شاطـئ سـلا… “ملوث وعامـر”!

مواطنون يرتمون في حضن مياهه الملوثة صباحا ويتوافدون على جنباته ليلا كيف يمكن الهروب من ارتفاع درجات الحرارة، بالنسبة إلى الكثير من المغاربة، دون الارتماء في حضن مياه الشواطئ؟ وكيف لهم الاستمتاع بأجواء الصيف المميزة، بأقل تكلفة، دون التوجه إلى أحد الشواطئ واللعب على رمالها، بعد إزاحة النفايات طبعا. شاطئ سلا، من الشواطئ التي يقصدها الكثيرون هربا من حر الأجواء وأيضا لقضاء ساعات تحت أشعة الشمس، ووسط مياه الشاطئ، وقريبا من «الزحام». إنه أحد الشواطئ الذي يشهد مع حلول كل صيف، هروبا جماعيا، رغم أن مياهه «ملوثة»، ولا ينصح بالسباحة فيه. إنجاز: إيمان رضيف/ تصوير (عبد المجيد بزيوات) كل الطرق بسلا، خلال فصل الصيف، تؤدي إلى الشاطئ. عائلات محملة بمختلف المستلزمات، تتجه في الصباح الباكر إلى ذلك المكان، وأخرى تنتظر حتى تتوسط الشمس السماء، لتشد الرحال إلى هناك للاستمتاع بأجواء الشاطئ وأيضا للارتماء في حضن البحر، فيما الشباب، يقطعون كيلومترات مشيا، للوصول إلى الشاطئ للعب الكرة والسباحة وأشياء أخرى أيضا. «الصباح» رصدت مشاهد من شاطئ سلا، ولمصطافين اختاروا الهروب من الحرارة واستنجدوا بالشاطئ، غير مبالين بتحذيرات الوزارة الوصية، التي أكدت أن شاطئ سلا من الشواطئ «الملوثة». الاكتظاظ المزعج تحرص عائلة الوهابي على التوجه إلى شاطئ سلا، مرتين، على الأقل في الأسبوع. تستعد لـ "الرحلة" ليلا، وتحضر مستلزماتها وما يمكن أن تحتاج إليه لقضاء ساعات في الشاطئ. يخرج أفراد الأسرة من المنزل صباحا في حدود الساعة التاسعة، وبعد دقائق قليلة يكونون هناك، لتنطلق «رحلتهم اليومية». غالبا ما تتكلف الأم، بعد الوصول إلى الشاطئ، بترتيب المأكولات التي حضرتها في الساعات الأولى من اليوم، فيما الأب يحرص على وضع «الباراسول» والكراسي، وفي أحيان أخرى، يدخل في نقاش مع أصحاب «البراسولات» والذين يفرضون على المصطافين الاستعانة بخدماتهم واكتراء الكراسي والطاولات والمظلات بأثمنة يحددونها بأنفسهم، فيما الأطفال يخرجون ألعابهم وكراتهم ويخلعون ملابسهم استعدادا للسباحة، قبل أن يوقفهم صراخ الأم التي تطالبهم بالتريث قليلا حتى تناول وجبة الفطور. الهدوء الذي تنعم به عائلة الوهابي، لن يستمر طويلا، إذ بعد دقائق قليلة، تبدأ أفواج من المصطافين في التوافد على المكان، ويختفي الهدوء تدريجيا، ليعم الاكتظاظ والفوضى. يقول رب الأسرة إنه يفضل التوجه إلى الشاطئ صباحا، قبل وصول مئات المصطافين والذين يسعون، أيضا، إلى الاستمتاع بأجواء الصيف، والهاربين بدورهم من لهيب الحرارة، مشيرا إلى أنه خلال الساعات الأولى من اليوم تكون الأجواء «مقبولة»، لكن بعد منتصف النهار يتغير الوضع، وتصير «لا تطاق» بسبب الاكتظاظ الكبير الذي يعرفه الشاطئ طيلة فصل الصيف، سيما خلال عطل نهاية الأسبوع. يقول الرجل إن الشاطئ يكتظ بالمصطافين، لأسباب كثيرة، منها قربه من بعض الأحياء الشعبية والتي تعج بالسكان، كما أن الوصول إليه بالنسبة إلى الأحياء الأخرى، لا يتطلب الكثير من العناء، علما أنه بسبب الاكتظاظ، يمكن أن تظهر بعض الخلافات بين المصطافين، ليضطر الأمن إلى التدخل وحل النزاعات. مياه ملوثة... أين المفر؟ بالنظر إلى الاكتظاظ الذي يعرفه شاطئ سلا، يصعب القول إن مياهه غير صالحة للسباحة، لكن الواقع يؤكد أنها ملوثة، حسب ما جاء في التقرير الوطني حول جودة مياه الاستحمام والرمال بشواطئ المملكة برسم 2023، المنجز من قبل وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة. فالمئات من العائلات تضرب بعرض الحائط كل تلك الحقائق التي جاء بها التقرير الرسمي، وتقصد هذا الشاطئ للسباحة والاستمتاع بوقتها، وهو ما يمكن أن يكلفها الكثير، ويكون السبب في إصابة البعض ببعض بأمراض جلدية، أو ربما لا تعلم بوجود هذا التقرير في الأصل، وتتوجه إليه دون أن تكون على علم أنها تسبح في مياه «ملوثة». أشار التقرير إلى أن بعض مناطق الاستحمام، منها شاطئ سلا، والذي يقصده يوميا مئات الأشخاص، تتعرض في بعض الأحيان لمصادر مختلفة من التلوث، وعلى وجه الخصوص ما تحمله المجاري المائية من مقذوفات المياه العادمة العشوائية غير المرخص لها، إضافة إلى ارتفاع كثافة المصطافين، وفضلات الحيوانات والنفايات الصلبة، مؤكدا أن هذه المصادر لها تأثيرات سلبية على جودة مياه الاستحمام. وأوصى التقرير بتطويق مصادر تلوث الشواطئ، مع الأخذ بعين الاعتبار الإجراءات المحددة بالتقارير البيئية لمياه الاستحمام، من أجل تدبير استباقي لمخاطر التلوث، والتي يمكن أن تؤثر سلبا على جودة مياه الاستحمام، عبر منع ومحاربة الصرف المباشر أو غير المباشر للمياه العادمة بمناطق السياحة، وكذا بمجاري المياه. «في كل سنة، يقال إن شاطئ سلا غير صالح للسباحة، لكن في كل مرة، يقصده آلاف الأشخاص ويسبحون فيه دون أي مشاكل»، يقول أحد المصطافين قبل أن يضيف أنه إذا كانت فعلا مياه هذا الشاطئ تشكل خطرا على المصطافين، فلابد من منع السباحة فيه، باعتبار أن السماح بها في ظل وجود هذا التقرير، يسائل المسؤولين والذين يتحملون مسؤولية ما يمكن أن يحدث للزوار، والذين غالبا ما يجهلون ما يتضمنه التقرير والتحذيرات التي أطلقها بداية موسم الصيف. وتابع الرجل حديثه بالقول إنه إذا كان فعلا الشاطئ غير صالح للسباحة ومياهه ملوثة، لابد من الاشارة إلى ذلك في لافتة كبيرة تنبه المصطافين لخطر يهددهم إذا أصروا على السباحة فيه. نهار وليل في الوقت الذي يقضي فيها الكثير من المصطافين ساعات النهار في السباحة في شاطئ سلا، يفضل البعض الآخر قصده مساء، وقضاء بعض الوقت فيه. يشعر أغلب زوار شاطئ سلا، بمتعة كبيرة خلال الفترة المسائية، حيث تعرف درجة الحرارة انخفاضا ، ما يجعل كثيرين يقصدونه للجلوس على الرمال، مستمتعين بتناول وجبة «اللمجة» المكونة من الشاي أو القهوة مع قطع من الفطائر. ويعرف الشاطئ خلال هذه الفترة، ارتفاع نسبة إقبال القادمين إليه أو المغادرين بعد ساعات من الاستحمام، بسبب ما يعرضه الباعة المتجولون من منتجات، منها الذرة المقلية بمختلف الألوان و»غزل البنات» وفطائر «البينيي» و»التفاح المعسل» والذرة المشوية والمثلجات وغيرها. «أبيع أزيد من مائة «بينيي» كل يوم، ما يساعدني على تحمل بعض تكاليف المعيشة التي أصبحت مرتفعة»، يقول عبد الغني، الذي يعمل في الصباح في ورش للبناء، وفي المساء يزاول مهنة ثانية لتوفير ما يحتاجه أبناؤه، خاصة مع اقتراب موعد الدخول المدرسي.

شاطـئ سـلا… “ملوث وعامـر”!

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مندوبية الثقافة بالحسيمة وسط الانتقادات

أباطرة يطيحون بعسكريين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات