رباح: لا نخاف مواجهة الناخبين

قال عزيز الرباح، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ووزير النقل والتجهيز، إن "بيجيدي" غير متخوف من الانتخابات المقبلة، ويراهن على ذكاء المغاربة والنخب. وأضاف الرباح، في حوار "الصباح"، في جزئه الأول، إن "الذين راهنوا على الحفاظ على شعبيتهم وعدم الاصطدام مع مواقع المقاومة، فقدوها في النهاية، فلا هم قاموا بالإصلاح ولا هم حافظوا على شعبيتهم داخل المجتمع" وأضاف الرباح أن تحالفات الحزب المقبلة مفتوحة على جميع الاختيارات، بما فيها الأصالة والمعاصرة، مضيفا أن الحزب يدبر معركته السياسية، على قاعدة السلوك السياسي والانتخابي لهذا الحزب أو ذاك، لكن ليس قدر الحزب أن يستمر على السلوك نفسه، "البيجيدي" يتابع سلوك الأصالة والمعاصرة، والانتخابات الجماعية ستشكل فرصة للتعرف على هذا السلوك". وفي سياق الحديث عن عودة التحكم السياسي، قال الوزير، إن المغرب في حاجة إلى التطبيع مع الحياة السياسية، ليصبح التداول أمرا طبيعيا، مشيرا إلى أن "القوى السياسية والشعب والدولة غير مخيرين. ولا مجال للعب. هناك ضمير سياسي يتحرك"، بالمقابل هناك فئة ليس لها ربح من التحول، ستحاول عرقلة هذا المسار. بعد نصف الولاية الحكومية الحالية، هل يتخوف العدالة والتنمية من تبعات تدبير الشأن العام؟ لابد في البداية من طرح سؤال، لماذا حزب سياسي؟ فالحزب السياسي وجد ليتخذ القرارات التي يعتقد أنها في مصلحة البلاد، والعدالة والتنمية لا يمكن أن يكون إلا كذلك، هناك بعض الأحزاب التي لم تفكر في مصلحة الوطن وفكرت فقط في نفسها، ولم تصطدم مع النقابات ولا مع باقي هيئات المجتمع، لكن النتيجة كانت هي تأجيل الإصلاحات وبالتالي تضخيم كلفتها، فصندوق المقاصة مثلا بدأ بـ4 مليار درهم ووصل إلى 54 مليار درهما، وكلفة إصلاح التقاعد اليوم أصبحت باهظة الثمن، كذلك كلفة إنقاذ المكتب الوطني للكهرباء واللائحة طويلة.من جهة أخرى، الذين راهنوا على الحفاظ على شعبيتهم وعدم الاصطدام مع مواقع المقاومة، فقدوا في النهاية شعبيتهم، فلا هم قاموا بالإصلاح ولا هم حافظوا على شعبيتهم داخل المجتمع، فإذا كنا مضطرين للاختيار بين الأمرين فأعتقد أن الحزب الوطني والعاقل، سيختار المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية، حتى لو أدى ذلك إلى فقدان الشعبية. ففي الديمقراطية الغربية، الحزب السياسي الذي يفوز في الانتخابات، يتخذ سلسلة قرارات تفقده موقعه الانتخابي، لكنه سرعان ما يعود، ,ربما أكثر قوة، وهكذا يصبح التداول على السلطة أمرا طبيعيا.المغرب اليوم في حاجة إلى التطبيع مع الممارسة السياسية، ليصبح التداول أمرا طبيعيا، شريطة أن يختار الحزب الذي يصل إلى الحكومة، القرارات التي يقدر أنها لصالح البلاد.ففي سياق التأجيل و رغم ما تتحمله الدولة من تكاليف باهظة عبر صندوق المقاصة، تنامت ظواهر اجتماعية سلبية، وبدأ الحديث عن الهدر المدرسي واتساع دائرة الفقر وضعف الخدمات الاجتماعية، أي أن تأجيل الإصلاح كانت كلفته باهظة على الوطن والشعب.الحكومة الحالية تشتغل بطريقة ذكية ونحن نتحمل مسؤولية قراراتنا، عاهدنا جلالة الملك بأننا سنعمل جاهدين على تنزيل الإصلاحات، وخطابات الملك الأخيرة تدعم هذا التوجه، ونلمس فيها إصرارا على المضي قدما نحو تنفيذ الإصلاحات، ومواجهة الريع وإصلاح المنظومات وبناء علاقات دولية مبنية على قاعدة الاحترام. وهنا إذا كانت الدولة في منحى تصاعدي، فإن الأحزاب ستكون حتما، في منحى مشابه. ورغم كل ذلك أقول ليست بالضرورة الإصلاحات الصعبة، تؤدي إلى فقدان الشعبية، أعتقد أن النخبة والشعب المغربي، يدركون أن الحكومة الحالية تتخذ قرارات لصالحهم حتى لو كانت مريرة. بخصوص فكرة التداول بين الأحزاب والتطبيع مع الحياة السياسية. هل تعتقدون أن هذا النموذج متوفر في المغرب اليوم؟ في تقديري، نحن ملزمون اليوم بالدخول إلى حياة سياسية طبيعية، لسنا مخيرين، فالدولة الصاعدة يجب أن تكون سياسيا ومؤسساتيا واجتماعيا واقتصاديا جاهزة، الزمن اليوم لا يرحم، إنه زمن التنافسية، المبنية على مؤشرات واضحة، تتضمن الحريات وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية والتوازنات المجالية وحقوق الفقراء ومكتسبات الفئات المتوسطة، وغيرها..اليوم، القوى السياسية والشعب والدولة غير مخيرين، ولا مجال للعب، هناك ضمير سياسي يتحرك، وإرادة بين مختلف الفاعلين في القرار السياسي والحزبي، بشأن التطبيع مع العمل السياسي، وفي المقابل وبكل تأكيد هناك فئات من الداخل والخارج ستحاول عرقلة هذا المسار، لأنها لن تستفيد من هذه التحولات، هؤلاء، هم المتضررون من التنافسية الشريفة والشراكة مع القطاع الخاص ومنظومة الإصلاحات ومعايير الشفافية، ولن يقبلوا طبعا أن تضيع امتيازاتهم السابقة.وفي الحياة السياسية أيضا، هناك من كان يصل إلى السلطة عبر مسارات معروفة، سيكون اليوم ضد هذا التحول.فهناك مجموعة من المجالات، يستفيد أصحابها من الغموض والضبابية، هؤلاء لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وسيحاولون إفساد أي نوع من الإصلاح، سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو قانونيا، وطبعا هؤلاء لا يظهرون حقيقة أهدافهم. هل هم موجودون بقلة أم بكثرة؟ هم أقلية لكن أحيانا تكون لهم قوة تأثير مالي وسياسي وإعلامي واقتصادي، ومع مرور الزمن شكلوا علاقات، ولهم قدرة كبيرة على التحرك.للأسف المسار الذي سار فيه المغرب كان في مصلحة هذه الأقلية، وهذا ليس كلامي، فتقرير الخمسينية، تحدث عن مجموعة من الاختلالات، وبنيت عليه مجموعة من الاستراتيجيات في عهد جلالة الملك، و المغرب لا يقبل بفكرة القطيعة، وهذا اختيار ذكي، نحمد الله عليه. المغرب تبنى عملية الانتقال إلى الإصلاح. وهذا التحول في إطار الاستمرارية والإصلاح في إطار الاستقرار، يجب أن يندمج فيه الجميع، واليوم لا أحد يطلب من هذه الفئة أو تلك المحاسبة، إلا في حالة وجود دليل إدانة، بل إن هذه الفئة التي تحدثنا عنها مطالبة أكثر من غيرها بالمشاركة في عملية الإصلاح والانخراط في المنظومة الحالية. الباب مفتوح، لكن إذا تبث أن شخصا ما سرق، فهذا موضوع آخر، يقتضي مسطرة قضائية، لكن ما دام الجو العام يسمح بالشفافية والتنافسية، لا يمكن الحديث عن القطيعة، فالتوجه العام الحالي يستوعب الجميع. الهدف هو تحفيز وتشجيع كل مكونات المجتمع والفاعلين، وإحداث نوع من المصالحة بإدماج الجميع، من أجل مستقبل تحقيق الدولة الصاعدة، و"من عاد فينتقم الله منه".فبعد المصالحة السياسية، والمصالحة الحقوقية، اليوم ننتقل تدريجيا نحو مصالحة اقتصادية، لإدماج الجميع في الحركة الاقتصادية، وهذا يحقق نوعا من الإنصاف الاجتماعي.فلا يعقل أن جلالة الملك أطلق مبادرة وطنية للتنمية البشرية، ونجد من يتلاعب بها، لا يعقل أن نجد من يتلاعب بأموال الارامل، ومن يعمل على تغليط السلطة بشأن حقيقة أعداد هؤلاء الأرامل، هذه فئات عاجزة تتطلب تضامن الدولة والمجتمع، من أجل إدماجها في التنمية، وأنا مع فكرة تجريم مثل هذه التلاعبات، ولابد من عقوبات قاسية، لأن الأمر لا يتعلق فقط بتزوير وثائق للحصول على منفعة، بل إلى إفشال مشروع أمة بكامله. التحولات التي تحدثتم عنها تتزامن مع وجود اتهامات بعودة التحكم السياسي، ألا يتخوف العدالة والتنمية؟ هذه الحكومة تشتغل بتنسيق بين مختلف مكوناتها، والمشاريع التي تشتغل عليها تحظى بمباركة وإشراف من جلالة الملك. أنا أتفهم بعض الأصوات التي تقول بأن العدالة والتنمية، يقدم تضحيات لصالح البلاد، لكن في تقديري يجب المحافظة على الحزب لأن البلاد في حاجة إليه، فالأفضل أن تكون حزبا من الأحزاب المتوسطة، في بلد قوي، على أن تكون حزبا قويا في دولة ضعيفة. ما الفائدة أن يكون "البيجيدي" الحزب الأول في دولة تبحث عن ذاتها، لكن أن تكون الثاني أو الثالث أو الرابع، في دولة قوية هذا هو المنطقي.شخصيا، ليست مقتنعا بتراجع حزب العدالة والتنمية، وحتى إن حصل ذلك لا يمكن أن تقع عملية مقايضة، فالحزب لا يتقنها، وليست جزءا من قناعاتنا، المقايضة رفضناها في بناء التحالف الحكومي الأول، ولو قبلنا المقايضة لأجلنا الإصلاحات حفاظا على صورتنا لدى المغاربة. أجرى الحوار إحسان الحافظي

رباح: لا نخاف مواجهة الناخبين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الداخلية تعيد أكثر من 15 ألف مهاجر سري إلى بلدانهم

ضم 6500 هكتار بعبدة

مقالات ذات صلة