هل يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن يبت في ملفات التأديب؟

صحيح أن من اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء البت في ملفات التأديب الخاصة بالقضاة، شأنه في ذلك شأن جميع المؤسسات ذات الطابع التأديبي. لكن حين يتعلق الأمر بقاض، يدافع عن حقه في دستورية القوانين، وأن يكون الحكم الصادر ضده لأي سبب قابلا للطعن، نجد أن المجلس يبت في مسطرة التأديب دون مراعاة لحق القاضي في الطعن، وذلك بسبب عدم خروج القانون التنظيمي الخاص بإنشاء الغرفة الإدارية إلى الوجود.وصحيح أن المشرع لم يعط لمسطرة تأديب القضاة الأهمية التي يستحقه، ذلك أن الدستور الجديد نص لأول مرة على أن القرارات التي تصدر عن المجلس الأعلى للقضاء، قابلة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة أمام أعلى هيأة قضائية إدارية بالمملكة.وأوجب الفصل 116 من الدستور الحالي تحديد قانون تنظيمي لانتخاب وتنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمعايير المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاة ومسطرة التأديب.وقد اعتبر رجال القانون، أنه لأول مرة، أصبح للقاضي المحال على التأديب، الحق في طلب الطعن ضد القرار المتخذ في حقه، وأنه في ظل ظهير 11 نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاة في بابه الخامس المتعلق بالمسطرة التأديبية، المادة 58 وما يليها، والمعتمد في المحاكمات التأديبية ضد القضاة، فقد أصبحت حاليا متعارضة من حيث الضمانات المخولة للقضاة مع مقتضيات الدستور الحالي، ذلك أن المادة 114 من الدستور تنص بصريح اللفظ القانوني على أن القرارات المتعلقة بالوضعيات الفردية الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية تكون قابلة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة أمام أعلى هيأة قضائية إدارية بالمملكة. وإذا كان الفصل 178 من الدستور قد أتى بمعطى وفهم غير ما هو منصوص عليه، حيث أكد أنه في انتظار تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية يستمر المجلس الأعلى للقضاء في ممارسة صلاحياته، فهذا لا يعني سوى استمراره في ممارسة المهام الموكولة له قانونا دون أن يتعارض مع الدستور.وللتاريخ، فقد سبق لوزير العدل السابق النقيب المحترم (المرحوم الحاج محمد الناصري) أن قال إن الملفات التي تخص تأديب القضاة لن تدرج في الدورة الحالية التي كان خلالها وزيرا للعدل ويرأس المجلس الأعلى للقضاء نيابة عن الملك.وأرجع ذلك إلى رغبته في عدم تضييع فرصة الطعن التي أتاحها الدستور الجديد للقاضي موضوع التأديب في قرار المجلس، وذلك في إطار التنزيل الحقيقي لمقتضيات الدستور على أرض الواقع. لكن نعاين الآن عرض الملفات على المجلس الأعلى للقضاء في ظل وزارة العدل الحالية والذي شكل قطيعة مع ما اتخذه المرحوم الحاج محمد الناصري وزيرا للعدل. ويطرح تساؤل قانوني محض، هل من حق أي قاض أن يطعن في القرارات التأديبية، وعرضها على الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى على حالته الحالية، وما هو مصير الطعن؟يمكن القول بأنه في إطار الاختصاص العام يمكن التقدم بالطعن، لكن ماهي النتيجة؟الأكيد أن الغرفة الإدارية ستصرح بعدم قبول الطعن اعتمادا على مقتضيات الفصل 178 من الدستور الذي أعطى الاستمرارية للمجلس الأعلى للقضاء في ممارسة صلاحياته إلى أن يتم تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية المنصوص عليه في الدستور.فإذا كان المشرع المغربي قد متع المجرم القاتل وغيره، بل وفي الجنح بالطعن بالاستئناف والتعرض وإعادة النظر، فإنه عكس ذلك، بالنسبة لمن يحكم عليهم، أن لا يتمتع بهذا الحق، ولو أن الدستور أعطى هذا الحق، فإن العمل الآن على صعيد المجلس الأعلى للقضاء لا يلتفت إلى هذا الحق، ويطبق حرفية النص ضدا على حق القضاة.أرجو أن أكون قد فتحت بابا للنقاش.عبد المجيد خشيع (محام بالبيضاء)

هل يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن يبت في ملفات التأديب؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تخفيض حصة المغرب في الحج إلى 25 ألفا

بـ"أطباء سد الخصاص"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات