بنمنصور: لا يمكن إنتاج السكن المتوسط في المدن الكبرى

قال يوسف بنمنصور، رئيس الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، إن إنتاج السكن المتوسط، يتطلب اعتماد مجموعة من الإجراءات المواكبة من أجل تحفيز المنعشين على الانخراط في هذا الورش، مضيفا إلى أنه تتعين إعادة النظر في بعض مقتضيات التعمير، مثل معيار استعمال الأرض، وعدد الطوابق المسموح بها، وذلك لتمكين المنعش من تقليص تأثير كلفة العقار بالمدن الكبرى في سعر البيع. تضمن مشروع قانون المالية قرارا يقضي بفرض الضريبة على القيمة المضافة على القروض الممنوحة للمنعشين العقاريين، كيف تقرؤون هذا الإجراء؟ في الحقيقة فإن القرار المتضمن في مشروع القانون المالية للسنة المقبلة القاضي بفرض الضريبة على القيمة المضافة على القروض الممنوحة للمنعشين العقاريين غير مفهوم ويحتاج إلى توضيح، فالمنعشون العقاريون يؤدون حاليا الضريبة على القيمة المضافة على القروض التي يحصلون عليها ويتم استردادها من الدولة في ما بعد. لذا، فإن الضريبة على القيمة المضافة مفروضة حاليا، ما يثير التساؤل حول المعنيين بهذا الإجراء، ويتطلب الأمر توضيحا من وزير الاقتصاد والمالية لرفع أي لبس. ما تزال وتيرة إنتاج السكن للفئات المتوسطة محدودة، رغم التعديلات التي طرأت على العرض الحكومي، ما السبب؟ وقعت الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين على اتفاقية مع وزارة السكنى وسياسة المدينة يعبر من خلالها المنعشون العقاريون عن استعدادهم للمساهمة في برنامج إنتاج السكن الموجه إلى الفئات المتوسطة، وذلك بعد التعديلات، التي جاء بها مشروع قانون المالية 2015، إذ أصبح السعر 6 آلاف درهم للمتر المربع دون احتساب الرسوم. لكن الفاعلين في القطاع أبدوا، خلال توقيعهم على الاتفاقية تحفظا، بالنسبة إلى المدن الكبرى، نظرا إلى أن سعر العقار بهذه المدن مرتفعا جدا، ولا يمكن إنتاج منتوج للفئات المتوسطة بسعر مقبول في ظل ارتفاع تكاليف الوعاء العقاري. ووعدت السلطات الحكومية المنعشين العقاريين بإعادة النظر في بعض مقتضيات قوانين التعمير، وذلك بما يسمح للراغبين في الاستثمار في هذا الصنف من السكن بإنتاج أكبر عدد من الشقق، من خلال رفع عدد الطوابق المسموح بها من 4 طوابق، حاليا، إلى 6 أو 7 طوابق، إضافة إلى إدخال تعديلات على معامل استعمال الأرض (COS)، الذي يحدد عدد الأمتار المسموح ببنائها داخل بقعة معينة، ويقترح المنعشون العقاريون، بالنسبة إلى المناطق التي يحدد فيها هذا المعامل في 1، أن يتم رفعه إلى 2 أو 2.5، وهكذا سيسمح هذا التعديل برفع عدد الأمتار المسموح ببنائها، في بقعة 10 آلاف متر مربع، من 10 آلاف إلى 25 ألف متر مربع، وبذلك يمكن تحمل تكلفة الأرض المرتفعة، إذا ما تم توزيعها على عدد أكبر من الشقق المسموح ببنائها. وهكذا يمكن للمستثمر تقديم منتوج بسعر في متناول دخل الفئات المتوسطة، علما أن هذه الفئة تتمركز في الغالب في المدن الكبرى. ولا يطرح، بالمقابل، أي مشكل في مدن أخرى، مثل فاس ومكناس حيث أن سعر الأرض يظل منخفضا نسبيا، فهناك عدد من المشاريع التي تنجز في هذا الإطار، لكن المشكل يظل مطروحا في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، التي لا يمكن أن تجد فيها مسكنا بسعر في حدود 6 آلاف درهم دون احتساب الرسوم. وهكذا فإن أي مستثمر سيفضل الاستثمار خارج التعاقد مع الدولة، مادام يمكن أن يسوق منتوجه بسعر يتراوح بين 8 و 9 آلاف درهم، لذا يتعين اعتماد التعديلات التي أشرت إليها سابقا وسبق أن وعدت بها السلطات المسؤولة، من أجل رفع جاذبية هذا العرض بكم تقيمون الخصاص في السكن المخصص للفئات المتوسطة؟ التزمنا في العقد، الذي أشرت إليه سابقا، بإنجاز 20 ألف سكن، لكن المعطيات المتوفرة تشير إلى عجز في السكن المتوسط يتراوح بين 20 و 25 ألف سكن سنويا. نلاحظ تراجعا في إنتاج السكن الاجتماعي رغم وجود الطلب، ويعكس ذلك التراجع المسجل في مبيعات الإسمنت، ما السبب في ذلك؟ ليس هناك تراجع في إنتاج السكن، إذ أن حجم الإنتاج، إلى غاية غشت الماضي، تجاوز ما تم إنتاجه خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية، ويرتقب أن يكون الإنتاج، مع نهاية السنة الجارية، أحسن من السنة الماضية. لكن التراجع يهم وتيرة فتح الأوراش السكنية، بفعل أن الوتيرة كانت مرتفعة خلال سنتي 2011 و 2012، وتم تخفيضها، حاليا، في انتظار اتضاح الرؤية ومعرفة تطور السوق، لأن في بعض المدن سجل تراجع في الطلب، بالنسبة إلى السكن الاجتماعي، بالنظر إلى أن العرض كان وافرا في مدن مثل فاس ومكناس، لكن ليس هناك تراجع ملحوظ، إذ أن النسبة لا تتعدى 2.5 في المائة، في حين أن المدن الكبرى ما تزال تعرف طلبا متزايدا، بالنظر إلى حجم الخصاص.أما في ما يتعلق باستهلاك الإسمنت، بالفعل سجلت تراجعا بنسب تتراوح بين 4 و 5 في المائة، وذلك إلى غاية شهر غشت، علما أن حجم المبيعات سجل تراجعا، أيضا، خلال السنة الماضية، لكن التراجع مسجل يرجع بالدرجة الأولى إلى الاستثمارات العمومية التي تقلصت، مثل مشاريع البنيات التحتية والسدود، ما انعكس على استهلاك الإسمنت. وهكذا، فإن التراجع في استهلاك الإسمنت لا يرتبط بنشاط الإنعاش العقاري، بل بتراجع مشاريع الدولة. ما هو فرع النشاط العقاري الذي يعاني فيه المستثمر صعوبات؟ مما لا شك فيه أن الوتيرة التي كان يسير عليها القطاع في السنوات الأخيرة تراجعت نسبيا، خاصة في بعض الفروع، فهناك بعض فروع النشاط التي تحافظ على أدائها، في حين أن أخرى تعرف بعض الصعوبات. وفي هذا الإطار يمكن القول إن فرع السكن الاجتماعي ما يزال يسير بوتيرة جيدة، إذ ما يزال هناك إنتاج وطلب ولا يعاني القطاع في هذا الجانب من مشاكل كبيرة. كما أن المنعشين الذين ينتجون السكن المتوسط (الصنف الأدنى) لا يواجهون أي صعوبات، في حين سجل تراجع نسبي في الطلب بالنسبة إلى السكن المتوسط (الصنف الأعلى). ولا يعرف السكن الراقي الرئيسي في الإقامات والعمارات مشاكل، لأن العرض يساير الطلب، كما ل توجد مشاكل في فرع الفيلات، خاصة المخصصة للسكن الرئيسي. لكن المشكل الحقيقي مطروح بالنسبة إلى منتجي السكن الثانوي، إذ كانت هناك وفرة في العرض خلال السنوات الأخيرة، ما غطى الطلب، وعليه لم يعد هناك طلب إضافي لامتصاص العرض المتزايد من هذا الصنف من السكن، كما أن المغاربة المقيمين بالخارج، الذين يعتبرون من زبناء هذا الفرع من النشاط تأثروا بالأزمة في بلدان الإقامة، ما جعلهم يحجمون، خلال السنتين الأخيرتين، عن اقتناء هذا الصنف من السكن. ويعمد، حاليا، أصحاب المشاريع إلى مجموعة من التحفيزات من أجل تسويق منتوجاتهم. وعموما، فإن وتيرة أداء القطاع تراجعت، بالمقارنة مع مستواها، خلال سنوات 2007 و 2008 إلى غاية 2010. ما هي العوامل التي تؤثر في أداء القطاع حاليا؟ هناك مجموعة من العوامل من أبرزها مشكل التمويل البنكي، فمن بين أسباب تراجع الطلب على السكن المتوسط (الصنف الأعلى) أن البنوك لم تعد تمنح القروض لزبناء هذا الفرع، نظرا لأن المؤسسات البنكية تعتبرهم لا يتوفرون على الملاءة المالية، إذ ليس لهم ادخار سكن كاف، كما أن مداخيلهم لا تكفي للاستفادة من قروض تمكنهم من تمويل اقتناء هذا الصنف من السكن، علما أن البنوك كانت تقرضهم في السابق، لكن خلال السنتين الأخيرتين لم تعد تقدم لهم قروضا. بالموازاة مع ذلك، فإن البنوك لم تعد تقبل بإقراض المنعشين العقاريين الذين ينجزون هذا الصنف من المشاريع السكنية. لكن يمكن القول، بالمقابل، إن القطاع البنكي ساهم بشكل كبير في إنعاش هذا القطاع، إذ أن وتيرة منح القروض سجلت نموا بنسب تتجاوز 10 في المائة، خلال 2005 و 2006، في حين أن معدل النمو القروض الممنوحة للقطاع لا تتجاوز، حاليا، 5 في المائة سنويا، وتمثل 26 في المائة من إجمالي القروض الممنوحة من قبل المؤسسات البنكية، ما جعل القطاع البنكي يحتاط من رفع الحصة أكثر من ذلك. مما لا شك فيه أن هذا التوجه انعكس على أداء القطاع العقاري، الذي تلعب فيه القروض دور المحرك. ونعتبر أن التشدد في منح القروض ليس بالسياسة الرشيدة، إذ أن مستوى الدخل بالمغرب معروف، وإذا لم تكن هناك قروض فلا يمكن لشرائح اجتماعية واسعة الولوج إلى السكن لافتقارها إلى الموارد اللازمة لتمويل اقتنائه، خاصة ما يتعلق بالفئات المتوسطة، التي ما تزال تحتاج إلى مزيد من الاهتمام من قبل الدولة. وقدمنا، في هذا الصدد، مجموعة من المقترحات من أجل إدماجها في مشروع قانون المالية، منها السماح للمقترضين بخصم فوائد القروض التي يؤدونها من الأجر الخاضع للضريبة، وذلك دون تحديد سقف معين، إضافة إلى خصم الأقساط المخصصة للاكتتاب في مخططات الادخار من أجل السكن. لكن هذه المقترحات لم تؤخذ بعين الاعتبار في مشروع قانون المالية الحالي. أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي

بنمنصور: لا يمكن إنتاج السكن المتوسط في المدن الكبرى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إصلاح المقاصة : قرارات ألغت الدعم عن البنزين والفيول

محكمة النقض تنهج سياسة الانفتاح

مقالات ذات صلة