محكمة النقض بلورت إستراتيجية لتغيير نظرة المواطن إلى القضاء

قالت إيمان المالكي، قاضية التواصل لدى محكمة النقض، إن الإستراتيجية الجديدة للمحكمة في التواصل القضائي، اعتمدت على بلورة خطة مؤسساتية تضع خدمة المواطن رهانا أساسيا من أجل كسب ثقته، وإقناعه بتغيير الصورة النمطية لديه عن القضاء. وأوضحت المالكي أن محكمة النقض جعلت من أولوياتها كذلك تكوين صحافيين متخصصين في المجال القضائي، مضيفة أن ذلك سيتم بعقد شراكات مع مجموعة من المؤسسات. ما هي المرتكزات الأساسية للإستراتيجية الجديدة لمحكمة النقض في التواصل القضائي؟ عملت محكمة النقض على بلورة إستراتيجية تواصلية مؤسساتية تضع من خلالها المواطن رهانا أساسيا في المحكمة وخدمته. وهذه الإستراتيجية مرجعها الخطب الملكية وورش إصلاح القضاء ودستور المملكة خاصة المقتضيات الخاصة بتنزيل مبادئ الحكامة الجيدة، وحماية الحق في الوصول إلى المعلومة وحرية الصحافة وحرية التعبير. ومن بين المرجعيات السياسة الحكومية التي تم إعدادها في هذا الشأن وكذا مرجعية محكمة النقض من خلال الظهير الذي ينظمها ويخول لها مجموعة من الصلاحيات والاختصاصات في هذا الباب. ما الهدف من إعداد هذه الإستراتيجية؟ الهدف هو كسب ثقة المواطن، وتجديد الثقة في الجهاز القضائي ومحكمة النقض، وخلق محكمة خدومة ومنصفة وقريبة من المواطن. وجاءت هذه الإستراتيجية التواصلية لتستمر في تجربة قاضي التواصل المكلف بالتواصل والإعلام، وسنعمل على النهج التواصلي نفسه مع تجديد طرق التدبير، وسنعتمد طرقا عصرية من خلال مجموعة من الخدمات التي سوف يتم التعامل معها «كالويب ماستر»، وهنالك مجموعة من الخدمات عبر موقع المحكمة، كما ستكون هناك مجموعة من الأنشطة الموازية المنظمة لفائدة الصحافيين في المجالين القانوني والقضائي، كما سيتم عقد شراكات وبرمجة «ماستر» متخصص في الإعلام القضائي بشراكة مع المعهد العالي للقضاء والمعهد العالي للإعلام والاتصال ومعهد الإعلام السمعي البصري ومهن السينما. كيف ستحققون هذه الأهداف الجديدة في برنامجكم؟ حاولنا في البداية أن نقوم بعقد شركات عمومية-عمومية، نهدف من خلالها استكمال التكوين التخصصي للصحافيين، لكي نؤهل نخبة من رجال الإعلام المتخصصين، كما يجري في دول متقدمة أخرى صديقة، ونهدف إلى تكوين صحافيين في مجال القضاء، ونريد أيضا أن تكون شراكة بين القاضي والصحافي وأن تتجاوز جميع الحواجز، وأن يتم تذويب جميع الخلافات، وسنحاول أن يفهم كل واحد الإكراهات التي يعيشها الآخر، لأن الصحافي لا يهمه سوى البحث عن السبق والمحاضر، رغم أن هذه المسائل تتعارض مع البيانات الشخصية والضوابط المهنية وسرية البحث التي تقيد القاضي. ولا بد من أن نحدد الوقت الذي تمنح فيه المعلومة، لأن الصحافي يريد أن يحصل على سبق، في وقت معين، بحكم الضغط عليه، والقاضي يأخذ مجموعة من الاعتبارات، كما تريد محكمة النقض الاستجابة لجميع الإكراهات التي تعترض الصحافي، ومن أجل خلق مؤسسة قاضي التواصل سنعمل على تأسيس شبكة لتكوين قضاة التواصل، حتى تكون المعلومة مؤسساتية، ونسعى إلى شراكات مع دول أخرى التي يكون لديها منصب جديد يتعلق بمستشار في التواصل لدى كل محكمة، والمستشار هو الذي يعطي تقنيات التواصل، ويذكر بالضوابط القانونية، نطمح أن يكون داخل كل محكمة على الصعيد الوطني مستشار في التواصل مع الإعلام، والذي يقدم تقنيات التواصل للمسؤولين القضائيين، لأن القاضي يمكن أن ينقلب عليه الخبر، ومن السهل أن يرتكب الخطأ في منح المعلومة. هل تنتظرين أن تعترض هذا الحلم صعوبات؟ هذه أساليب جديدة في التواصل من أجل ترسيخ الحكامة الجيدة والشفافية والانفتاح والاقتراب من المواطن، ولا بد أن تقترن في الوقت نفسه المسؤولية بالمحاسبة حتى تكون المسألة مضبوطة ، فمعلومة بسيطة يمكن أن تؤثر بشكل سلبي، وأنا لا أتوقع صعوبات مؤسساتية بقدر ما أتوقع صعوبات شخصية، لأن الصحافي والقاضي مواطنان لا يهمهما سوى الصالح العام، إذا اشترط حسن النية، ولا بد من تذويب جميع الخلافات، وأن يحترم كل واحد الضمانات الأساسية في منح المعلومة الصحيحة، لأن المعلومة يكون لها وقع كبير، مثلا إذا أعطيت المعلومة خاطئة في التجارة، وأن القضاة غير مكونين في المادة التجارية، تكون لها تأثيرات على الاستثمار والناتج الداخلي الخام والميزان التجاري وإنتاج القيمة ومجموعة من المسائل التي لا نحتاط منها، ونريد أن تكون المعلومة مؤسساتية وصحيحة وسنحيطها بجميع الضمانات اللازمة. هل ستستطيعون تطبيق ما جاء في الدستور المغربي الجديد؟ أكيد هدفنا هو تنزيل المقتضيات الدستورية، والتواصل كمفهوم جديد للسلطة القضائية المنفتحة والجهاز القضائي الخدوم، والإدارة القضائية القريبة من المواطن، ولا يمكن أن نقوم بهذا دون التواصل لأنه قيمة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، وبالتالي ستمكننا من تفعيل المقتضيات الدستورية بالحكامة والسلطة القضائية وتنظيم المحاكم وبالجهاز القضائي والإدارة القضائية. ما هي طبيعة العراقيل التي ستواجهكم في هذه الإستراتيجية الجديدة؟ هناك مجموعة من العراقيل، فالتواصل، لكي يكون ناجحا، يجب أن نوفر له مجموعة من الموارد المالية والبشرية، والعمل بمفردنا يستدعي منا مجهودا جبارا، وعملت محكمة النقض لتفادي هذه العراقيل، على بلورة مجموعة من الشراكات الكبرى على الصعيد الوطني وآخرها مذكرة التفاهم مع الوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية، وتحديث الإدارة والتي كان من بين أهدافها التواصل، وفي هذا الإطار انكب على تواصل خارجي وداخلي، والتواصل الخارجي، أخذ صبغة كبيرة، لأنه يهم المواطن بصفة مباشرة، وكان علينا طرح كيف نقوم بخدمته، وكيف سنتواصل معه من خلال تبسيط المساطر والإجراءات، وتبني قواعد تواصلية سهلة وموارد مالية بشرية مؤهلة، لذلك تفهم عقلية المواطن، لأن المواطن والباحث والمتقاضي هم من نوع خاص، ويسمون مرتفقي المحكمة، وهم محتاجون إلى موارد بشرية للتفاهم معهم، ولا بد من تواصل شخصي بالنسبة إلى المعاقين والأميين، حتى نقوم بإرشادهم، وفي الوقت نفسه، هناك شريحة من المواطنين، تطالب بخدمات الإدارة على مستوى الأنترنيت والعالم الرقمي. إذن سيكون هناك دور للمجال الرقمي في تواصل مؤسستكم؟ نحن في محكمة النقض نفصل بين العمل القضائي والعمل الإداري، فالإدارة القضائية لمحكمة النقض، سيتم تحديثها وإعادة تثمين مواردها بطريقة تستجيب لمستجدات المعايير الدولية، نبحث عن المصطلح الذي يليق في إدارة محكمة النقض للحصول على شهادة إيزو، والإدارة لم يبق لها مفهوم تقليدي في الوقت الراهن، فنحن أصبحنا محكومين بمردودية ومؤشرات آداء وأساليب تدبير وبأنماط التشارك والصورة من خلال الإشعاع الذي نحققه على الصعيد الوطني والدولي، ومجموعة من المسائل تحكمنا ولا بد من أن نحقق جديدا لمحكمة النقض، حتى تضمن التنافسية على الصعيد العالمي. وإذا ضمنا التنافسية على الصعيد الدولي، وحققنا سمعة سنصنع اسما ونقول إن القضاء المغربي، ومن خلال محكمة النقض، والاجتهاد القضائي، ومجموعة من القرارات القضائية التي تصدر لدينا، يوفر مجموعة من الضمانات الصلبة التي تحمي الحقوق والحريات. هل من السهل تغيير الصورة النمطية في ذهن المواطن عن القضاء المغربي؟ المواطن لديه صورة نمطية حول القضاء، ولا نريد أن نؤثر على هذه الصورة، بل نريد منه أن يقتنع وأن يغيرها من خلال التواصل معه، من خلال مجموعة من الإجراءات التي نقوم بها لفائدته واحتكاكنا يوميا معه هو الكفيل بتغيير الصورة النمطية في ذهنه، ولا يمكن أن يتحقق ذلك في رمشة عين، بل يتطلب الكثير من الوقت، وإذا لم يقتنع المواطن بالصورة الجديدة للإدارة القضائية الجديدة سنكون قد فشلنا في إستراتيجيتا في التواصل معه، ويجب أن نبحث عن وسيلة أخرى، لأن المواطن لا بد من توعيته وتكوينه عن طريق تقريب الإدارة القضائية منه، بشكل مبسط حتى يفهم ويستسيغ أساليب عملها الجديدة. أجرى الحوار: عبدالحليم لعريبي

محكمة النقض بلورت إستراتيجية لتغيير نظرة المواطن إلى القضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الـوداد بـدون أخـطـاء

وصفات محدودة لمحاربة الجريمة بسلا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات