ساعة تفضح قاتل صديقه

نباهة عناصر الشرطة أفشلت مناوراته بعد تمكنه من إخفاء أدلة جريمته استغرق البحث في ظروف وأسباب وحيثيات مقتل شخص في حادث اعتداء جسدي بواسطة فأس، مما تسبب في وفاته على الفور،في ضواحي أكادير، شهورا دون أن ينفع مساره التقليدي في فك لغز جريمة محيرة، بذلت الضابطة القضائية مجهودا مضاعفا بخصوصها، دون جدوى، لكن ظهور ساعة يدوية عجل بسقوط الفاعل، الذي أصر على الإنكار، قبل أن يعترف في صحوة ضمير أنه من نفذ الجريمة. تقدم شخص إلى ولاية الأمن بأكادير في الساعة السادسة صباحا، من يوم الاثنين 14 فبراير2011، وهو يلهث من شدة الخوف ويتلعثم بخبر العثور على صديقه جثة هامدة، بمنزلهما المشترك، وانتقل رئيس الشرطة القضائية إلى مسرح الجريمة، وعاين جثة الضحية، مضرجا في دمائه، وقام بعملية المسح، واستغربت المصالح الأمنية غياب أداة الجريمة، قبل أن يأمر بنقلها إلى مصلحة حفظ الأموات بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، وأمرت النيابة العامة بإخضاعها لعملية التشريح الطبي لتحديد أسباب وملابسات الوفاة. حيرة الضابط فتش مساعد رئيس الشرطة القضائية جيوب الهالك وجميع ملابسه، فلم يعثر على ما يفيد البحث والتحقيق، وأثار انتباه الضابطة القضائية خلو المنزل من أداة الجريمة، وكذا غياب أي كدمة أو ضربة في جسد الهالك، ما جعلها تخلص إلى أنه تعرض لاعتداء بواسطة أداة حادة، كما أدركت بفضل خبراتها ودرايتها بأسرار الجرائم والمجرمين، أن الجاني أو الجناة هدفهم الاعتداء على الهالك. باشرت الضابطة القضائية أبحاثها وتحرياتها بالاستماع إلى تصريحات صديق الهالك، وشريكه في المنزل، فصرح أنه يشتغل في أحد فنادق أكادير، ومباشرة بعد خروجه من العمل في الساعة الخامسة صباحا، توجه إلى المنزل، فوجد صديقه مضرجا وسط الدماء وخرج بسرعة، وتوجه إلى ولاية الأمن ليخبر عن الحادثة، مضيفا أن علاقته معه كانت جيدة وطيبة، مشيرا إلى قلة التقائهما، بحكم أن الضحية يشتغل نادلا بالنهار بإحدى المقاهي، وصديقه يشتغل بالليل بأحد الفنادق. ووسعت الضابطة القضائية من دائرة المستمع إليهم، وانتقلت إلى محيط سكنهما، والمقهى التي يشتغل فيها الهالك، والفندق الذي يعمل فيه الصديق، فأكدوا جميعا أن الهالك شاب نشيط دائم البشاشة، ويستقبل زوار المقهى بابتسامة عريضة، وليس له أعداء. ووجد رئيس الشرطة القضائية نفسه في حيرة كبيرة، وطلب من مساعديه التوجه لبيت عائلة الهالك، والبحث عن أصدقائه وصوره وعلاقاته. صور تكشف المستور ظل رئيس الشرطة القضائية حائرا، ووجد نفسه عاجزا عن فك لغز هذه الجريمة الغامضة، لكنه لم ييأس ليقينه أنه لا وجود لجريمة كاملة، إذ لا بد أن يتم الكشف عن المستور في يوم من الأيام، وطلب من مساعديه مراقبة صديق الهالك، وتتبع خطواته. ومن بين علامات الشك التي حامت حول ظروف وفاة الضحية، أن المرتكب للجريمة تمكن من إخفاء جميع الأدلة، إلى درجة أنه لا توجد أي بقعة دم خارج مسرح الجريمة، ورغم كل محاولات المحققين لانتزاع اعتراف من صديقه، بدا مصرا على تصريحاته، ونفى أي علاقة له بالحادث. وأثناء مراجعة بعض صور الهالك، كشف رئيس الشرطة القضائية أن الهالك في أغلب صوره يحمل في معصمه الأيسر ساعة يدوية سوداء اللون، وهي الساعة نفسها التي يرتديها صديقه، وأثناء إعادة الاستماع إليه، أجاب تلقائيا أن الساعة هي ملكه وأنه يرتديها منذ زمان، واشتراها من سوق إنزكان، فبدأت الشكوك تحوم أكثر حول صديقه، وبعد مواجهته بالصور، أنكر وتشبث بالإنكار. خبرة تربك حسابات المتهم بعد ظهور نتائج الخبرة على الساعة، أكدت أنها كانت للهالك، لكنه ظل ينكر، ويؤكد أن ساعته تشبه ساعة الضحية، نافيا وجود حسابات شخصية بينهما، لكن الساعة اليدوية فكت لغز تلك الجريمة الغامضة، واضطر المحققون لتكثيف البحث داخل المنزل ومحيطه، ورغم صعوبة انتزاع اعتراف واضح وصريح بما اقترفه في حق الهالك، إلا أنه بعد مطالبة فريق المحققين المتهم بتبرير الخبرة التي تؤكد أن الساعة تعود إلى الهالك، لم يجد أي تبرير يقدمه لهم، وبدت روايته مضطربة، ولا تستند إلى منطق، ما جعله يتراجع عن إنكاره. واعترف المشتبه فيه أنه كان وراء قتل صديقه، بعد عودته من العمل ذلك الصباح، وأضاف أن الهالك كان يستعد للزواج، ومغادرة منزلهما، مؤكدا أنهما يقطنان في ذلك المنزل منذ 10 سنين، وتوسل إليه عدم تركه، وتأخير زواجه لسنة أخرى، وكشف المتهم أن البنت التي سيتزوج كانت تجمعه بها علاقة حب، وتحبه لكن ظروفه المادية لا تسمح له بالزواج بها، قبل أن يتبين له أنها البنت نفسها التي حكى له عنها ليقرر الإجهاز على غريمه. وواصل المتهم اعترافه، بأنه دخل المنزل يحمل "شاقور"، فوجد صديقه نائما، ما سهل عليه ضربه بتلك الأداة الحادة على رأسه، فأرداه قتيلا على الفور، وقام بجمع الملابس وأداة الجريمة، في كيس بلاستيكي، وتوجه إلى واد قرب أكادير أوفلا فأشعل النار فيه، بواسطة البنزين، وقصد ولاية الأمن لإخبار المصالح الأمنية بالعثور على صديقه جثة هامدة لإبعاد الشكوك عنه. الحكم بالإعدام توفرت لدى قاضي التحقيق بعد الاستماع للمتهم، دلائل كافية على قيام أركان جناية القتل، مع سبق الإصرار والترصد وارتكاب أعمال وحشية، وتأكد لديه أن الأفعال الإجرامية ثابتة في حقه. وأكد تقرير التشريح الطبي أن الهالك توفي إثر الاعتداء الذي تعرض له بسبب أداة حادة، مع ثبوت جناية القتل العمد مع سبق الإصرار، لتصدر غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف باكادير، قرارها بإدانة المتهم والحكم عليه بالإعدام بعد مؤاخذته، من أجل جناية القتل العمد مع سبق الإصرار. عبد الجليل شاهي (اكادير)

ساعة تفضح قاتل صديقه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحكومة تسحب قانون حماية المختلين عقليا

تبرئة أمنيين بفاس من الارتشاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات