بوسعيد : سنحـارب التملـص الضريبـي والتهريـب

أكد محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، أن مشروع ميزانية 2015 مبني على فرضيات واقعية (4.4 في المائة نسبة نمو، و4.3 في المائة نسبة عجز الميزانية)، مضيفا أن المشروع يقدم إجابات حول معادلة تحفيز الاستثمارات والنمو والحفاظ، في الوقت نفسه، على التوازنات الماكرو اقتصادية، لكنه ينفي أن يكون المشروع تقشفيا، لأنه لا يُلغي النفقات، ويحفز على الاستثمار ودعم التشغيل. وأبرز بوسعيد في حوار مع «الصباح» أن الحكومة لا تلجأ إلى الاقتراض إلا لتلبية حاجيات محددة، وأن تقليص مستوى العجز، ورفع حجم النمو هما الكفيلان بمعالجة ظاهرة الاقتراض. وأكد الوزير أن كتلة الأجور، وإن ظلت تطرح إشكالية، إلا أنها أصبحت اليوم مستقرة في حدود 11 في المائة من الناتج الداخلي، مشددا على ضرورة مواصلة جهود تقليص هذه النسبة إلى أدنى مستوى ممكن، خاصة من خلال التدبير العقلاني للمناصب المالية. في ما يلي نص الحوار: فشلت الحكومة في توسيع مداخيل الميزانية، وراهنت على إدماج القطاع غير المهيكل، لكن نجحت أساسا في توفير عائدات مالية عبر تقليص أعباء صندوق المقاصة، ما هي أسباب هذا العجز ؟ لدينا رؤية واضحة بالنسبة إلى توسيع حجم المداخيل، من خلال توسيع الوعاء الضريبي والرسوم الجمركية، ونشتغل على مسألة الإسراع في تطبيق الحلول الممكنة على هذا المستوى، وبالتالي، فإن ما ينبغي دعمه مستقبلا هو رفع وتيرة محاربة التملص والغش الضريبي والتهريب وهي إجراءات ستكثف الحكومة وتيرة مباشرتها السنة المقبلة، لأنه لا يمكن أن نقبل استمرار بعض الظواهر التي تنعكس سلبيا على الموارد، سواء تعلق الأمر بالتملص الضريبي أوالتهريب أواستفحال القطاع غير المهيكل. ولا أقصد هنا بالذات، القطاع الصغير الذي يستلزم حلولا اجتماعية، بل نتحدث بالأساس عن قطاع ضخم يضر بالتنافسية النزيهة والشريفة، وهو ما ينبغي أن يُحارب بأساليب مشروعة عن طريق تطبيق القانون والتحسيس، قصد حماية الاقتصاد الوطني من إغراق السوق. نحن نسهر على حماية منتوجنا الوطني بالوسائل القانونية الممكنة حتى لا يتحول المغرب إلى سوق يتم إغراقه بمنتجات لا تحترم ما هو منصوص عليه في القوانين والاتفاقيات الدولية. هناك إجراءات لحماية الاقتصاد الوطني من ظاهرة الإغراق. على مستوى صندوق المقاصة، شرعنا في إصلاحه، وسنواصل من أجل الحفاظ على التوازنات المالية وتوفير هوامش إضافية توجه للاستثمار المنتج والخدمات الاجتماعية. من بين انتقادات المعارضة لمشروع ميزانية 2015، استمرار النزعة الحكومية نحو الاقتراض، ما موقفكم من ذلك؟ الحكومة لا تلجأ إلى الاقتراض إلا لتلبية حاجيات محددة، والمديونية مرتبطة بالعجز في الميزانية، وكلما ارتفع العجز، كلما تزايدت الحاجة إلى الاقتراض، لذلك اتخذنا شعار التحكم في العجز والعمل على تقليصه تفاديا للجوء إلى الاقتراض. وبالفعل، فإن حجم المديونية لم يتجاوز ما بين 63,5 و 64 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يمكن أن نعتبره إنجازا هاما يعود الفضل في تحقيقه إلى تقليص العجز وثانيا التعبئة الكبيرة لاستقطاب التمويل الخليجي، إضافة إلى الزيادة في توفير ودائع الخزينة، هذه من ضمن العوامل التي ستمكننا من ضبط المديونية. هناك قاعدة سهلة مفادها أنه كلما كانت نسبة النمو المسجلة تفوق نسبة العجز، تستقر المديونية في مستوى معين، لذلك، فإن رفع نسبة النمو هو الكفيل بمعالجة مشكلة المديونية. من بين الانتقادات العامة التي وجهتها المعارضة إلى مشروع ميزانية 2015، أنه لم يتأسس على رؤية واضحة وفرضيات واقعية، عدا أنه يكرس التوجه التقشفي، على حساب الاهتمام بالقطاعات الاجتماعية؟. المشروع لا يخضع لأي توجه تقشفي، كما تصفه بعض أطياف المعارضة، بل هو إرادي يروم الإجابة على معادلة تقوم على زيادة الاعتمادات والمصاريف في ما يتعلق بدعم الجانب الاجتماعي والمقاولة وتسريع وتيرة التنمية، مع الأخذ بعين الاعتبار، في الوقت نفسه، الحفاظ على التوازنات المالية. إن إعداد مشاريع قوانين المالية يخضع لسياقات وطنية ودولية، ويستحضر الإكراهات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية المطروحة في الساحة، إقليميا ووطنيا ودوليا. لا يمكن إغفال علاقتنا مع شركائنا الأروبيين. هناك تفاعل في ظل الاقتصاد الوطني المنفتح، وقد تم إعداد مشروع الميزانية لسنة 2015 في ظل استمرار ركود اقتصاديات منطقة الأورو بسبب تداعيات الأزمة الأوكرانية، وخفض توقعات النمو الاقتصادي لمنطقة الأورو لسنة 2014، واستمرار الاضطرابات الجيوسياسية خاصة في منطقة الشرق الأوسط. ويتأسس مشروع الميزانية على أربعة مرتكزات هي تحسين تنافسية الاقتصاد الوطني وإنعاش الاستثمار الخاص ودعم المقاولة، وتسريع تنزيل الدستور والإصلاحات الهيكلية الكبرى، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وإنعاش الشغل، وأخيرا مواصلة مجهود الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرو اقتصادية.والميزانية تُبنى على فرضيات تنطلق من مجموعة من العوامل والمحددات، وليس من تكهنات أو معطيات نابعة من فراغ، حتى ولو أن هذه الفرضيات قابلة لأن تتأثر بعوامل خارجية. مشروع الميزانية ليس تقشفيا، بل يتضمن مقتضيات تروم تحفيز الاستثمارات، ودعم القطاعات الاجتماعية، ومواصلة دعم التماسك الاجتماعي الذي خصصت له اعتمادات تفوق 4 ملايير درهم. ركزنا فقط على ضرورة ترشيد النفقات وحصرها في الأولويات وفي المشاريع التي تسهم في التنمية. توزيع الأغلفة المالية يتم بحسب حاجيات كل قطاع، والأولويات تعطى للشغل وإنعاشه وتحريك الاستثمار الخاص من خلال التصنيع والتوجه نحو الشراكة بين القطاع العام والخاص. الاستثمار هو السبيل الوحيد لإحداث الدينامية في مجال خلق مناصب الشغل إلى جانب دعم المقاولة ، خاصة الصغرى والمتوسطة، ومواكبة الإصلاحات الهيكلية الكبرى، وإصلاح المقاصة وأنظمة التقاعد والنظام الجبائي. مشروع الميزانية ملائم لهذا التوجه، وقد تم إعداده وفق التوجيهات الملكية المتضمنة في خطب جلالته لمناسبة عيد العرش وذكرى ثورة الملك والشعب وافتتاح السنة التشريعية، إلى جانب التزامات البرنامج الحكومي وأولويات وآفاق العمل الحكومي للنصف الثاني من الولاية الحكومية. هل هاجس التحكم في كتلة الأجور من ضمن العوامل التي جعلت الحكومة تتجه نحو ضبط عدد مناصب الشغل المحدثة؟ كان النقاش السائد المُثار في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2012، هو نظام المقاصة، أما برسم قانون المالية لسنة 2013، فقد انصب النقاش حول المديونية ، واليوم أصبح النقاش برسم مشروع قانون المالية لسنة 2015، ينصب حول نفقات الموظفين، وهذا يعني أننا لم نبق حبيسي المواضيع نفسها، وهو أمر جيد لأنه يؤشر على أننا نتقدم في كل المواضيع التي نثيرها. بالنسبة إلى نفقات الموظفين صحيح أنها تطرح إشكالا، إذ أن كلفة أجورهم، إضافة إلى التحملات الاجتماعية ثم التقاعد ونفقات موظفي المؤسسات العمومية، تجعل حجم النفقات يصل إلى 140 مليار درهم، مقابل 180 مليار درهم بالنسبة إلى الموارد الجبائية، وهذا رقم كبير جدا، ومعادلة صعبة، ورغم ذلك، أعتقد أن كتلة الأجور بالنظر إلى ارتفاعها في السنوات الماضية أصبحت اليوم مستقرة في حدود 11 في المائة من الناتج الداخلي. وعلينا أن نواصل جهود تقليص هذه النسبة. ولكي نصل إلى ذلك، فإن السبيل هو التدبير العقلاني للمناصب المالية، لأنه حتى في حال التحكم في أعداد الموظفين وعدم الزيادة في مناصب الشغل، فإن كتلة الأجور ترتفع بشكل تلقائي وآلي بفعل الترقيات، وأعتقد أن الأهم والأساسي يتجلى في رفع مردودية وفعالية الإدارة ، لأن الكلفة يجب أن تقاس بالنتائج. يجب أن تكون هناك إنتاجية وفعالية أكثر للإدارة، لكي تسهم في النمو بفعالية أكثر، وكلما ارتفع النمو انخفضت نسبة كتلة الأجور مقارنة مع الناتج الداخلي الخام. أجرى الحوار: جمال بورفيسي

بوسعيد : سنحـارب التملـص الضريبـي والتهريـب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

القناة الثانية تصور سهرة نهاية السنة

دراسة في القانون : الحجز التحفظي بمشروع قانون المسطرة المدنية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات