مناقشتها أمام المحكمة أمر صعب، في إشارة إلى الوسائل التي كان يعتمدها المتهم أثناء ارتكابه جرائمه ضد تلميذات وضعن تحت عهدته لتربيتهن وتعليمهن، بينما اعتبرت المحامية مريم مستقام، دفاع الضحايا، أن الحكم يترجم مبدأ العقاب وفلسفة الردع العام، التي ينبغي أن تلاحق كل من له سلطة على الأطفال في حال استغلهم جنسيا وأهدر كرامتهم، مضيفة أن العقاب قد يخفف من الآلام، لكنه لن يمحوها، فما تعرض له الضحايا هو بمثابة عاهة مستدامة. وأثناء البحث، تبين أن الأستاذ كان يستدرج التلميذات بعد غسل أدمغتهن، إذ يستميلهن بالتحدث عن الحرية الفردية والحق في الجسد، كما كان يقوم رفقتهن بخرجات، إذ أصبح محبوبا لدى تلميذاته، وهو المدخل الذي استغله لدعوتهن إلى الشقة، التي كان يكتريها بشارع سقراط بالمعاريف، كما صور بعضهن في أوضاع مختلفة، ومارس عليهن التعذيب الجنسي، بتقليد السلوكات العنيفة والشاذة وإعطاء أوامر خارجة عن المألوف لقياس درجة الطاعة. كما استدرجهن إلى الساعات الإضافية الليلية، التي يزاولها في مؤسسة أخرى، للاستفراد بهن. وافتضح أمر الأستاذ بعد تكسير «الطابو»، من قبل ولي أمر تلميذة، تعرضت لوعكة صحية نفسية، قبل أن يكتشف أنها بسبب الأستاذ الذي تعلقت به الابنة واستغلها استغلالا بشعا، ليضطر الأب إلى الإبلاغ عما وقع لابنته، وتتكلف مصالح الشرطة القضائية بالبحث، وتتابع أطوار المفاوضات مع المتهم، قبل أن يتم إيقافه في كمين، وبعد ذلك أمر الوكيل العام للملك بإجراء فحص من قبل طبيب شرعي، تأكد من خلال تقريره افتضاض بكارة التلميذة، كما ووجه المتهم بأفعاله ليعترف، قبل أن يتم الاهتداء إلى تلميذات أخريات، تم استدراجهن بالطريقة نفسها. وبخصوص مسرح الجرائم، التي ارتكبت فيها عمليات الاغتصاب والافتضاض، فإن الأستاذ كان يكتري شقة بالمعاريف، كانت محل معاينة من الضابطة القضائية، وتطابقت أوصافها مع تلك التي أدلت بها الضحايا في تصريحاتهن. المصطفى صفر